لماذا لا يحلّ الإصلاح نفسه؟..
لا زال البعض رغم كل ما جرى منذ ما قبل ٢٠١١ مرورا ب٢٠١٤ وحتى اليوم يصدِّق أنّ علي صالح ما كان (ليقلع العداد) لولا الإصلاح!
وأن الحوثيين ما كانوا (ليعطّلوا الرَيْوَس) لولا الاصلاح!
وأن الانتقالي ما كان (ليهمل البُريك) لولا الاصلاح!
وأن التحالف ما كان ل(يحجِّر السكان) لولا الإصلاح!
وبناء على ذلك فهو يختزل العلاج الناجع لكل تلك المشكلات في مطالبة الأصلاح بحل نفسه! متسائلاً بتعجب مثير للتعجب : لماذا لا يحل الاصلاح نفسه؟!!
وللتفاعل مع هذا السؤال (البرئ) يمكن أن نناقش أسباب السؤال ومنطقه ونتائج تحققه. ولِمَ لا؟ إن كان الوطن هو همّ السائل والمجيب.
١) فمن حيث الأسباب: هل كان كل أولئكم المتآمرين على اليمن أصفياء أنقياء ما أرادوا بانقلاباتهم إلا وجه الله وسواد عيون الوطن؟
وهل نجاح من نجح منهم حتى الآن أثبت صدق دعواه وحسن نواياه، أم كذبها؟
وعلى افتراض أن الماضي كان إصلاحياً - ولا بأس من القهقهة هنا- فلماذا كانت الحرب على الشعب؟
وإن كان الحاضر إصلاحيا - وتجب القهقهة هنا - فهل تفتيت الوطن، وإنكار الهوية، هو الرد المناسب على (الإصلاح المتوحش)؟
وأي توحش أبقاه هؤلاء للإصلاح لو فكر أن ينافسهم؟!
٢) ومن حيث المنطق:
كيف يستقيم مواجهة مليشيات الحوثي والمجلس الانتقالي والقاعدة وداعش بحلّ اكبر تنظيم سياسي حزبي في البلاد!
وكيف يستقيم مواجهة خصوم الشرعية وأعداء الدولة ومنكري الهوية بحلّ سند الأولى ونصير الثانية ولواء الأخيرة!
٣) ومن حيث الأثر:
فإنّ حلّ حزب سياسي لا يعني عملياً إلا افتقاده لحقوقه الدستورية والقانونية كتنظيم، مع بقاء الحقوق الدستورية والقانونية لأفراده كمواطنين - طبعا عند من يتحدث عن حل الاصلاح لا اجتثاث الاصلاحيين- فأين المشكلة مع حقوق الحزب:
أولاً: دستوريا وقانونيا وسياسيا وهي ذات الحقوق الذي يتمتع بها غيره من الاحزاب!
ثانياً: واقعياً حيث وهو متنازل عن جلّ تلك الحقوق إن لم يكن كلها؟!
ويكفي أن نقارن بين مكانتي الحزب الأفقية والرأسية لنعرف أنه أقرب إلى حزب قد حَلّ نفسه بالفعل:
- فما موقع أكبر الاحزاب اليمنية على الإطلاق - حالياً- في مؤسسات الدولة السيادية، في مقابل أحزاب أخرى بعضها اسم تاريخي لا جغرافيا له. وبعضها الآخر اسم لا تاريخ له ولا جغرافيا. وهي مع ذلك ممثلة في تلك المواقع وبقوة عددية بل ونوعية استراتيجية!
- وأين أثر الحزب إزاء ما يتعرض له افراده بل وقياداته من مطاردات واختطافات واغتيالات.
- وأين أثر الحزب تجاه الاعتداءات المتكررة على مقاره ومرافقه!
- وأين أثر الحزب تجاه الهجوم اللا أخلاقي المركز عليه من قبل قيادات حزبية تشاركه نفس الأطر وذات التحالفات السياسية.
- وأين أثر الحزب تجاه التحريض عليه من قبل مسؤولين في سلطة يقال أنه مسيطر عليها!
- وأين أثر الحزب تجاه حملة التشويه الممولة والتي وصلت إلى أوراق تقارير بعض المنظمات الدولية المكتوبة بنفس حزبوي داخلي اكثر منه حقوقي خارجي!
مع التأكيد على وجود آثار واضحة وكبيرة للإصلاح في:
- ضبط مسار كتلة جماهيرية ونوعية ضخمة بضابط الشرعية.
- توجيه سخطها في اتجاه الانقلابي فقط.
- كبح جماحها عن التمرد على خيبات السلطة، وغدرات تحالفها.
- منعها من التحول إلى موضة المرحلة وخلق مشروع صغير جديد، بل مشاريع صغيرة جديدة. لكن بشعبية حقيقية هذه المرة.
ما يعني عملياً حضور (الإصلاح) أكثر في معترك الواجبات. واحتضاره الأكبر في مشترك الحقوق.
الأمر الذي يفرض استبدال سؤال: لماذا لا يحل الاصلاح نفسه؟ بالاسئلة الآتية:
س١: لماذا يحل الاصلاح نفسه؟!
س٢: لماذا لا تكبر الاحزاب السياسية الأخرى بدلاً من انتظار سقوط الكبار أو التهليل لإسقاطها؟
س٣: لماذا لا تُدعى المليشيات لحل نفسها والتحول إلى أحزاب سياسية بدلا من العكس؟
س٤: لمصلحة مَن الهروب من إصلاح الحل إلى (حل الإصلاح)؟
وسوم: العدد 838