الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسة، تنضم إلى الأسد وحلفائه في تدمير سورية

يزعم الأمريكي وحلفاؤه أنهم يريدون معاقبة " مجرم الحرب الأول " في العالم ، على جريمته في استخدام السلاح الكيماوي . إن معاقبة المجرم منذ أن عرفت الإنسانية قانون الجريمة والعقاب إنما تكون بالإمساك به ، وإنزال العقوبة فيه بشخصه ، أو سجنه للحيلولة بينه وبين أن يوقع الأذى في مزيد من الناس كلما سنحت له الفرصة لذلك .

في 20 / آب / من عام 2013 أفاق العالم على أبشع وأكبر جريمة ترتكب بغاز السارين ضد مدنيين عزل أغلبهم من الأطفال والنساء . ربما كانت تلك أكبر جريمة شهدها تاريخ استعمال السلاح الكيماوي في العالم . وهي الأكبر بلا شك منذ انتهاء الحرب الكونية . ألف وست مائة شهيد ، مئات الأطفال ومئات النساء ومئات المدنيين من الرجال اختلجت أجسادهم البريئة ، ثم أرغوا وأزبدوا ، وفاضت أرواحهم الطاهرة إلى بارئها ، تشكو إلى الملك العدل ظلم البشر ، وطغيان الطغاة ..

كل الذي فعله الرئيس الأمريكي ( الديموقراطي ) ( أبو خط أحمر ) يومها ، أنه دخل في صفقة مساومة مع المجرم أو مع محاميه لتكون كامل عقوبة المجرم أن يسلم سلاح الجريمة . فقط أن يسلم سلاح الجريمة ، مع الاستمرار في اعتبار المجرم ( كامل الأهلية ) العقلية والمدنية والأخلاقية ، وليظل هذا المعتوه البئيس ( رئيس دولة ) مفروضا على أبنائها في السعي للوصول إلى حل سماه الكذابون وما زالوا ( سياسيا )!! ( حل سياسي !!) ويسعون إليه بكل وسائل القتل والتدمير والاعتقال والتهجير والحصار والتجويع .

إن الذي لا يجوز أن ينساه السوريون ، ولا أدعياء الإنسانية من مشرعي القانون الدولي ، الذي لا يحترمه من شرعه إلا كاحترام الأسد وعصابته لدستور سورية وقانونها ، أن هؤلاء المتواطئين على دماء الشعب السوري ، لم يسألوا المجرم سؤالا جادا واحدا عن حقيقة ، السلاح الذي زعم أنه سلمه ، ولم تتحرك لجنة واحدة للتأكد أو التفتيش وراء المخزون السري والمختبرات السرية ، كما فعلوا مع العراق طوال أكثر من سنتين . وفي هذه من الدلالة على الاشتراك في الجريمة مافيه ..

بعد إفلات المجرم من العقوبة من جريمته الأولى ، وبعد شعوره بالاطمئنان إلى أنه طليق اليد مع شركائه في الظاهر ( الروس والإيرانيون ) وفي الباطن بقية فرقة ( حسب الله ) الدولية ، التي أصبح لديها مواعيد ثابتة للتراشق في مجلس أمن ..انطلق المجرم على سجيته في قتل السوريين آمنا من أي مساءلة وعقوبة بكل سلاح وصل إلى يده ، بما فيه السلاح الكيماوي السلاح الوحيد الذي يزعمون أنهم حظروه ، وسيعاقبون عليه ..

أكثر من مائتين وخمسين واقعة وثقتها المنظمات الحقوقية ( وليس الأطراف السياسية ) استخدم فيها ( مجرم الحرب الأول ) على مستوى العالم ، الغاز الكيمائي في قتل مدنيين عزل أبرياء ، لا أقول معارضيه ، ولن أقول ( مواطنيه ) ، بل هو الذي قالها منذ الأشهر الأولى للثورة ، وبلعها العام أجمع أنه ليس رئيسا لمن يقول له ( لا )من السوريين ، حقيقة أخرى أذكر بها الخنافس التي تتباكى على سورية إنسانها وعمرانها ، في معركة حماية الذات والوجود .

أكثر من مائتين وخمسين واقعة منذ آب 2013 حتى اليوم أي في خمسة أعوام ، بمعدل خمسين واقعة في العام ، بمعدل أربع وقائع في الشهر، بمعدل جريمة كل أسبوع ، هذا للذين لا يعرفون علم الحساب ..

استخدام الكيماوي ضد الإنسان السوري المستضعف والمستباح أصبح - مع كل شيء ورغم كل شيء ‘ حقا شرعيا مكتسبا لبشار الأسد ولزمرته ولحلفائه من روس وإيرانيين وحزبلاويين وغيرهم كثير..

وحين أنجز ما يسمى المجتمع الدولي ، آلية تحقيق ، تتمتع بشيء من المصداقية ، فصلت القول فيما جرى في (خان شيخون) منذ عام فقط ؛ قام مجرم الحرب الرديف بوتين بالانقلاب عليها في مجلس الأمن ، وإسقاطها كما يقوم كل العسكر في بلادنا بالانقلاب على إرادة شعوبهم ، والتسلط عليهم بالكيماوي وبقذائف الطائرات وبجنازير الدبابات ..

اثنا عشر فيتو روسي لحماية المجرم مع أساليب بهلوانية لفظية في إدانة الجريمة . ستة منها في توفير الحق في استخدام الكيماوي لمجرم الحرب الأول على مستوى العالم ، ولتوفير الحق المستدام في الإيغال في الجريمة بلا حدود .

ومرة أخرى بعد سبعة أعوام من الثورة ، وبعد خمسة أعوام على استخدام السارين الأول في غوطة دمشق ، يعود سماسرة السياسة والمال إلى المتاجرة بآلام الشعوب وقضاياها ، لينضم هؤلاء السماسرة إلى المجرم الأول في قتل السوريين وتدمير بلادهم.

إن ما نفذ على الأرض السورية نوع من الكوميديا السوداء ، من الأداء المضحك المبكي ، من الاستعراض البهلواني العسكري يذكرنا كثيرا بمسرحية ( البرجوازي النبيل ) ، البرجوازي الذي يريد أن يبدو إنسانا ونبيلا ومرهفا وعالما وأديبا وشاعرا وقائدا عسكريا في وقت معا .

إن جوهر الرسالة التي يرسلها التحالف الأمريكي - البريطاني - الفرنسي اليوم هو أن قتل الأطفال بكل سلاح غير الكيماوي مسموح ..!!!

إن الحقيقة الإنسانية والعدلية القانونية تؤكد :

إن أي عقوبة مزعومة تؤسس على قاعدة إفلات المجرم من العقوبة ، يعني التشجيع على الجريمة ، وتمكين المجرم من الاسترسال في ارتكابها . إن جرائم الحرب المركبة التي استبيحت في سورية أكبر بكثير من جريمة الكيماوي ، على عظم جريمة الكيماوي ونكارتها . إن قصف المدنيين بالسلاح الثقيل جريمة حرب . وإن حصار المدن والتجمعات جريمة حرب . وإن اعتقال الناس وتعذيبهم في معتقلات هي أشبه بالمحارق جريمة حرب . وإن تهجير الناس من بيوتهم جريمة حرب ..كل هذا يتم في عالم أصبح فيه الإنسان أهون شيء ، وأصبح القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان مادة للهزء والسخرية أو مدخلا لإقرار كل أنواع التمييز..

الشعب السوري الحر الكريم الثائر على العبودية وعلى الاستبداد وعلى الفساد ، لم يطلب مساعدة ولا مساندة من أحد ؛ كل الذي طلبه الشعب السوري من هذا العالم أن يحترم القوانين الدولية التي شرعها ، وأن يكون وفيا لمواثيق حقوق الإنسان التي توافق عليها ، ودعا إلى الإيمان بها واحترامها .

إن أبسط ما كان ينتظره السوريون من دور شرطي العالم القبض على المجرم ، وسوقه إلى ساحة المحكمة ، فإن لم يكن ، فإسقاط أهليته الإنسانية والحقوقية والمدنية ، وتنحيته عن أي دور في صناعة حاضر السوريين ومستقبلهم ..

يؤسفنا غياب الاستراتيجية الحقوقية والعدلية لوضع حد لمأساة السوريين . نستنكر المتاجرة بآلام السوريين وعذاباتهم ومستقبلهم . نرفض التماهي مع المجرم تحت عنوان محاسبته .

إن قانون الجريمة والعقاب بكل أبعاده الأخلاقية والمدنية يرفض هذه المسرحية المفبركة . ويؤكد أن ما يجري في سورية منذ سبع سنوات هو تواطؤ مع مجرم الحرب الأول واشتراك في الجريمة إلى أبعد الحدود ..

الرسالة إلى قادة الثورة السورية : أما للعاقل أن يعي دوره ، وأن يعرف عدوه من صديقه.. أما أنهم سيظلون يهذون كما كل من حولهم يهذون ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 768