غزة ترسم معادلة جديدة

مركز القدس

أحدثت جولة النار الجديدة متغيرات مهمة على أكثر من صعيد وكشفت حجم التوتر، ودقة السلوك المقاوم في مرحلة تعد الأخطر على الصعيد الوطني، خاصة مع محاولة الإدارة الأمريكية فرض صفقة القرن والذهاب بالانظمة العربية الى تطبيع علني.

المقاومة قادت في الساعات الماضية معركة حقيقية وأمنية نجحت في فرض معادلات تعد الأهم منذ سنوات خاصة إذا قورنت بالبيئة التي صنعتها مسيرات العودة.

أمام هذا الواقع حرصنا في مركز القدس، توثيق الحالة والإشارة إلى بعض المضامين المهمة على أكثر من صعيد ونبدأ ذلك مع الاحتلال حيث ظهر جلة من المتغيرات المهمة وهي النحو الآتي:

أولا: كان الاحتلال أمام صدمة التصعيد وشكله وساعته، الأمر الذي حضر من خلال غياب توجيهات قيادة الجبهة الداخلية والتي كانت أول تصريحاتها الساعة العاشرة أي بعد ثلاثة ساعات من قصف المقاومة.

ثانيا: الاحتلال كان أمام تقدير أن الجهاد الإسلامي من يقود عمليات التصعيد، الأمر الذي أظهر جسما مقاوما يقوده القسام على شكل هيئة أركان بالتوازي مع حضور السرايا وفصائل المقاومة التي تدير التصعيد بتجانس وتناغم.

ثالثا: الاحتلال أعلن أن حماس فقدت السيطرة على مطلقي الصواريخ، الأمر الذي كشف عجزا استخباريا مهما أظهره بيان القسام والسرايا.

رابعا: الجولة الأخيرة أظهرت حديث ليبرمان ونتنياهو وتوعدهم بالتصعيد، واثبات قواعد اشتباك جدية هراء أمام قدرة المقاومة ورشاقة سلاحها.

خامسا: ظهر الارباك السياسي والامني واضحا في إدارة الجولة بعد تحقيق المقاومة قدرة على ابقاء المشهد بيدها خلال الساعات الأخيرة على الرغم من محاولة الاحتلال تأجيله الالتزام بالتهدئة.

هذا على جانب الاحتلال، أما المقاومة فكان سلوكها يقوم على جملة من المتغيرات المهمة وهي على النحو الآتي:

أولا: قادت المقاومة فعلا متقنا في إدارة النار وتوقيت التصعيد على الرغم من خطورة المشهد على الأرض، والحسابات الدقيقة التي واكبت مسيرات العودة .

ثانيا: نجحت المقاومة في تقديم رؤية جمعية في إدارة الحرب والتصعيد وطرحت شرعية السلاح بوصفه الحامي للمجتمع الفلسطيني.

ثالثا: فتحت الجولة الاخيرة النقاش الكبير حول السلطة والشرعيات وحضور غزة وقيادتها للمشروع الوطني في ظل ارباك المشهد السياسي بشكل كبير.

رابعا: أنشـأت المقاومة معادلة جديدة في الاشتباك ورشاقة السلاح بعد تآكل الردع لصالح الاحتلال مؤخرا.

خامسا: الجولة الاخيرة قدمت غزة عبر النار إمكانية انفلات الأمور في حال استمر الحصار والعبث في الملف الإنساني.

هذه المضامين التي قدمت في خطاب النار وبحسب قراءة مركز القدس تحقق منها جملة متغيرات أهمها:

أولا: الاحتلال سيكون حذرا في التصعيد على غزة في ظل ادراكه جهوزية المقاومة على الأرض وسرعة ردها على الاحتلال.

ثانيا: فتحت الجولة الاخيرة مساحة من النقاش العميق حول غزة ومستقبل حصارها، الأمر الذي يحتاج العودة السريعة لتفعيل مسيرات العودة.

ثالثا: الجولة الاخيرة عززت معنويات الناس وثقتهم بالمقاومة وحضورها، وفرضت مضامين محفزة للمواجهة مع الاحتلال.

رابعا: أطراف صفقة القرن والأنظمة العربية تجاوزتهم الرسالة بأن القادم في حال العبث لن يكون سهلا والامكانية للتصعيد قد تكون كبيرة.

خامسا: وضعت جولة التصعيد ملف المصالحة مرة أخرى على الطاولة، وفق موازين قوى يمكن نقاشها على الرغم من الحصار المهلك في غزة.

عليه يرى مركز القدس: أن المقاومة أرسلت رسائل مهمة، تجاوزت البعد المحلي من خلال جولة التصعيد، لذلك الأمر لا يعني أننا أمام انتهاء ارتدادات الحالة.

الحالة أسست لمنهجية سلوك المقاومة، وجعلت فرضية حضورها كبيرة، وتدارك الحرب القادمة بين أطراف أهمها الرئيس ومصر والأنظمة العربية.

حدث أمس كان بمثابة شرارة حرب كبيرة، لن تكون كسابقاتها، وارتداداتها كبيرة تتجاوز غزة الى الاقليم.

على الرغم من اختلال البيئة العربية، إلا أن نموذج غزة يمكن البناء عليه من قبل محور عليه السعي لتغيير قواعد اللعب الأمريكي.

كما على المقاومة العمل على تعزيز حضورها من خلال قيام المقاومة بتقديم مبادرة سياسية للخروج من مأزق الواقع الفلسطيني في هذه المرحلة.

اليوم يمكن القول أن الاجماع الوحيد بات مرتبطا فقط في الساحة الفلسطينية بكتائب الفعل الوطني التي باتت الأكثر صدقية لإدارة مبادرة تجمع الكل الفلسطيني عليها.

وسوم: العدد 774