من دغل المؤسسات
ان من اكبر مزالق السياسة والادارة الدنيوية التي تتحلى بزي السياسة والادارة الشرعية في الدول والمؤسسات والمنظمات والأحزاب والهيئات هو ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر _ بضوابطه الشرعية _ بين أفرادها تحت لافتات مصطلحات المصالح والمفاسد والتسويات الضرورية التي يستعملها من يستعملها عند الحاجة ويتركها عند الحاجة دون حتى ادراك لمعانيها او إدراكها لكن ثمة شهوة تغلب وهوى يصرع فيتذرع بهذه المصطلحات ليبرر
"كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ"
فان ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في تجمع نزعت الخيرية منه
والآية نزلت في حق المسلمين لا الكافرين
ويقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا "
فهو فعل المحاباة الذي يؤدي لهلاك الفرد والمؤسسة حيث محاباة القوي فلا يعاقب وظلم الضعيف حين يعاقب
التسويات الداخلية الظالمة للمؤسسات في الحقوق والواجبات تحت ذريعة المصلحة العامة من أكبر الكبائر ومن اكبر اسباب التفرق والهلاك ومحق البركة والفناء وزوال الاثر
"لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ ، كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ"
تسري هذه الذنوب الى الافراد والمؤسسات بتدرج وهدوء حتى تنخر في جسدها فتهلكها على حين غرة فلا عون ولا تأثير ولا بركة ولا حفظ كأن هذه الايات والاحاديث لم تنزل فيها ولا تشملها معانيها ووعيدها !!!!!
"كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ"
فالمؤسسة مهما صغرت فان استقامتها وصبرها يختصر لها الطريق فالله معها تجاه العقبات التي تواجهها
واذن الله يتنزل على القلة الصابرة المحتسبة النقية الصافية لا القلة التي نخر فيها داء الشح والمصلحة والتستر على الذنوب العامة تحت ذريعة التوازنات والترضيات
إن قوة المؤسسة لا تكمن في خلوها من المنكرات والأخطاء بل في عملية التصحيح الدائم لكل ما يهدد استقامتها ومصداقيتها وبقاءها
وإن اشاعة جو التناصح والتصويب والتعبير بين أفرادها كفيل بتقدم المؤسسة وتجنب تراكم الخطأ ووقوع المحذور الأخير من انهيار المؤسسة وتفككها
توازنات المؤسسات في السياسة والادارة لها مساحة عريضة جدا من الاجتهاد والمناورة والجائز ورعاية المصالح والمفاسد والضرورات القاهرة والترجيح عند التعارض في ديننا لكن ليس فيه ابدا مجاملة وشرعنة لمطمح شخصي غير مشروع ولا كبيرة ظاهرة لا تحتمل التأويل ولا غصب للحقوق وترك للواجبات وكل ما يفسد المؤسسة من المزالق غير المبررة
إن هذه الكلمات موجهة لكل مصلح لأخذ دوره ولكل مؤسسة كي تستدرك الخطأ وكل ذلك وفق ضوابط الشرع في التغيير فمن كان محسنا فليحمد الله ومن كان مسيئا فباب التوبة مفتوح لمن اراد واناب فيصلح ما انكسر ويرجع الحقوق ما استطاع والله يقبل التوبة عن عباده ولا يضيع اجر من احسن عملا
وسوم: العدد 784