ماذا يجري في اليمن؟!

تتسارع الأحداث في اليمن الشقيق وبشكل غير مسبوق، وفي كل يوم يمر منذ الخامس من حزيران / يونيو 2016، تزداد تعقيدا، وقتلا وخرابا وتدميرا، طلبت الحكومة اليمنية الشرعية والمعترف بها دوليا من دول مجلس التعاون الخليجي نصرتها على الحركة الحوثية التي استطاعت بخديعة مبيتة وبتعاون مع أطراف داخلية وخليجية وأجنبية إزاحة الحكومة الشرعية والاستيلاء على العاصمة صنعاء بالقوة والتمدد نحو الجنوب حتى سواحل بحر العرب، كان هدف الحكومة اليمنية من دعوة مجلس التعاون عونها من اجل استعادة سلطتها وإخراج الحوثيين من العاصمة وعودة الشرعية لإدارة الدولة طبقا لقاعدة الحوار الوطني اليمني ومبادرة مجلس التعاون الخليجي وقرارات مجلس الأمن وخاصة القرار 2216.

استجابت السعودية لدعوة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية وأعلنت تحالفا عربيا يتشكل من مجموعة من الدول الخليجية والعربية وأعلنت حملة " عاصفة الحزم " كانت طليعتها طلعات جوية مكثفة لتدمير قواعد السلاح الاستراتيجي الذي استولى عليه الانقلابيون وبقيت الغارات الجوية منذ ذلك التاريخ وحتى هذه الساعة تشتد أحيانا وتخف أحيانا أخرى، ولم تستطع جحافل قوى التحالف العربي بقيادة السعودية تحقيق النصر على الانقلابيين، واستعادة القيادة الشرعية لشرعيتها المعترف بها.

(2)

الموقف في اليمن اليوم ينذر بزلازل تهز ما تبقى من هيبة مجلس التعاون إن بقيت له هيبة سواء هيبة عسكرية أو سياسية أو اقتصادية. وتشير الممارسات اليومية لبعض دول التحالف أنها قوة عسكرية مدججة بالسلاح تحولت من نصرة الشرعية اليمنية إلى قوة احتلال لليمن تحت ذرائع متعددة منها نصرة الحكومة الشرعية، وملاحقة تنظيم القاعدة، والحوثيين ومحاربة الإرهاب وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للشعب اليمني وتلك القوة لم تبق للحكومة الشرعية سلطانا على أجزاء كبيرة من اليمن الشقيق بما في ذلك العاصمة اليمنية الثانية عدن، وكان آخرها الاستيلاء بقوة السلاح على جزيرة سقطرى ولا استبعد التمدد من جزيرة سقطرى ليشمل جزيرة مصيرة العمانية التي لا تبعد كثيرا عن الأولى.

الملاحظ أن غزو الجزيرة من قبل دولة من دول التحالف لنصرة الشرعية اليمنية كان على اثر زيارة رئيس وزراء اليمن السيد أحمد بن دغر للجزيرة المعنية وترافقه ثلة من الوزراء والقيادات العسكرية والأمنية، وفي اليوم الثالث لزيارة رئيس الوزراء نزلت أول طائرة عسكرية تحمل جنودا ومدرعات ومعدات عسكرية تبعها طائرتان عسكريتان تحملان دبابات ومدرعات وجنودا، واحتلت المطار وأجلت جميع الموظفين المدنيين والأمنيين ورجال الجمارك ومن في حكمهم، أجلتهم عن مواقعهم ومنعتهم من العودة إلى ممارسة مهامهم الحكومية، وكذلك الميناء البحري كل ذلك الفعل تم دون تنسيق أو إشعار للحكومة الشرعية والتي يتواجد رئيس وزرائها ليتفقد أحوال تلك البقعة من الأرض اليمنية ويضع حجر الأساس لمشاريع تنموية.

أحد المقربين من صناع القرار في أبو ظبي عندما سئل عن تزامن انزال تلك القوات الجوية في سقطرى مع زيارة رئيس الوزراء اليمني للجزيرة أجاب بقوله وصوته وصورته، لماذا يزور بن دغر الجزيرة؟ وما هو الداعي لزيارتها؟ حوار طال على محطة الـ BBC البريطانية، الحكومة الشرعية في اليمن هي حكومة خالد بحاح المقال وليس عبد ربه منصور هادي والسيد احمد بن دغر. يا للهول من هذا القول غير المسؤول؟!!.

إذا نفهم من هذا أن دولة الإمارات العربية المتحدة لا تعترف بشرعية الرئيس هادي ولا بحكومته برئاسة احمد بن دغر وعلى هذا حالت بين عودة الحكومة الشرعية إلى العاصمة الثانية لليمن عدن، وكذلك منعت عودة رئيس الجمهورية.

تقول السيدة الكتبي المتحدثة مع البي بي بي سي، وأنا شخصيا أقدرها وأحترمها جدا، إن الرئيس اليمني وحكومته يجلسون في فنادق ممتازة في السعودية وجنود الإمارات والسعودية يموتون دفاعا عن اليمن، هذا قول حق يراد به باطل، وهنا ادلي بشهادتي في هذا الشأن بان القيادة اليمنية الشرعية طلبت مرارا السماح لها بالعودة إلى الأجزاء المحررة من اليمن ورفضت قيادة التحالف تحت ذريعة أن الأمن غير متوفر، واذكّر كل عاقل أن الرئيس اليمني منعت طائرته من الهبوط في مطار عدن، وأن حراس الرئاسة والمطار استبدلوا بقوات ليست تحت أمرة الحكومة الشرعية، وأن السعودية تحت الخوف على القيادة اليمنية لا تسمح لهم بالعودة إلى اليمن.

(3)

لتتسع صدور أهلنا في المملكة العربية السعودية لما نقول في الشأن اليمني، ينقل إلينا الكثير من القيادات اليمنية الذين نلتقي بهم في الخارج إن القيادة اليمنية لا يلتقي بها أي صانع قرار سياسي سعودي وإنما كل لقاءاتهم بضباط لا يعرفون بأسمائهم وإنما يكنون بـ " أبو فلان "وهذا يعمق القطيعة والكراهية في مستقبل الأيام بين السعودية حكومة وشعبا وبين أهل اليمن، إضافة إلى ترحيل الكثير منهم عن المملكة ومع ظروف اليمن القاسية سيلجأون إلى القوى المعارضة للسعودية، وبذلك تكسبون أعداء وليس أصدقاء.

القيادة السعودية هي القائد العام لقوى التحالف العربي في اليمن، وكما يعرف في التقاليد العسكرية لا تتحرك أي قوة عسكرية من قطاع إلى قطاع في الحرب أو السلم إلا بتوجيه يصدر من قيادة العمليات مع تحديد المهام العسكرية. وهنا نقول إن الإنزال الجوي في جزيرة سقطرى لبعض وحدات قوات التحالف دون علم قيادة العمليات المركزية في الرياض أمر خطير، وإن كان بعلمها فالأمر أعظم وأكثر خطورة.

آخر القول: على سفوح اليمن البحرية تحطمت أساطيل دول كبرى عبر التاريخ، وعلى جباله وتهامة وأوديته وسفوحه تحطمت قوى أشد بأسا من بأس قوى التحالف العربي، والثأر لا ينسى وإن طال مداه.

الشرق القطرية

وسوم: العدد 772