الصمت العالمي في حوران.. عارٌ لن يُمحى

بينما كانت جلسات مجلس الأمن الدولي المعروفة النتائج بالنسبة للسوريين على مدار ثماني سنوات تجري، كان تنفيذ تهديد ووعيد الاحتلال الروسي للثوار الذين رفضوا الاستسلام لمفاوضات القوي على الضعيف قد بدأ.. أربعون طائرة روسية بالكمال والتمام، كما وعد الجنرالات الروس، تتحرك من قاعدة حميميم المحتلة بالساحل السوري باتجاه حوران، لتصب حممها ونارها على أجساد أطفال صيدا قرب درعا وغيرها، حيث لم يدع المحتل الروسي سلاحاً محرماً وإلا واستخدمه ليتباهى لاحقاً بأنه يستخدم الشام أرض اختبار لأسلحته المدمرة.

المثير للاستفزاز هو إعلان الأمم المتحدة، التي غدت أشبه ما تكون بمؤسسة لإحصاء أعداد المنكوبين، وإن كان حتى هذا قد تخلّت عنه منذ بداية الثورة بإحصاء عدد شهداء الثورة السورية، ما دام العدد سيحرجها لتصاعده المخيف، المثير للقرف إعلانها أن عدد النازحين بلغ 325 ألف نسمة، بينما الفيتو الروسي على طاولة مجلس الأمن الدولي يتكرر منذ ثماني سنوات، ولا رادع له، بل تواطؤ دولي يصل إلى حد الاشتراك في جريمة إبادة الشام وأهلها.

عارٌ سيلحق البشرية كلها لن يُمحى، وهي تراقب إبادة شعب وطرده من أرضه، ولا نصير له إلا الله، وحتى جامعة الدول العربية قيّدت التصعيد الخطير في درعا ضد مجهول، لم تشأ أن تسمي الاحتلال الذي يسعى إلى كسر إرادة الثورة السورية، ومعه سيتم كسر إرادة العرب والمسلمين، فلن تكون الشام إلا السد الأخير بوجه الجبروت الروسي، ونحن نرى كيف يتم ابتلاع الخطوط الحمراء الإسرائيلية، كما تم من قبل على يد أوباما بصمتهم على دخول الميليشيات الطائفية درعا والقنيطرة لمقاتلة الثوار، بينما كانت تل أبيب تهدد وتتوعد في حال تم تجاوز هذه الميليشيات خط الستين كيلو متراً عن حدودها المصطنعة، لكن لا بأس ما دامت تل أبيب أعلنت أن الأسد شريك استراتيجي لها، وما دام الهدف إبادة السنة، وطرد كتل سنية حرجة مقلقة لدولة بني صهيون على المدى البعيد، فصفقة القرن الحقيقية تتم في الشام وليس في غيرها.

أما الصمت العربي والإسلامي، وصمت الحركات الإسلامية، فليس أقل دناءة ولا خسة من صمت الدول الكبرى، ويحدثك البعض ماذا سينفع لو تحدثنا؟ إنه الخذلان، وإنكار الباطل ليس في اليد فقط، ومن يراهن بصمته على عودة لحضن الأسد، أو لحضن أسياده، نبشره أن ما قبل الثورة ليس كما بعدها، والأسد لن يسمح له أن يعود بشروط الماضي ولا بنصفها ولا بعشرها، في ظل ارتهانه الكامل لبني صهيون وموسكو وغيرهما.

الانتصار هو انتصار المبادئ والأفكار، وليس انتصاراً مادياً، وإلا فأين انتصار ثورات عز الدين القسام ومن قبله ومن بعده؟ وأين انتصار السلطان عبد الحميد يوم فقد عرشه من أجل فلسطين؟ وأين انتصار الغلام الذي قتل من أجل انتصار فكرته؟ وأمثلة التاريخ أكثر من أن تُحصى.. فالانتصار انتصار المبادئ والأفكار.. ذاك هو الانتصار، وما دونه هزيمة فكرية وردّة مبادئ لن يسعفها انتصار تكتيكي خُلبي يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.

وسوم: العدد 780