استحضار ذكرى معجزة الإسراء فرصة لتقويض مؤامرة صفقة القرن المشئومة
بالرغم من أن الله عز وجل قد سمى سورة من سور كتابه الكريم باسم معجزة الإسراء ، وهو الكتاب الذي يتلى فينا ليل نهار، وسيظل كذلك إلى نهاية العالم وقيام الساعة ، وقد أمرنا بتدبره ، فإن الكثير منها لا يخطر لهم على بال تدبر تلك المعجزة التي لم يخبرنا بها الله عز وجل من أجل التسلية بل من أجل التزكية، لأنها منهل يجب أن ننهل منه لتقوية أرصدتنا من الإيمان تماما كما كانت تأييدا من الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم يوم بلغ تكذيبه أوجه ، وضيق الخناق على دعوته .
وكان من المفروض أن يعود المسلمون كلما ضاقت بهم الأمور إلى النهل من معين هذه المعجزة لاستعادة عافيتهم الإيمانية . ولا أظن أنه توجد اليوم ضائقة يمر بها المسلمون أشد من مؤامرة صفقة القرن المشئومة ، وهي مؤامرة تستهدف مسرى النبي صلى الله عليه وسلم ومصلاه الذي أمّ فيه الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وكان ذلك إيذانا بهيمنة رسالته العالمية الخاتمة .
وعوض استلهام معجزة الإسراء لاستعادة الثقة المفقودة لدى المسلمين في وعد الله عز وجل الناجز بالنصر المبين للإسلام ، يخوض بعضنا في جدل عقيم حول موضوع تاريخ حدوث معجزة الإسراء ، واتهام من يستحضرها في أواخر شهر رجب بالابتداع ما دام التوافق لم يحصل بين سلف الأمة حول زمن وقوعها شهرا وسنة ويوما .
وهل يمنع الاختلاف حول زمن وقوعها من استحضارها في أي وقت من الأوقات خصوصا وأن الله عز وجل قد ذكرها في قرآن أمر بأن يتلى ويتدبر ؟
وهل يوجد وقت يلزمنا أن نتدبر فيه معجزة الإسراء استجابة لأمره تعالى بتدبر كلامه غير هذا الظرف العصيب الذي تطبخ فيه مؤامرة صفقة القرن المشئومة ؟
إن هذه الصفقة المشئومة تستهدفنا كمسلمين باستهداف مقدساتنا وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك هو وما حوله ، وما حوله إنما هو أرض فلسطين كلها بل وبلاد الشام برمتها . والصفقة المشئومة هي مؤامرة محبوكة بين الكيان الصهيوني المحتل ، والإدارة الأمريكية التي بلغت أوج طغيانها ورئيسها الذي نصبه اللوبي الصهيوني يوقع بصلف وكبرياء على قرارات يباهي بها إعلاميا وبموجبها يسلم القدس وفلسطين والجولان المحتلين لعصابة اليهود وكأنه مالكها وهو يركب ظهور عصابة ذليلة من حكام العرب الراكعين بين يديه وهم يلعقون نعله بمهانة وذلة ، ويستبيحون له ثروات الأمة وهم صاغرون ليستقوي بها هو وعصابة الصهاينة المجرمين . إن أخطر ما في المؤامرة المشئومة هو انخراط تلك العصابة الخائنة فيها مقابل الاحتفاظ بكراسيها .
ولهذا يعتبر استحضار معجزة الإسراء بمثابة تعبئة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها من أجل إحباط تلك المؤامرة المشئومة، لأن القضية تتعلق بمقدسات دينية لا يمكن التفريط فيها مهما كانت التضحيات . وإن إعلان هذه المؤامرة يعتبر استفزازا لمشاعر المسلمين ،الشيء الذي يوجب عليهم القيام بواجب الجهاد بكل الوسائل المتاحة وعلى جميع الأصعدة من أجل إحباطها . وعلى الشعوب العربية المسلمة التي تأكد أن حكامها منخرطون في تلك المؤامرة بشكل أو بآخر أن تتولى تقويم انحرافهم بفرض إرادتها عليهم، فإما أن يتراجعوا عن الخيانة العظمى لدينهم ولأمتهم وإما أن يزالوا.
إن الله تعالى جعل لنا في معجزة الإسراء عبرة إذا ما تدبرناها توصلنا إلى أن الانهزام أمر غير وارد لدى أمة الإسلام ، ذلك أن قدوتها وإسوتها لم ينهزم حين كذبه قومه وألبوا عليه غيرهم ، بل سأل ربه النصر ، فجاءته معجزة الإسراء وهي رفعة وشرف وسؤدد ونصر . وعلى الأمة أن تسير على نهجه، فلا تنهزم ،ولا تستسلم ليرفعها خالقها كما رفع رسولها عليه الصلاة والسلام .
وإنه لا ذلة بعد معجزة الإسراء ، فكيف ترضى الأمة اليوم بالذلة ؟ وقد أسرى الله بعبده وأرض الإسراء لم تكن يومئذ دار إسلام ، فكيف تسلم الأمة فيها اليوم وهي دار إسلام ؟ وتسكت عن الصفقة المدنسة المشئومة ، وعن انخراط عصابة الخونة في محاولة تمريرها ؟
وأخيرا يتعين على الأمة أن تسري كل ليل إلى أرض الإسراء بأرواحها ليظل المسجد الأقصى المبارك هو وما حوله راسخا في الوجدان يقدح شرارة المقاومة لطرد الصهاينة المدنسين لطهره ، وما ضاع أبدا حق وراءه طلاّب .
وسوم: العدد 819