مسمار جحا ... مسمار ترامب على الأرض السورية ..
بعد قرار ترامب المرتجل إعلان الانسحاب الفوري من الأرض السورية وما نتج عنه من تداعيات ، ثم بعد محاولات الالتفاف على هذا القرار بالذهاب شمالا ويمينا وصعودا ونزولا ، وتحت تأثير الموقف الأوربي الموحد بالتهديد : بالانسحاب الجماعي من سورية مع انسحاب القوات الأمريكية ؛ يبلع الرئيس ترامب قراره ويقرر إبقاء 200 مقاتل أمريكي على الأرض السورية حتى أجل غير مسمى . ..للحقيقة فإن
مائتي مقاتل أمريكي هم في رمزية ألفي مقاتل الذين تقر الإدارة الأمريكية بوجودهم حاليا في سورية .
والعجيب أن قرار إبقاء المائتي جندي أمريكي جاء متزامنا مع مكالمة هاتفية بين الرئيسين ترامب وأردوغان وعد فيها الأول أن يكون الانسحاب الأمريكي من سورية خطوة خطوة مراعيا مصلحة الدولتين ؛ فأي مصلحة للدولة التركية أن تبقى الولايات المتحدة وحلفاؤها باسطة أجنحتها لحماية الإرهابيين الذين يهددون أمن تركية وأمن سورية والسوريين على السواء ..؟!
الولايات المتحدة بسياساتها - اللغز - على الأرض السورية كما أطلق عليها وزير الخارجية الفرنسية في مؤتمر ميونخ للأمن؛ أوجدت وضعا في سورية بحيث يكون : بقاؤها في سورية شر وانسحابها شر آخر !!
فلا يوجد سوري حقيقي لا يفرح بمغادرة جندي محتل لأرض وطنه ولكن قبل أن ترسم الفرحة على شفتي سوري بالتفكير بالجلاء الجديد حتى يتذكر البديل الذي يمكن أن يكون أشد قسوة وأكثر جرأة على دماء السوريين !!
وهذا الواقع المعقد والمضطرب يقتضي من السوريين في هذه اللحظات التاريخية أن يجعلوا من أولوياتهم امتلاك زمام المبادرة ليسدوا كل فراغ يخلقه اختلال المعادلات الدولية والإقليمية التي اقترب على ما يبدو موعد تفككها .
المقاربات السياسية في التعامل مع هذه الاختلالات المعقدة يحتاج إلى امتلاك قدر من أوراق القوة التي تخلت عنها قوى المعارضة جميعها جميعا . وامتلاك أوراق القوة فعل واع تراكمي وأقدر الناس عليه على كل أرض أهلها . امتلاك أوراقا للقوة ثم امتلاك قدرة على المبادرة الإجابية تخرج المعارضة من حالة الاسترسال الخدر مع مشروعات لا أحد يعلم مبتداها ولا منتهاها ..
المائتا جندي أمريكي هم مسمار ترامب على الأرض السورية ، هذا يذكرنا بمسمار جحا ولكن حتى هذا المسمار يمكن أن تعلق عليه عباءة أصحاب الأعذار أو يعقد عليه حبل مشنقة لكل عدو للوطن والإنسان..
ليبقى لأصحاب القرار خياراتهم مع كل الذين يأملون في هذا المسمار أو مع كل الذين يخافون منه ...
وسوم: العدد 813