الأورومتوسطي والشبكة السورية: استهداف المدنيين بمعرة النعمان جريمة مروعة تستوجب ملاحقة مرتكبيها
جنيف- قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان والشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم الجمعة إن الهجوم الذي شنته القوات الحكومية واستهدف منازل المدنيين في مدينة معرة النعمان بمحافظة إدلب شمال غرب سوريا وتسبب بقتل أطفال ونساء غير قانوني وعشوائي، وينتهك القانون الدولي انتهاكًا صارخًا.
ووفق معلومات وثقها الأورومتوسطي والشبكة السورية، فإن طائرة حربية سورية من طراز Su-24 قصفت بثمانية صواريخ -على الأقل- مساء أمس الأربعاء منازل مدنية وسط معرة النعمان، إحدى المدن الواقعة في محافظة إدلب، ما أدى إلى مقتل 13 مواطنًا سوريّاً، بينهم 6 أطفال وسيدتان، وإصابة العشرات بجراح مختلفة.
وقال الأورومتوسطي والشبكة السورية في بيان مشترك: "إن القصف أحدث دمارًا واسعًا في المكان، وتسبب باندلاع الحرائق، ما ساهم في زيادة عدد القتلى والجرحى، الأمر الذي أعاق عمل الطواقم في تقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم".
الهجوم المروع على معرة النعمان يعكس جانبًا عما يواجهه آلاف المدنيين، إذ تشن القوات الحكومية السورية والجيش الروسي هجومًا شاملًا على إدلب بلا تدابير صارمة تحمي المدنيين منذ 26 أبريل (نيسان) حتى الآن.
ووقع اتفاق لوقف إطلاق النار بين الحكومة السورية والفصائل المعارضة لها في محافظة إدلب في 17 سبتمبر (أيلول) 2018، ينص على إقامة منطقة "خفض التصعيد" في إدلب، لكن الهجمات العسكرية من قبل القوات الحكومية التي تستهدف المدنيين والمنشآت الطبية والأسواق هناك لم تتوقف، إذ وصل عدد الضحايا بصفوف المدنيين إلى 998 شخصًا قتلوا منذ بدء التصعيد العسكري، منهم 271 طفلًا و 173 سيدة.
يُذكر أن إدلب هي آخر مناطق السيطرة الرئيسة للجماعات المعارضة للحكومة، ويقطنها نحو 3 ملايين شخص.
ودفع التصعيد الأخير أكثر من 550 ألف شخص إلى النزوح من مناطقهم، وفق إفادة الأمم المتحدة، وباتت مناطق بأكملها في ريف إدلب الجنوبي شبه خالية من سكانها.
وعانى النازحون والمهجرون قسرًا من إدلب صعوبات كبيرة في جميع مفاصل حياتهم، لكن أبرز المشاكل التي تواجههم هي صعوبة تأمين بيوت السكن، بسبب غلاء إيجاراتها أو عدم توافرها في المناطق الحدودية، وتأمين مياه للشرب وللاستخدام، مع تراجع الدعم الإغاثي الدولي لهم، مما ينذر بتفشي العديد من الأمراض خلال الأيام القادمة إن لم تكن هناك استجابة دولية عاجلة.
وقال الأورومتوسطي والشبكة السورية: "إنه من الضروري أن تضغط الأمم المتحدة على قوات الحكومة السورية وحليفتها روسيا لوقف هذه الهجمات التي تنتهك القانون انتهاكًا صارخًا"، مطالبان في الوقت ذاته جميع أطراف النزاع بوضع حماية المدنيين أولوية.
وأكدا أن شن هجوم عشوائي قد يتسبب في موت أو إصابة مدنيين، أو شن هجوم مع المعرفة بإمكانية تسببه بخسائر مدنية عرضية أو إصابات أو أضرار، عند ارتكابه بنية إجرامية؛ يمكن أن يرقى إلى جريمة حرب.
من جانبه قال الباحث القانوني في الأورومتوسطي محمد عماد إنه "لا يوجد مسوغ لمهاجمة المباني المدنية كالمنازل والمستشفيات والمدارس. مع ذلك فإن القوات الحكومية السورية قصف وقتل المدنيين في منازلهم".
وأضاف "عماد": "إن استمرار استهداف المدنيين والمنشأة الصحية والخدمية في إدلب وأريافها انتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني، وقد يرقى إلى جريمة حرب وفقًا لاتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين، ويستوجب محاسبة الأطراف المتورطة بذلك".
وبين الباحث القانوني أنّ استهداف المنازل المدنية وتدميرها على رؤوس قاطنيها محظوران بموجب المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م، وأنّ حماية الأحياء السكنية المدنية ضرورة لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، إذ نصّت المادة 25 من لائحة لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907م على "حظر مهاجمة أو قصف المدن والقرى والمساكن والمباني غير المحمية، أيًّا كانت الوسيلة المستعملة".
وحث الأورومتوسطي والشبكة السورية الأمم المتحدة والأطراف الفاعلة على التحرك الجاد لوقف ما يجري من جرائم في إدلب، والإسراع في توفير التمويل اللازم لزيادة وتيرة العمليات الإغاثية في المناطق التي تشهد القصف والتدمير.
وسوم: العدد 840