بعض أساليب الأسد ضد الثورة السورية
حين يتقمص طبيب عيون سوري فاسد دور الرائد القائد؛ فيجرى العمليات الجراحية السياسية التي أعمت بصر وبصيرة كل من خضع لها!!
فبعد أن أصيبوا بعمى البصر والبصيرة؛ أمسوا يرون الحق باطلا والباطل حقا! لينظروا إلى الشرفاء نظرة التخوين والريب! وجعلوا يحصون سقطاتهم، ويتصيدون بالماء العكر يبحثون في ملفاتهم ليكيلوا لهم التهم الرخيصة والملفقة، ويسقطوا عنهم كل القيم الأخلاقية والوطنية...
في حين يعتبرون هذا الذي أعمى بصائرهم وأبصارهم؛ القائد الأوحد والأكثر قداسة وأنه رمز الوطن والوطنية، فلابد لنا أن نعيد حساباتنا...
من يعتقد من السوريين أن سلاح الأسد المستخدم ضدّ الثورة السورية المباركة وأحرارها هو: مجرّد أسلحة ثقيلة من طائرات ومدافع... أو أسلحة محرمة دوليا كالكيماوي والعنقودي فحسب فهو مخطئ جدًا!!! فالسلاح الحقيقي والأساسي لديه هو سلاح التلاعب بعقول السوريين وتضليلهم وإبعاد أنظارهم عن الحقيقة.
اعتمد نظام الأسد منذ بداية الثورة على استراتيجية وضع لها أسسا ونفذها بحذافيرها.
نذكر جميعا في البداية عندما صرحت "بثينة شعبان" بشكل طائفي وقح لتبدأ بإثارة النعرات لضرب الثورة وتشويه سمعة الثوار ومبادئهم وأهدافهم ومطالبهم في الحرية والكرامة، ولتبدأ المخابرات في استغفال العناصر المتطرفة التي نسّبوها للثورة واستغلوها بشكل كبير في تشويه الثورة، فضلا عن خلق الفتن بين الثوار، فهذه العناصر المتطرفة اخترقت بعض الأجسام السياسية فشوهت سمعتها، وكان لتصرفاتها الغير متناسقة والغير مسؤولة دورا كبيرا في بقاء نظام الأسد!
من الأمور المتوفرة جدا في المجتمع السوري والشائعة هو درجة الاستعداد الكبيرة لتصديق الشائعات والتهم وتحويلها إلى حقائق متداولة! وكأنها حقائق كونية منزّلة؛ تصدّق ويروّج لها، وفي أغلب الأحيان تضخّم! وهي ليست عند عامة الشعب، بل وصل صداها إلى بعض النخب الذين يدعون الثقافة والسياسة! وللأسف كان معظمهم بعيدين عن الاحتكام للعقل في التفكير والتقدير والأدلة والبراهين ورغم تصريح الأسد على شاشة التلفزيون أن لديه (60) ألف جندي إلكتروني لازال معظم الشعب يستقبل الإشاعات كما لو أنها حقيقة لا شك فيها ولا التباس، مما خلق مرتعا كبيرا للأسد فيصل إلى أهدافه وفي مقدمتها بنظري: عدم وجود شخصيات وطنية، أو قرار وطني، أو جيش للثورة، وأصبح الكل يخون الكل ليتصدر المشهد منفردا!!!
فخلال السنوات التسع التي مضت من عمر الثورة كان سلاح الأسد الأساسي هو "المخابرات" وكان هناك أمران مهمان:
لا بد من اختراق صفوف المعارضة السورية؛ من خلال عملاء ومخبرين بهدف التجسس على المعارضين الشرفاء واتصالاتهم واجتماعاتهم وخلق المشاكل بينهم عن طريق المنافسة السياسية والشخصية والنعرات الطائفية والتخوين على وسائل التواصل الاجتماعي وتوريطهم في علاقات واتصالات يتم فبركتها بشكل يؤدي إلى فقدانهم مصداقيتهم وإسقاطهم. صناعة الشائعة وفبركتها على يد اختصاصيين وتسويقها عبر وسائل الإعلام والتواصل، وتكرارها بشكل دائم وبخاصة في الأوساط الشعبية لترسّخ في ذهن الناس، وتصبح أقرب إلى الحقيقة حيث هناك فريق متكامل من التابعين للأسد ولو بحثت قليلا وتحريت عنهم بشكل بسيط لوجدت أن مروّجي هذه الشائعات ليس لديهم ماض معروف! فهم لا يملكون شيئا يخسرونه، ويكمن نشاطهم فقط على وسائل التواصل!
في الحقيقة إن سلاح المكر والدهاء من خلال اختراق الثورة وزرع العملاء فيها وبث الشائعات؛ لعب دورا كبيرا في تمزيق الصف وإشغاله بمعارك تافهة جانبية، كما زرع الشك ولا زالت الحيل نفسها مستمرة حتى يومنا هذا!!!
إن صراعنا لا يقتصر على السلاح والبندقية فقط! هو في مضمونه الأساسي صراع إرادة، وعزيمة، وثبات... وصاحب النفس الطويل والقدرة على الثبات والتضحية سيكون له النصر أخيرا، ومن يتعب أولًا فيتوقف لا بد أن يسقط، وعامل الوقت مهم جدا في استراتيجية الأسد من خلال إطالة زمن الحرب، واعتماده على التكتيكات المختلفة، والخلافات والتقاطعات على المستوى الدولي لإقناعه بأنه ضرورة حتمية ولا بديل عنه، فضلا عن إشاعة الملل والفقر والسخط في محيط الثورة، وهو ما يعول عليه النظام إن لم يكن أمله الوحيد في البقاء! ولكن إرادة الثوار وروح الصبر والعزيمة والإصرار الموجود لدى الأحرار من الشعب السوري يدرك تماما أن الأمر يحتاج إلى وقت أطول، والخنق التدريجي لهذه العصابة لأنها ستنهار حتما ولو طال الزمن.
العامل الاقتصادي له تأثير كبير في إستراتيجية النظام وبخاصة ضيق المعيشة في المناطق المحررة. وهي جبهة أساسية ولابد من توفير وسائل العيش الكريم والسلع والخدمات لهذه المناطق، ونحن ندرك تماما كيف أن النظام لا زال يرسل الرواتب لبعض النفوس الضعيفة في المناطق المحررة ليثبت لهم أنه الراعي الحريص على الشعب رغم كل الإجرام والدمار...
من المهم جدا أن يكون هناك بناء للثقة في الثورة السورية. ورغم الصعوبة إلا أنها ليست استحالة وأخطر ما نصل اليه ونخدم به هذا النظام المجرم؛ هو فقدان الثقة بالنخب سواء السياسية أو العسكرية التي من واجبها أن تكون في ميدان العمل والممارسة، لا مجرد إلقاء الخطب والوعود والتنظير...
هل تستحق سوريا منا أن نظلّ بلا إدراك ووعي؟ أم علينا رفض هذا الواقع المقيت ونسعى لبناء وطن ذا مستقبل مشرف يقدّر ثمن تضحياتنا ومبادئنا نفخر به ويفخر بنا؟!
وسوم: العدد 836