تمخُّضاتُ اجتماع القدس حول الملف السوريّ
في ظرف بالغ الأهمية جاء اجتماع القدس، الذي ضمّ مستشاري الأمن القومي في الدول الثلاث: روسيا، أمريكا، إسرائيل، في: 25/ حزيران، لبحث عدد من ملفات المنطقة، في المقدمة منها: ملفا سورية، و إيران.
و هناك من يرى أنّ الملف السوري على وجه الخصوص، كان هو المعادلة الشائكة فيه؛ لما بات فيه من الضرورة بمكان، الذهابُ إلى قرارات حاسمة، تمثّل انعطافة في التعاطي معه، بعد ثماني سنوات عجاف امتدّ فيها، و بعد أربع سنوات من التدخل الروسي المباشر، من غير أن يسفر الأمر عن نتائج، أمّلها المخطط الروسي، عشية تدخله في سورية، في أيلول: 2015.
لقد جاء اجتماع القدس وسط تسريبات عن خطة قدمتها الولايات المتحدة لروسيا تتضمن نقاطًا محددة لحلحلة الأزمة السورية واحتواء إيران، بحسب ما كشفت صحيفة الشرق الأوسط، حملها الوزير بومبيو في لقائه الرئيس بوتين في سوتشي، في: 12/ إيار، حضره الوزيرلافروف من الجانب الروسي، و جيمس جيفري، مسؤول الملف السوري في الإدارة الأميركية، في إطار مهمة وصفت بالمستحيلة؛ لما تضمّنته من رؤى في التعامل مع الملفين: الإيراني، و السوريّ، تباينت فيها تلك الرؤى حول مدى الحاجة إلى دور إيراني في سورية، وربما في المنطقة، وتقاطع المصالح الإقليمية والدولية مع هذا الدور، في معادلة تقاسم النفوذ والحفاظ على المصالح، قدم فيها الوزير بومبيو خطة للتسوية من ثماني نقاط:
1ـ تنفيذ القرار الدولي 2254 بهدف التوصل إلى حل سياسي.
2ـ التعاون في ملف محاربة الإرهاب و داعش.
3ـ إضعاف النفوذ الإيراني.
4ـ التخلص من أسلحة الدمار الشامل في سورية.
5ـ توفير المساعدات الإنسانية للسوريين.
6ـ دعم دول الجوار السوري.
7ـ توفير شروط عودة اللاجئين السوريين.
8ـ إقرار مبدأ المحاسبة عن الجرائم المرتكبة في سورية.
و قد بحثت هذه الخطة ثانية في اللقاء الثنائي الذي جمع جون بولتون، رئيس مكتب الأمن القومي الأميركي، ونظيره الروسي نيكولاي باتروشيف، في القدس الغربية، في 24 /حزيران، قبيل اللقاء الثلاثي في اليوم التالي، الذي ضمّ إليهما مئير بن شبات، مدير المكتب القومي الإسرائيلي.
فماذا تريد هذه الأطراف من هذا التنسيق الثلاثي، وهل يسعى أيٌّ منها إلى إنهاء الوجود الإيراني عمليًا في سورية؟
يرى الكاتب السياسي المقيم في روسيا، رائد جبر، أنّ ما لم يعلن بعد الاجتماع يطرح أسئلة كثيرة حول صفقة خفية، في حين يعتبر المحلل السياسي، خطار أبو دياب، أنّ البحث جار عن معادلة تطمئن إسرائيل وتبقى ورقة إيران ولو جزئيًا في يد روسيا.
تشير التوقّعات إلى أنّ روسيا، لم تخرج بكثير ممّا كانت تأمل فيه، وأنّ هذا الاجتماع لم يتمخّض عن كثير من النتائج المرضية لها، و أنّ هناك ضرورة إجراء المزيد من المشاورات بين الأطراف الثلاثة مستقبلًا.
فبحسب ما تسرّب من المعلومات أنّهم كانوا يريدون ثمنًا للسير في هذه الخطة، و هو ما لم يحصل، و أنّ من العقبات الكبرى في ذلك:
ـ طلب روسيا شرعنة وجود القوات الإيرانية في سورية، بدعوى استدعائها من الحكومة السورية الشرعية، و بأنّها شريك في محاربة الإرهاب.
ـ ملف أوكرانيا، و القرم.
ـ رفع العقوبات الأمريكية عن الشركات الروسية العاملة في سورية.
ـ ألّا تتحول سورية إلى حلبة صراع دوليّ.
ـ شكل سورية المستقبل.
و حول بعض التفاهمات التي تمّت، فإنّها بانتظار رفعها إلى اللقاءات الثنائية، بين الرئيسين: ترامب و بوتين، التي ستعقد على هامش قمة العشرين في أوساكا اليابانية، التي ستلتئم في: 28 و29 من شهر حزيران .
و في هذا الصدد يرى المراقبون أنّ ما جعل روسيا تخرج من هذا اللقاء خالية الوفاض، و بنتائج لا ترضي رغبات الرئيس بوتين، هو إخفاقها في الانتقال بالملف السوري من الجانب العسكري، إلى الجانب السياسي، بعد فشلها في تحقيق مكاسب ميدانية تذكر في معارك إدلب بعد ما يربو على الشهرين من تصعيد غير مسبوق، و حتى إنّ ما حققته من إنجازات عسكرية في مناطق أخرى من الجغرافية السورية، يعود الفضل فيه إلى رفع الغطاء السياسي عن فصائل المعارضة، كرفعه عنها أمريكيًا في الجنوب، و خليجيًا في الغوطة، و مصريًا في شمال حمص، و هو ما لم يكن في إدلب، حيث التقت الرغبتان: الأمريكية و التركية في دعم الفصائل، و جرّ روسيا إلى المزيد من الغوص في المستنقع السوريّ.
وسوم: العدد 831