الرد على مقال "عامل امرأتك مثل سيارتك"
لقد تأكد بما لا يدع مجالا للشك أن أصحاب الموقع العنكبوتي الذي يصنفونه الأول في بلادنا قد ندبوا أنفسهم جهارا لخدمة المشروع العلماني الفاشل لا محالة في بلد مسلم بشكل صريح ولا غبارعليه من خلال تكثيف نشر المقالات التي تهدف إلى تشكيك الإنسان المغربي في هويته الإسلامية لزعزعتها والنيل من تدينه .
وجريا على عادته طلع علينا هذا الموقع بمقال تحت عنوان : " عامل زوجتك مثل سيارتك تعبير فني ينتقد هيمنة الذكر على الأنثى " للمدعو وائل بورشاشن . ويرجح الواقف عند هذا العنوان فرضية دوران موضوعه حول ظلم الرجل للمرأة إلا أنه بعد استكمال قراءته، يتبين أنه يدور حول السخرية من حجاب المرأة المسلمة .
ويبدأ صاحب هذا المقال موضوعه بالحديث عن تعدد أساليب التعبير عن رفض الأوضاع القائمة التي تفرضها العادات في الوطن العربي ، وينتقل إلى نموذج من تلك الأوضاع والذي يزداد رفضه يوما بعد يوم على حد تعبيره، ويتعلق بوضعية المرأة العربية . ومن أجل طرح الموضوع اختار صاحب المقال ما سماه عملا فنيا استلهمه صاحبه من قول أحد أصدقائه الذي سمعه هذا الأخير من والده وهو : " عامل امرأتك مثلما تعامل سيارتك ". وهذا العمل الفني يقدم سيارة مغطاة بغطاء أسود وعليها ملصق إرشادي يعدد ضوابط يجب أن تتوفر في غطاء السيارة الصحيح وهي :
ـ أن يغطيها بأكملها .
ـ أن يكون واسعا .
ـ ألا يكون شفافا .
ـ ألا يكون مزخرفا .
ـ ألا يجذب الأنظار .
ـ ألا يكون معطرا .
ويقول صاحب المقال إن هذا الفنان اختار أن يظهر مدى الظلم الذي يواجه المرأة العربية التي يفرض عليها لباس وفق ما سرده في ملصقه الإشهاري .
ومعلوم أن ما ذكره في ملصقه هو وصف لزي المرأة المسلمة ، وليست العربية وحدها ،والذي شرعه الله عز وجل لها بنصين قرآنيين ، وبيّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث مشهور.
أما النص القرآني الأول فهو قوله تعالى في سورة الأحزاب : (( يا أيها النبي قل لنسائك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين )) ، وأما النص القرآني الثاني فهو قوله تعالى في سورة النور : (( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أوآبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن )) .
ولقد حدد الله عز وجل نوع الثوب الذي يتعين على المرأة ارتداؤه عند خروجها من بيتها وهو الجلباب والخمار، فأمرها أن تدني عليها الجلباب ، وتضرب بخمارها على جيبها . وعندما نعود إلى دلالة الجلباب في اللسان العربي الذي اختاره الله عز وجل لتبليغ رسالته للناس كافة لدقة تعبيره، نجده يطلق على ما يلبس فوق الثياب كالملحفة ، وعلى الثوب الذي يغطي الجسد كله . ويطلق الجلباب أيضا على الخمار، كما أن هذا الأخير يطلق على غطاء الرأس أيضا ، كما يطلق على كل ما يستر الجسد . والزينة في اللسان العربي كل ما يتزين به . وإذا كان الله عز وجل قد أمر المرأة المسلمة بارتداء لباس جعل له مواصفات بغض الطرف عن جنسها أو لونها أو لسانها لأن الرسالة الخاتمة موجهة للناس كافة، وهذا الخطاب منها موجه للنساء كافة ، فإنه من الواضح أن الحكمة من ارتدائه هو ستر الزينة ،وعدم إظهارها لمن لا يحق لهم أن تبدى لهم ، وقد حدد الله بدقة من يمكن أن تبدى لهم وهم من محارم المرأة . والجيب في اللسان العربي ما خفي ، والضرب بالخمار على الجيوب باعتباره غطاء الرأس وباعتباره جلبابا معناه ستر ما يكون حكمه الإخفاء من جسد المرأة .
أما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو قوله لأسماء بنت أبي بكر وقد دخلت عليه وعليها ثياب رقاق : " يا أسماء إذا بلغت المرأة المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا " وأشار إلى وجهه وكفيه . وقوله عليه الصلاة والسلام يبيّن كيفية لباس المرأة المسلمة الذي أمرها به الله عز وجل ،وهو أن تدني عليها الجلباب أو تضرب على جيوبها بالخمار، فإذا فعلت لم يظهر منها سوى وجهها وكفيها ، الشيء الذي يعني أنها يجب أن ترتدي ما يستر جسدها كاملا بمثل ما ذكر الله عز وجل ، أو ما يسد مسده من أنواع الثياب . ولهذا اشترط فقهاء الإسلام شروطا في اللباس الساتر ،وهي تلك الضوابط التي سخر منها صاحب المقال والفنان الذي شبه لباس المرأة المسلمة بغطاء السيارة حيث يكون لباسها واسعا غير منحسر ولا ضيق ، ، ولا يكون شفافا ، ولا يكون مثيرا بلون أوغيره ليتحقق الهدف منه وهو ستر الجسد أو عدم إظهار ما يجب إخفاؤه منه .
هذه الضوابط التي سخر منها الفنان والذي أعجب بفنه، ليست عادة على حد زعمه ، بل هي دين وتشريع إلهي ، واللباس الملتزم بها ليس فيه ظلم للمرأة وإنما فيه صيانة لكرامتها، والكشف عن جسدها هو عين الظلم . ومعلوم أن الفطرة البشرية السليمة تأنف من الكشف عن الجسد البشري حرصا على كرامة الإنسان التي تبتذل بالعري . ولو لم يكن في الكشف عن الأجساد البشرية ما يمس بكرامة الناس لعاش الناس عراة كما كانوا في عهود غابرة ، ولما اهتدوا إلى دور اللباس في ستر أجسادهم صيانة لكرامتهم .وليس لرب العزة فائدة أو منفعة في أن تستر المرأة جسدها بل في ذلك فائدة ونفع لها ،لأنها تصون نفسها عن كل من يستهدفها في جسدها بما تكره .
ومعلوم أن الذين ينادون بتعطيل اللباس الذي أراده الله عز وجل للمرأة المسلمة أحد اثنين : ديوث لا يغار على عرضه ، وهو أحد الثلاثة الذين حرم الله عز وجل عليهم الجنة لدياثته مع مدمن الخمر وعاق والديه ، أو ذئب يعشق نهش ما لا يحق له من أجساد النساء . والنساء اللواتي يستهويهن كلام الذين ينادون بتعطيل اللباس الذي فرضه الله عز وجل علهين إحدى اثنتين أيضا إما جاهلة بما أمرها به الله عز وجل أو لا غيرة لها وتكون متعمدة استباحة جسدها .
وأخيرا نقول للناعقين على هذا الموقع الإلكتروني المخصص للدعاية الرخيصة للعلمانية التي ثبت إفلاسها في مواطنها الأصلية إن المرأة المغربية المسلمة أشرف من أن ينزع عنها لباسها الذي ارتضاه لها خالقها أمثالكم بمثل ما تنشرون من زبالة أفكاركم المنتنة ، وهي لن ترضى بنصح كاذب من ديوث ولا من ذئب كاسر، ولن ترضى أن يكون جسدها بضاعة يعرض كما تعرض السلع ، وهي بلباس اختاره لها خالقها جوهرة ثمينة مصونة دون النظر إلى جسدها سمل القتاد للعيون الطامعة في نهشه.
وسوم: العدد 817