ألعاب (ترامب) النارية في سورية

مركز أميه للبحوث والدراسات الإستراتيجية

ما جري أول من أمس في سورية يؤكد زيف الادعاءات الأميركية من الصراع الدائر هناك، ويكشف جوهر الموقف الحقيقي؛ وهو أن (ترامب) ضخم من حجم تصريحاته وتغريداته، لا ندري لماذا ؟ فهل ما قام به مجرد كذبة لتضليل العالم بشأن ما يجري في سوريه، وخاصة « موضوع حساب الأسد المكلف على استخدام الكيماوي»، وكانت ردة الفعل مثيرة للسخرية والاشمئزاز معاً، لم يعد أحد يصدق هذا الكذب الأمريكي، والذي بدت من خلاله أنها فعلاً ضالعة في الدم السوري، لا فرق بينها وبين روسيا، وإيران، والمرتزقة هناك ...، أثبت أميركا، وبريطانيا، وفرنسا أنها قادرة على التحرك عسكرياً في أي وقت تريد، وحتى خارج إطار مجلس الأمن الدولي، فقد هددوا، وتوعدوا مراراً بضرب نظام الأسد، صراحة لم نكن نعرف جازمين أن رد فعل (ترامب) الأخير ستكون بهذه الحماقة والسخف .

 تصريحات (ترامب) التصعيدية، ربما هي نتاج سلوك شخصي غير سوي، والمتتبع للأحداث وتغريدات (ترامب) يدرك تماماً أن الولايات المتحدة قد وزعت مهام تقاسم هذا السلوك لتشمل فرنسا، وبريطانيا، وكل منها أخذت طريقها في فبركة المسرحية (الترامبية)، وراحت الدول الغربية المرتبطة بأمريكا تتوعد لتطلق صواريخها العبثية، بل ألعابها النارية على المواقع السرابية في سورية .

 تصريحات ( ترامب) سمعناها بشأن جريمة «الكيماوي» والتي أصبحت لعبة مساومة أمريكية تُباع، وتشترى، الهدف منها تحصيل أكبر مكاسب اقتصادية ليس إلا .. وعلى حساب الدم السوري، في الوقت الذي بات يعرف كل العالم أن أميركا والغرب باتت تدعم نظام الأسد، وتحرص على بقائه، وبين الحين والآخر تأخذ القوى الغربية تلوّح بموضوع الكيماوي، وهي لعبة لمجرد المساومات بين القوى الدولية . المؤكد أن الإعلام الدولي والإقليمي قد وقع في مصيدة الرهان على رد فعل واشنطن ورفع سقف التوقعات السياسية والعسكرية.

 إن رد الفعل الأمريكي- البريطاني- الفرنسي على نظام بشار الأسد لأكبر دليل على أنها وأعوانها شريكة النظام السوري في جرائمه، كونها أكبر قوى عظمى على وجه البسيطة لا تريد أن تُحرك ساكناً ضد أبشع نظام وحشي في التاريخ الحديث، في الوقت التي تدعي بأنها حامية لحقوق الإنسان، ما يؤكد سقوطها الأخلاقي والقيمي، بما يحمله هذا السلوك في طياته نيات غير بريئة، بل وخبيثة، ومن خلال متابعة دقيقة لمسار مجريات السياسة الأمريكية وتوجهاتها في سورية، نجدها تخفي تماماً دوافعها الغامضة، وخاصة في فترة رئاسة ترامب، ففي الوقت الذي يعلن قرب انسحابه من سوريا، يقوم برفع سقف التوقعات من خلال تغريدات نارية على أثر جريمة الكيماوي، ترجمت من خلال إطلاق العاب نارية استعراضية ضد نظام بشار الأسد، ثم يُتبعها بتصريح يكذب فيه الرئيس ماكرون برغبته البقاء في سورية؛ لأنها فعلياً لم تعد تعنيه، لا شك بأن واشنطن باتت تجزم أن هندسة المنطقة لا يمكن أن تكون إلا وفق الفوضى غير الخلاقة والابتزاز، واستمرار استهداف الشعوب وتدميرها، تحت مختلف الأقنعة والذرائع مثلما يحدث الآن ضد الشعب السوري الأعزل، وفي خضم المتغيرات والمستجدات يمكن القول: إن الولايات المتحدة الأمريكية باتت دولة عديمة المصداقية، ومراهقة ليس إلا ...

..لك الله يا شعب سورية العظيم ...

وسوم: العدد 768