من يقف وراء مجزرة سريلانكا؟

البوذية فوبيا أو الهندوسية فوبيا أو مافيا المخدرات فوبيا، أحدها قد يكون وراء هذه التفجيرات الجبانة التي ضربت مصلين مسيحيين يحيون عيد الفصح بقداس صباح يوم الأحد 21 نيسان الحالي، حيث وقعت عدة انفجارات استهدفت 3 كنائس و4 فنادق في كولومبو، عاصمة سريلانكا.

المتحدث باسم الشرطة في سريلانكا، أعلن أن عدد ضحايا سلسلة الهجمات الإرهابية التي استهدفت كنائس وفنادق البلاد، صباح يوم الأحد 21 أبريل / نيسان الجاري، بالتزامن مع احتفالات عيد الفصح، قد وصلت إلى أكثر من 300 شخص، والعدد بازدياد لكثرة المصابين والجرحى.

سريلانكا ذات الأغلبية البوذية الذين يشكلون 70% من سكان سريلانكا، إلى جانب 12% من الهندوس و10% من المسلمين و7% من المسيحيين، ويعيشون في توادد وحب واحترام وتبادل مصالح، تضبطهم أنظمة ولوائح توافقوا عليها منذ نحو عشر سنوات، بعد توقف الحرب الأهلية التي عصفت في البلاد لسنوات طويلة (1972-2009).

حتى الآن، لم تُعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم، الذي يعد الهجوم الأول من نوعه وعلى نطاق واسع منذ الحرب الأهلية السريلانكية، اللهم إلا من بعض الاتهامات لعصابات المافيا التي تقف وراء عمليات تهريب المخدرات والمتاجرة بها ومحاولة الدولة وقف نشاطاتهم الإجرامية.

رئيس الوزراء السريلانكي رانيل ويكرمسينغ أدان من جهته الهجمات على الكنائس والفنادق التي وقعت الأحد، في مختلف أنحاء بلاده وأسفرت عن مقتل العشرات وجرح المئات.

وكتب ويكرمسينغ على صفحته في توتير: "أدين بشدة الهجوم الجبان على شعبنا اليوم. وأدعو جميع سكان سريلانكا لأن يبقوا متحدين وقويين في هذا الوقت المأساوي". كما حذر من "انتشار المعلومات غير المؤكدة والمضاربات". وأضاف: "تتخذ الحكومة خطوات سريعة لمواجهة هذا الوضع".

هنا لابد لنا من وقفة احترام وتقدير لموقف رئيس الوزراء السريلانكي المتوازن، طالباً من شعبه أن يكون متوحداً وقوياً أمام هذا الحدث الجلل بعيداً عن العاطفة وردّات الفعل، ودون أن يشير بأصابع الاتهام لأي لون من ألوان الفسيفساء التي يتشكل منها الشعب السرلانكي، محذراً من انتشار المعلومات غير المؤكدة التي يروجها أصحاب النفوس الضعيفة والمزايدين على استقرار وأمن سريلنكا، بعيداً عن التهديد والوعيد والثأر التي عهدناها في بلداننا العربية التي تدار بأنظمة ديكتاتورية رعناء، عندها سفك الدماء على الهوية والاتهام المفبرك دائماً والأصابع تشير إلى الإسلام فوبيا، الذي سيكون الهدف الأول والوحيد لسهام وحقد هذه الأنظمة التي لا ترعوي عن توجيه الاتهام على عدوها التقليدي المزعوم التطرف الإسلامي.

وهنا تحضرني حادثة وقعت في بلدي سورية عندما أقدم أحد أفراد الحرس الجمهوري على محاولة اغتيال الرئيس حافظ الأسد، وكيف كان الرد العنيف والمباشر على هذه المحاولة من قبل شقيق الرئيس العقيد رفعت الأسد، وقبل أن تشير التقارير والتحقيقات إلى الفاعل، فالضحية في متناول اليد ولا حاجة إلى التحقيقات، إنهم الإخوان المسلمين وبأيديهم المئات ممن غيبوهم وراء القضبان في سجونهم المظلمة، فقد أمر هذا السفاح كتيبة من وحدات سرايا الدفاع التي يقودها بالتوجه إلى سجن تدمر الصحراوي لتنفيذ عمليته البطولية بحق ما يزيد على ألف سجين ومعتقل في ذلك السجن السيء السمعة، حيث تم إعدامهم بدم بارد خلال 20 دقيقة، وجلهم من الأطباء والمهندسين والضباط والأساتذة وطلبة الجامعات.

هذا هو الفرق بين نظامنا السادي وعقليته الإجرامية الحاقدة وقوانينه الجائرة التي تمثل شريعة الغاب، والأنظمة الديكتاتورية التي تتحكم ببلادنا وشعوبها وثرواتها ومقدراتها، وبين الأنظمة الديمقراطية التي تعمل وفق أنظمة ولوائح وقوانين لا تتجاوزها لأي سبب ما، ومهمتها حماية المواطن واحترامه ورعاية مصالحه بعيداً عن الفئوية والجهوية والمناطقية والحزبية والدينية والطائفية.

ختاماً أعبر عن حزني العميق لما أصاب سرلنكا وما تعرضت له من هجمات إرهابية استهدفت المحتفلين بعيدهم في معابدهم، سائلاً الله أن يلهم ذويهم الصبر والسلوان، مقدماً خالص تعازي القلبية لسريلنكا حكومة وشعبا.

وسوم: العدد 821