تغيير أشكال الأنظمة والأحزاب العربية دون المضامين ضحك على الذقون
الضحك على الذقون عبارة تقال حين يبلغ الاستخفاف أو الاستهزاء أوجهما بأصحاب اللحى العقلاء لمخادعتهم وهم لا يخدعون . ومعلوم أن الضحك من مثل هؤلاء معرة وسوء خلق ، فما باله إذا كان من شعوب برمتها ، إنه يصير خيانة عظمى تستوجب إنزال أقسى العقوبات بأصحابه .
ومن أشكال الضحك على الذقون تغيير أشكال الأشياء مع الاحتفاظ بمضامينها كما كانت في أشكالها السابقة ، وهذا أسلوب غالبا ما يخدع به الصبية أو الأغرار حين يرفضون قبول أشياء، فيحتال عليهم ليقبلوا بها عن طريق تغيير أشكالها أو ألونها ظانين أنهم قد أعطوا غيرها .
والمغاربة وهم أهل حكم متوارثة جيل عن آخر لهم عبارة تجري مجرى الأمثال وهي : " بدّل الحمار بأغيول " وتقال حين يحاول أحد مخادعة غيره بشيء ،فيغير شكله أو اسمه دون أن يمس بمضمونه وحقيقته ، وأغيول هو اسم الحمار باللغة الأمازيغية .
إن الأنظمة والأحزاب العربية الفاسدة المفسدة تعتمد الضحك على الذقون بل الضحك على الشعوب حين تبدّل الحمر بإغيالن، وهو جمع أغيول، وهي تتمسك بالبقاء في مراكز صنع القرار مع رفض الشعوب بقاءها ، وتظن بنفسها الذكاء والدهاء والشطارة .
أما الأنظمة وبعضها يكون عمادها أحزاب فاسدة مفلسة ،والبعض الآخر يعتمد على العسكر لفرض إرادته على الشعوب بالخداع أو بالقبضة الحديدية أو بالحديد والنار كما يقال .
ففي مصر على سبيل المثال ، وهو مثال ينطبق على غيرها من البلاد العربية تشبث العسكر بعد أول انقلاب عسكري فيها وسقوط الملكية بالسلطة ،وسموا أنفسهم ضباطا الأحرار وهم في حقيقة الأمر ضباط أشرار اغتصبوا السلطة ، وسقطت أقنعتهم حين انكشف تعاملهم مع الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين ولأرضهم ، فبعدما كان كبيرهم وزعيمهم يلوح بإلقاء العدو الصهيوني في البحر ضحكا على الذقون ، جلس من ولي اغتصاب السلطة بعده في كامب دافيد ليوقع السلام معهم عوض إلقائهم في البحر ، ولما هلك بل أهلك سار من أعقبه مغتصبا للسلطة أيضا على نهجه في مسالمة الصهاينة ، ولجأ إلى أسلوب المهازل الانتخابية بعد طبخ حزب يركبه، علما بأن الأنظمة الفاسدة تطبخ أحزابها طبخا لتتشبث بالسلطة المغتصبة . وعاث مغتصب السلطة فسادا في مصر حتى ثار الشعب عليه ، وكانت عقب ذلك أول تجربة ديمقراطية بعد المهازل الانتخابية، فلم يجد مغتصبو السلطة من العسكر بدا من الانقلاب العسكري على الشرعية والديمقراطية، فخلف طاغية عسكري طاغية سبقه وبرأ ساحته بعدما أدانه الشعب ، ولجأ هو الآخر إلى أسلوب المهازل الانتخابية للتمويه على اغتصابه للسلطة التي صارت في حكم السائبة ، وها هو اليوم يريد تمديد اغتصابه لها لأطول مدة قابلة للتجديد جريا على أسلوب من سبقه حتى يحين مرض مفسد أو هرم مفند أو موت مجهز أو الثورة، والثورة أهى وأمر.
ولا يختلف النظام العسكري الانقلابي عن أمثاله في الوطن العربي ،وليس في سردها كلها مزيد فائدة .
وكالأنظمة الأحزاب السياسية التي تتناوب على تدبير الشأن، فتفسد كأشد ما يكون الفساد ثم تترك الشأن لغيرها أو تتناوبه معه لتعود من جديد ضاحكة على الذقون تدعي أنها مؤهلة لإصلاح ما فسد متناسية أنها مفسدة ما فسد من قبل ، وشأنها كشأن مومس تتظاهر بالعفة والطهر والقداسة بعد خلاعة وتهتك وفجور .
فمتى ستتخلص الشعوب العربية من الأنظمة والأحزاب الفاسدة المفسدة ، ومتى سينتهي ضحكها على الذقون ؟؟؟
وسوم: العدد 821