علم نفس الداعية

البحث الذي ما علمتُ أحدا كتب فيه ربما لقصوري في المتابعة . وكم أشعر بالحاجة إليه  في هذا الزمان الذي يموج بالفتن فيكاد يغرق أهله . المريض لا يعالج مريضا ولا يعلمه ولا يهديه ؛ ولاسيما حين يتطبب المدعوون ، ويتكاثر الرقاة وينتشرون على قنوات الفضاء . 

مواقف كثيرة لم يعد أصحابها قادرين على التعبير عنها . حتى عندما تريد أن تقوم أو تقف لجنازة إنسان تعبيرا عن إنسانيتك كما وقف من قبلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أوحين تحاول أن تظهر تعاطفك مع حريق التهم دار جارك ، أو حين تريد أن تعزي بمناضل أفنى عشر سنوات من عمره في سجون الظالمين ، أو حين تريد أن تخاطب كبير قوم بما يساعده ويساعد قومه على الإصغاء إليك ، وما أن تفعل حتى يبتدرك كثير ممن حولك :  هذا الذي تتعاطف معه لم يبك علينا يوم احترقت دارنا !! وهذا الذي تذكره بمأثرة  هو من قوم كيت وكيت أو قد كان منه في يوم آخر كيت وكيت ، كبير القوم هذا هو من ....  ولكن ألم يقل ربنا سبحانه وتعالى : " ادفع بالتي هي أحسن " " ويدرؤون بالحسنة السيئة " ألم يقل نبينا صلى الله عليه وسلم " ليس الواصل بالمكافئ "

ليس المعيار على صعيد العلاقات الإنسانية  "تبكي عليّ أبكي عليك " تسير في جنازتي  أسير في جنازتك "  في معيارية العلاقات الإنسانية النفس الممتلئة بالحب والرحمة تفيض على من حولها أسبق وأكثر ... 

أحزنني كثيرا منذ أشهر أن معلما كبيرا قال كلمة في حق مريض فبدلا من أن نتعلم منه كثر المتعالمون عليه . ورد عليه من رتبته في العلم والرؤية  أن يقال له : سم الله ، وكل بيمينك وكل مما يليك . وقديما كان وسيبقى في العلم والأدب والشعر والفن طبقات . وما كل من قال بيتا متيم . 

علمُ الدعوة  يعلمنا  : أن منبر الداعية منبر  القدوة والأسوة والرحمة والبر والقسط..

لسنا في سوق . وللسوق أخلاقه في القديم والحديث . واشتقت حضارتنا وصف

"الأخلاق السوقية " لأهلها ..

" علم نفس الداعية " علم تكتب فيه كتب ممن جمع بين دقائق العلوم ، ,وأصالة الرأي ونقاء النفس ورهافة المشاعر ..." ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا " 

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 820