قوانين الجنسية وما طرأ عليها من تغييرات ونتائج

مقدمة إيضاحية:

هناك مصطلحات تتردد في الوثائق الخاصة بأي تغيير يراد إدخاله على القوانين منها مصطلح (تعديل) وهنا لا بد من وقفة مع هذا المصطلح، إذ أنه يتجاوز الحدود المرسومة لإرادة المشرّع، فليس كل تغيير في القوانين يحصل بهدف التعديل، بل ربما تتغير فلسفة الحكم بحيث ترى في قوانين مثالية ما لا تريده ولا ترضاه، لحسابات سياسية فقط، مما يؤدي إلى إساءة استخدام السلطة لتشريع قوانين جائرة، فهل يمكن أن نطلق على مثل هذا التشريع لفظ تعديل؟ أم يمكن أن نطلق عليه لفظا مضادا تماما وهو لفظ (تعويج)؟.

وهناك لفظ آخر ربما يرتبط بموضوع الهدف المرجو من وراء تغيير قوانين الجنسية، وهو تغيير التركيبة السكانية لصالح فئة أو عرق أو دين أو طائفة، على حساب الآخرين، من الناحية اللغوية يرمي مصطلح التطهير إلى (تعقيم بيولوجي) لمنطقة موبوءة بالأمراض المعدية، فلا بد من تطهيرها وجعلها آمنة للسكن مرة أخرى، هذه وجهة نظري، لكن اللغة السائدة في القوانين وفي الإعلام هي تسويق مثل هذه المصطلحات. الجنسية هي رابطة سياسية وقانونية ومعنوية (روحية) ما بين فرد ودولته، وينتج عنها حقوق والتزامات متبادلة، وتعتبر الجنسية من أعمال السيادة لأي بلد، وتترتب على الجنسية حقوق كثيرة للفرد منها إشغال الوظائف العامة والعليا في بلده، وعضوية المجالس التمثيلية كالبرلمان والمجالس المحلية، وتأدية الخدمة العسكرية والخضوع لقانون البلد الذي يحمل جنسيته، وتختلف الجنسية عن التجنس فالجنسية مقررة بموجب القانون وتدعى بالجنسية الأصلية ولا يمكن سحبها من حاملها تحت أي ظرف من الظروف، أما التجنس فهو اختيار طوعي للفرد قابل للموافقة أو الرفض من سلطات البلد المطلوب الحصول على جنسيته، وتسمى الجنسية حينذاك بالجنسية المكتسبة وهناك شروط للحصول على الجنسية المكتسبة وخاصة فيما يتعلق بالمدة الأصغرية للإقامة في البلد المطلوب الحصول على جنسيته، ومنها معنوية منها الولاء للبلد البديل، وهذا النوع من الجنسيات يمكن سحبها من حاملها في حال ارتكاب جرائم معينة، وقد نزعت الحكومة البريطانية جنسية مواطنة بريطانية يعود أصلها إلى شبه القارة الهندية لأن زوجها كان من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). ولكل دولة قانونها الخاص بها وفقا لفلسفتها القانونية وواقعها الاجتماعي وتطوره ووعيها السياسي وتعاملها مع طالبي جنسيتها تشددا أو تسهيلا، وتعبير عن مدى تطور وعيها بما يومن تنظيم قوانين منح الجنسية المكتسبة أو سحبها.

صدر في العراق أول قانون للجنسية بعد قيام الحكم الوطني في مطلع عشرينيات القرن العشرين، وهو القانون رقم 42 لسنة 1924 والذي صدر بتاريخ 9 تشرين الأول من السنة ذاتها، ونظم القانون عملية حصول الرعايا الذين كانوا يقيمون فوق الأراضي العراقية يوم اعلان المملكة العراقية رسميا في 23 آب 1921. واعتمد القانون أساسين لاكتساب الجنسية العراقية، الأول هو أن يكون حاملا للجنسية العثمانية يوم استقلال العراق أي أنه حق الإقليم الذي تكونت منه الدولة العراقية بعد انسلاخها عن الدولة العثمانية، أي أن التابعية العثمانية هي شرط أساسي للحصول على الجنسية العراقية، وبهذا الخصوص تنص المادة 3 على (كل من كان في يوم 6 آب 1924 من حملة الجنسية العثمانية، يعد حائزا على الجنسية العراقية ابتداء من التاريخ المذكور). أي أن القانون منح المقيمين فوق أرض إقليم العراق مدة 3 سنوات لترتيب أوضاعهم من أجل الحصول على الجنسية العراقية بعد انتقال تابعيتهم من الدولة العثمانية إلى الدولة العراقية، إلا أن بعضهم فضل عدم الخضوع لهذا القانون خشية من الالتحاق بالخدمة العسكرية الوطنية ففضلوا الاحتفاظ بوثائق تؤكد انتمائهم لبلاد فارس وكان لبعض المعممين الفرس دور بارز في تعبئة العراقيين البسطاء ضد الحصول على الجنسية العراقية، وهذه معضلة بقي العراق يعاني منها لعدة قرون، وها هي اليوم تطل برأسها مجددا لتتخذ مبررا لإلغاء القاعدة الصارمة المنظِمة للحصول على الجنسية العراقية، ومنحها إلى مجاميع سكانية لم تخترْ العراق وطنا ولا جنسيته وثيقة تعتز بها.

أما الأساس الثاني الذي اعتمده قانون الجنسية العراقية الأول فهو الولادة المضاعفة، أي إذا وُلِدَ وَلَدٌ هو وأبوه في العراق بموجب نص الفقرة (أ) من المادة 8 من القانون.

وتم تعديل القانون المذكور في القانون رقم 3 لسنة 1963، إذ نصت المادة 6 على ما يلي (للوزير أن يعتبر عراقيا من وُلِدَ في العراق وبلغ سن الرشد فيه، من أب أجنبي مولود فيه أيضا وكان مقيما فيه بصورة معتادة عند ولادة وَلدهِ بشرط أنْ يقدم طلبا بمنحه الجنسية العراقية بواسطة الولادة المضاعفة بشرط موافقة وزير الداخلية)، وكانت هذه المادة لا تشترط رضا الوزير.

وبموجب القانون 4 لسنة 1975 أُعطي وزير الداخلية صلاحية منح الجنسية العراقية للمواطن العربي باستثناء الفلسطيني بثلاثة شروط:

أ‌- أن يكون بالغا سن الرشد.

ب‌- مولودا من أبويين عربيين بالولادة.

ت‌- مستمرا بالعيش في الوطن العربي.

ث‌- وجاء في الأسباب الموجبة لصدور القانون أنه ترسيخ للحرص على بناء أسس الوحدة العربية التي كان حزب البعث يعمل من أجل تحقيقها، وهذا ورد في قرار مجلس قيادة الثورة المرقم 83 الصادر في 7 تموز 1997. وهكذا نرى كذب من قال إن العراق قرر منح الفلسطينيين الجنسية العراقية من أجل ترجيح كفة السنّة في العراق، على العكس من ذلك نرى أن مجلس قيادة الثورة أصدر قراره المرقم 202 بتاريخ 12/9/2001 وقرر في فقرته الأولى ما يلي:

(يعامل الفلسطيني المقيم إقامة دائمة في العراق معاملة العراقي في جميع الحقوق والواجبات، باستثناء الحق في الحصول على الجنسية العراقية

وليس معنى ذلك أن هذا القانون جديد على التشريعات العراقية ذات الصلة، بل هو امتداد مبدئي لمواقف العراق السياسية الحريصة على تثبيت الشخصية الفلسطينية وعدم تذويبها في البلدان العربية، كما أن هذا الموقف هو تفعيل لقرار الجامعة العربية بهذا الصدد.

أما بالنسبة لحصول الأجنبي على الجنسية العراقية فقد تشددت القوانين العراقية في هذا الأمر، ونظم مجلس قيادة الثورة هذا الأمر بموجب قراره المرقم 180 والصادر في 3 شباط 1980، والذي أعطى لوزير الداخلية قبول تجنس الأجنبي بشروط:

أ – أن يكون ساكنا في العراق قبل 14 تموز 1958 ومستمرا على السكن حتى نفاذ القانون، أي أن القانون جعل من اثنتين وعشرين سنة مدة اختبار لمدى تمسك المقيم بالعراق وولائه له.

ب – أن يكون أحد أقاربه من الدرجة الأولى أو الثانية قد حصل على الجنسية العراقية.

ت – أن لا يكون في وجوده في العراق ضرر على أم الدولة وسلامة البلد.

وهذا نرى أن القانون كان متشددا في منح الجنسية العراقية ولا يمنحها إلا بشروط قاسية.

ولكن كل شيء قد انقلب رأسا على عقب بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 وتسليم العراق هدية مجانية لإيران وعملائها ليعبثوا به ويدمروا منظومة الدولة فيه ولتزال كل أسسها من الجذور، لأن هذا هو الهدف المشترك ليس للولايات المتحدة وإيران فقط، وإنما نجزم أن أحدا من جيران العراق الأقربين أو البعيدين لا يروق له رؤية دولة قوية فيه سياسيا واقتصاديا وعسكريا وعلميا ولا يريحه ذلك.

وعلى وفق توجهات المحتلين فقد صدر قانون الجنسية المرقم 26 لسنة 2006 ويتألف من 62 مادة ويعكس فلسفة الحكم الهجين القائم حاليا، ولا نريد استعراض القانون فما يعنينا هو شرط الحصول على الجنسية العراقية، ولكننا نتوقف وقفة طويلة أمام حقيقة أن معظم حكام العراق الذين جاءوا بعد الاحتلال، هم من حملة جنسيات بلدان أخرى معظمها من الدول التي شاركت في العدوان على العراق واحتلاله. وكان هاجس الجهة السياسية التي تقف وراء إصداره، إعادة النظر في جميع قرارات وقوانين منح الجنسية التي صدرت قبل الاحتلال.

جاء في الفقرة 1 من المادة 18...

(لكل عراقي أُسقِطت عنه الجنسية العراقية لأسباب سياسية أو عنصرية أو طائفية أن يستردها بتقديم طلب بذلك، وفي حالة وفاته يحق لأولاده أن يتقدموا بطلب لاسترداد الجنسية العراقية)

ولكن ما جاء في القانون 26 لسنة 2006 كان ارتدادا على كل القيم الوطنية التي استندت عليها القوانين السابقة، فتشير المادة 3 من القانون....

يعتبر عراقيا

أ – من وُلِدَ لأب عراقي أو أم عراقية.

ب – من وُلِدَ في العراق من أبويين مجهولين ويعتبر اللقيط الذي يعثر عليه في العراق مولودا فيه ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك.

وجاء في المادة 4 من القانون

(للوزير أن يعتبر من وُلِدَ خارج العراق من أم عراقية وأب مجهول أو لا جنسية له، عراقي الجنسية إذا اختارها خلال سنة بلوغه سن الرشد.

وهذا النص يشرّعن لكل ساقطة أن تمارس الفاحشة خارج العراق بزواج مؤقت (المتعة) أو الزنا مع مجهول أو من لا جنسية له أن يحصل ولدُها على الجنسية العراقية، وهذا الحكم فيه تشجيع على البغاء والفاحشة للعراقية، ومع الأسف الشديد أن يتجه القانون هذا التوجه اللاأخلاقي بدلا من تحصين المرأة العراقية. إن منح الجنسية لمن ولد من أم عراقية إذا ما قورن بقوانين سائدة في بلدان عربية قريبة، سنراه يتعارض مع القانون اللبناني السائد والذي تبذل محاولات منذ عدة عقود لتغييره ولكن الرفض هو الذي يفرض نفسه على سلطة التشريع، أما في الكويت فكلنا نعرف مشكلة (البدون) والذي أمضوا سنوات وسنوات هناك ولكن لم يحصل أحد منهم على الجنسية الكويتية، وعلى هذا فإن من حقنا أن نجزم أن من شرع القانون كان يرنو ببصره نحو إيران لكسب رضاها وتجنيس أبنائها في العراق كي تحولهم إلى أدوات سياسية أو عسكرية للدفاع عن مشروعها الإقليمي التوسعي انطلاقا من العراق.

وتنص المادة 6 من القانون على (من أقام في العراق مدة لا تقل عن عشر سنوات متتالية سابقة على تقديم الطلب، وأن يكون حسن السلوك والسمعة ولم يكن محكوما بجريمة مخلة بالشرف). ومن اللافت في القانون أنه نص على ما يلي....

(لا تمنح الجنسية العراقية لأغراض سياسية للتوطين السكاني المخل بالتركيبة السكانية في العراق). ولكننا رأينا كيف أن قانون رقم 26 لسنة 2006 كان تمهيدا لتغييرات كبيرة في خطط عملاء إيران لنسف ما جاء في المادة 6 منه، فالاقتراح الذي تقدمت وزارة الداخلية (لتعديل) القانون المذكور ينسف البناء السياسي والاجتماعي والتركيبة السكانية في العراق، لأن قانون الجنسية في العراق ومنذ قيام الدولة الوطنية الحديثة فيه، كان السياج القانوني الذي يحمي البلاد من أي خرق يخل بروح المواطنة ويعلقها على هوى الولاء للخارج، ولعل أبرز ركيزة في فلسفة منح الجنسية العراقية كانت القوانين السابقة تعتمدها في السابق هي رابطة دم الأب، لقد كان القانون الجديد شاذا في جعل الحصول على الجنسية العراقية من أسهل ما يواجهه الأجنبي وخاصة الإيراني ومن يدين بالولاء لها.

ولعل ما يسمى بتعديل قانون منح الجنسية الأخير الذي تقدمت به وزارة الداخلية، والقاضي بمنح الجنسية العراقية لمن أقام سنة في العراق بصرف النظر عن أصوله وعمله وحتى إذا دخل العراق بصورة غير شرعية يعد سابقة خطيرة تهدد النسيج الاجتماعي والمذهبي في العراق، والدول عادة لا تمنح جنسيتها لمن دخل أراضيها بصورة غير شرعية إلا بعد أن يقضي سنوات ليست قليلة وتتفاوت قوانين البلدان بشأن المدة المطلوبة، ألا يعتبر هذا نسفا لمنطوق المادة 6 من قانون 26 آنف الذكر وللنص الخاص بعدم منح الجنسية لأسباب سياسية للتوطين السكاني؟

وهكذا نلاحظ أن المشرّع الإيراني الهوى والولاء السياسي والطائفي يسعى لتحقيق جملة أهداف لها نتائج على المجتمع العراقي في غاية الخطورة:

1 – إحداث التغيير السكاني طائفيا وعرقيا بما يؤمّن تفوقا عدديا للشيعة في العراق، خاصة وأن السلطة كانت حتى الآن تتردد في إجراء عملية التعداد السكاني، لأنها ليست واثقة من رجحان كفة الشيعة على بقية المكونات، كما أن مثل هذا التفوق السكاني إذا حصل فإن إيران ستصبح قادرة على التحرك في المنطقة على نحو يجعلها قادرة على تحدي المجتمع الدولي لأنها باتت مسيطرة على أهم مراكز الانتاج النفطي في العالم وتحت إرادتها ثقل سكاني كبير تستطيع أن تقاتل به عند الضرورة من دون أن تتحمل التبعات المالية والسياسية المترتبة على ذلك. 2 – إن الزيادة الحاصلة في سكان العراق والتي شهدها البلد منذ الاحتلال وحتى اليوم تعد زيادة استثنائية ولامثيل لها في أكثر البلدان زيادة في السكان، ولا علاقة لها بالزيادة الطبيعية التي تنتج عن العلاقات الزوجية المشروعة، فنحن نعرف أن السلطات الحكومية غضت النظر طيلة السنوات الماضية عن تدفق مئات الآلاف من زوار المراقد الشيعية في مختلف المناسبات وخاصة في عاشوراء وزيارة الأربعين، ودخل معظمهم حتى من دون تسجيل جوازات سفرهم كما تجري العادة في كل المعابر الحدودية في العالم، ولم يخرج من هؤلاء إلا عدد قليل منهم والبقية بقوا في العراق لأنهم مطمئنون أنهم سيحصلون على الجنسية العراقية في وقت لاحق وقريب، فقفز عدد السكان قبيل الاحتلال من نحو 25 مليونا إلى أكثر من 36 مليونا، فأية نسبة هذه في الزيادة السكانية؟. 3 – ولو تم تمرير هذا التغيير أو الانحراف في القانون فعلينا أن نتوقع أن يصل سكان العراق في غضون السنوات العشر المقبلة إلى ما يزيد عن 50 مليونا، ومعظم هذه الزيادات ستكون ممن لفظتهم مجتمعاتهم لأنهم من المتشردين والمتسولين والنصابين والجهلة الذين لا يجيدون عمل شيء إلا التسول والتباكي على الأئمة وسينقل إلى العراق أمراضا اجتماعية لا حصر لها، فبعد أن كان العراق أنظف بلد من حيث تعاطي المخدرات، تحول إلى المحطة الرئيسة لتنقل المخدرات عبر الحدود وتعاطيها بسبب الفقر وانعدام التشريعات المانعة لها، فالعراق مقبل على حقبة سوداء من تاريخه لم يسبق له أن عاش مثلها في أي وقت مضى، فمن هو الراغب بالقدوم إلى العراق والإقامة فيه من بلدان متطورة وآمنة وتعيش بحبوحة اقتصادية، فيترك وراءه كل ذلك ليقيم في العراق سنة من أجل الحصول على الجنسية العراقية مع انعدام الأمن؟ إن القانون مصمم من أجل منح ما يسمى بالدارسين من الشيعة الهنود والباكستانيين والأفغان والإيرانيين، الجنسية العراقية لأن معظمهم أمضوا في العراق مدة تزيد على السنة الواحدة، ومن يشرّع قانونا كهذا فإنه سيتغاضى عن شهادات التزوير التي يجلبها هؤلاء من مدارسهم الدينية التي يمتلكها معممون بدرجة آية الله. 4 – إن دول العالم تبذل جهودا استثنائية لجلب الكفاءات والخبرات النادرة لتعزيز برامج التطوير الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي والبحث العلمي، أما حكومة العراق الشيعية فلا يهمها شيء إلا إرضاء إيران وضمان بقائهم في السلطة لأطول وقت من خلال غرس قيم الجهل والأمية وزيادة أعداد الشيعة الموالين لها، وليكونوا ذراعا لإيران تستغلهم وقت الحاجة لمواجهة أي تهديد قد تتعرض له خاصة وأنهم لم يصلوا مرحلة الثقة التامة بالذين أعلنوا تحولهم من التسنن إلى التشيع، بل يتهمون المتحولين بالنفاق والتقية. 5 – إن ما ينتظر العراق من تداعيات في حال تمرير هذا التشريع الشاذ، هو ضياع الهوية الوطنية العراقية، وتحويل العراق إلى بيئة مجتمعات غير منسجمة بل متصادمة وسيستورد العراق أزمات سياسية وعرقية ودينية كثيرة بدلا من بذل الجهد لاستعادة الكفاءات العراقية المهجّرة والمهاجرة ممن اضطرتهم سياسات الحكومات الشيعية المتعاقبة على ترك ممتلكاتهم وبيوتهم ومدنهم، وبمرور الوقت سيتم تهجير سكاني عن طريق ممارسة الضغوط على العراقيين الأصليين لإجبارهم على ترك مدنهم وبيوتهم، وإحلال السكان الغرباء محلهم، فمع مجيء الأفغان والإيرانيين والباكستانيين سيصبح العراق (لملوم) وتضيع لغته العربية وتسود اللغة الفارسية لتصبح لغة رسمية بحكم الضخ المستمر للسكان المستوطنين وتهجير العراقيين الأصليين منه، لتصبح هذه أكبر كارثة إنسانية يعرفها شعب من الشعوب.

6 – يعاني العراق ومنذ الاحتلال أزمات اقتصادية متناسلة، فالصناعات الوطنية توقفت بعد أن تم تفكيك المصانع الكبرى ونقلها من قبل المليشيات إلى إيران وبعلم السلطات الحكومية، أما القطاع الزراعي فيعاني من انهيار كامل أما بسبب إهمال مشاريع الري والبزل، أو عدم القدرة على تسويق المحاصيل على قلتها، لأنها تعاني من مزاحمة المحاصيل الإيرانية المماثلة التي تعتمد مراكز التسويق على ترويجها وعرقلة تسويق المحاصيل الزراعية، هذا فضلا عن اعتماد إيران على سياسة إغراق السوق العراقية بمحاصيل رخيصة السعر أمام المحاصيل العراقية، فضلا عن إغلاق المنافذ الحدودية الأخرى كي لا تتيح فرصة لسلع الدول المجاورة الأخرى منافسة السلع الإيرانية، كما أن تردي الخدمات الصحية وعودة أمراض كانت قد اختفت من العراق قبل عشرات السنين بسبب عدم مراقبة القادمين من بلدان تعاني من تفشي الأمراض السارية كل ذلك أدى وسيؤدي إلى مزيد من الأزمات الاجتماعية.

أما الخدمات البلدية وتخلف نظام التعليم وتفشي الأمية وشيوع أعلى مستويات التزوير في الشهادات المدرسية والجامعية، كل هذا وسواه كثير أدى إلى نشوء أعلى مستوى للبطالة في تاريخ العراق، فإذا جاء هذا الكم الكبير من المستوطنين الجدد وحصلوا على الجنسية العراقية، فكيف تحل مشكلة البطالة عندهم؟ هل يضافون إلى جيوش الموظفين الفضائيين؟ أم يلتحقون بالمليشيات المسلحة التي تستنزف ميزانيات العراق ومن أجل محاصرة المواطن العراقي في حركاته وسكاناته، أم يضافون إلى جيش المشمولين بقوانين التقاعد التي تتعلق بالمظلومين والمضطهدين في النظام السابق؟ ومن أين تأتي التخصيصات لهذه الأغراض؟ 7 – وعلى الرغم من أن الانتخابات البرلمانية في العراق تعد نموذجا صارخا للتزوير والتلاعب وشراء الأصوات، فإن هذا التكدس الكمي لأعداد من الأتباع سيؤدي إلى ترجيح كفة كتل هي التي تبنت هذا التشريع وتعزيز قوتها الميكانيكية في المجالس التمثيلية في العراق من أجل إرسال رسالة للعالم بأن صناديق الاقتراع هي التي أفرزت هذه الوجوه لمقاعدها المدفوعة الثمن مقدما، وجعلت منهم ناخبين يحددون مصير المرشحين أو مرشحين يرسمون مستقبل العراق.

هذا كله سيشكل عبئا على الاقتصاد العراق يدفع ثمنه العراقي الأصلي وينتفع منه المستعرق الذي لن يحمل ولاء للعراق مهما قدم له ومهما طال زمن بقائه فيه.

هذا القانون جاء تلبية لمتطلبات خطة لإلغاء الهوية العراقية ونسف الركائز التي اعتمدتها قوانين الجنسية التي تم تشريعها قبل احتلال العراق عام 2003 وتسليم العراق إلى إيران لتنوب عن دول الاحتلال في تدمير منظومة الدولة فيه.

وسوم: العدد 817