القراءة العشوائية للكتب والمقالات
من أكبر المشكلات الفكرية والمنهجية التي نعاني منها _ وخصوصا الشباب _ هي القراءة العشوائية للكتب والمقالات وغيرها، مما يعبر عن فقدان المنهجية المطلوبة، وأعني بالمنهجية: "عملية التسلسل المنطقي في تلقي الأفكار وقراءة الكتب للوصول لعلم صحيح واستنتاجات صحيحة" فان تلقي الأفكار وقراءة الكتب بصورة عشوائية سيؤدي بالضرورة الى تبني أفكار واستنتاجات عشوائية لا تحمد عقباها على مستوى الفهم وعلى مستوى السلوك.
فعلى مستوى الفهم فإن ذلك يؤدي إلى قلب الحقائق وتغييبها.
وعلى مستوى السلوك فإن ذلك يؤدي إلى سلوك متطرف او متسيب.
فكثير من الكتب يَفترضُ كُتّابها أن القراء لكتبهم قد اجتازوا المفاهيم الأولية والمؤسسة في العلم او الباب الذي يكتب فيه، فيقفز الكاتب سريعا إلى النتائج دون مقدمات طويلة، وهذا ليس متاحا لكل قارئ أن يفهمه ويستوعبه.
إن التوعية بسؤال أهل الاختصاص عن منهجية وتراتبية ما يقرأ مهم جدا لئلا يضيع على المتعلم والقارئ الكثير من الجهد والوقت، بل والكثير من دفع الضرائب لقرارات جاءت متولدة عن فكرة خاطئة تم الاطلاع عليها بصورة عشوائية.
ولذا قالوا قديما: "لا تأخذ القرآن من مُصْحَفي ولا العلم من صُحُفي" ومعناه لا تتعلم القرآن الا ممن تعلمه لفظيا من شيخ لا من المصحف مباشرة، ولا تتعلم العلم الا ممن تلقاه من أساتذة وليس من الكتب مباشرة، والسبب في ذلك لانه سيفتقد المنهجية المطلوبة، وهذا هو السبب في أننا نجد قراء نشطين قد قرأوا عددا هائلا من الكتب ربما بذلوا في قراءتها أوقاتا ثمينة وأموالا عزيزة دون أن تجد ثمرة وحصيلة لها عنده، لأن القراءة لم تكن بمنهجية صحيحة.
لنتخيل أن أحدنا يقرا كتب الدكتوراه قبل كتب المرحلة الأولى من الجامعة كيف سيكون تكوينه العلمي فلا هو حظي بتثبيت الأسس في المرحلة الأولى ولا حظي بالاستفادة من كتب الدكتوراه المتقدمة لأنه لن يفهمها بصورة صحيحة !!
الخلاصة: إن وجود المنهجية في التكوين العلمي والثقافي يحمينا من كثير من التطرف والتسيب والقناعة بالشبهات وضياع الوقت والجهد والمال.
وسوم: العدد 834