تعذيب الجزائريين إبّان الثورة الجزائرية حسب شهادة أسير فرنسي
قرأ صاحب الأسطر وكتب عن تعذيب الجزائريين إبّان الاستدمار الفرنسي على أيدي الجلاّدين السّفاحين الفرنسيين وبشهادة الفرنسيين أنفسهم الذين قاموا بتعذيب الجزائريين أنفسهم أو الفرنسيين الذين نقلوا شهادات الجزائريين ومنهم الكاتب الفرنسي وكتابه الذي بين أيدي القرّاء والنقاد:
Jacques CHARBY « L’ALGERIE EN PRISON » , Préface de Claudine et Pierre Chaulet Edition ANEP , 2006, Contient 79 Pages.
من الملاحظات التي استرعت انتباه القارىء المتتبّع هي:
أوّلا: الكاتب الفرنسي الذي عرف الجزائر من خلال السجن
سجن الكاتب الفرنسي Jacques CHARBY دفاعا عن الثورة الجزائرية وتعرّض للتعذي و وصف الجزائريين وهم يتعرّضون للتعذيب والإهانة في سجون المحتل الفرنسي بفرنسا. يتحدّث الكاتب عن التعذيب إبّان الثورة الجزائرية من طرف الجلاّدين السّفاحين المجرمين الفرنسيين ضدّ الفرنسيين المؤيّدين للثورة الجزائرية والجزائريين الأحرار. تمّ إلقاء القبض على الكاتب الفرنسي بتاريخ: 20فيفري 1960 بباريس فرنسا. صفحة 13. عرفت الجزائريين من خلال السجون التي يقبع فيها الجزائري ويعذّب فيها ويهان.31 عشت مع الجزائريين حوالي 5 أشهر و رأيت 500000 جزائري مقاوم معتقل في السجون. 32 يقول الفرنسي بعد إطلاق سراحه: أنا حر في نسيان هؤلاء الفرنسيين، حر في نسيان هذه الحرب. 71 يصف الجزائريين بصدق حين يقول: طبعا، المقاومين الجزائريين ليسوا كلّهم أبطال، أو حكماء، لكنهم رجال. 73 شرف الشعب الفرنسي لا يمكنه أن يتجسّد إلاّ باحترام الشعب الجزائري. وليس عبر تجاهله واحتقاره. 73 يرى الفرنسي أنّ هناك تشابها كبيرا بين النازية والاستدمار الفرنسي. 56 الجزائريين وهم في السجون وتحت التعذيب كانوا يأملون دوما في الحرية واسترجاع السيادة الوطنية. 62
ثانيا: حرص الجزائريين السجناء على التعليم وهم تحت التعذيب
طالبنا من فرنسا إزالة الحواجز بين اليهود والجزائريين. 40 إنشاء صندوق لمساعدة المساجين الجزائريين. 38 كلّ سجين يقدّم دروسا للمساجين حتّى أنّي تساءلت هل هؤلاء هم "الإرهابيين" و الصعاليك"؟. 41 أصبح 400 تلميذ سجين جزائري و3 من المساجين تركوا امتحانات شهادة البكالوريا والتحقوا بالثورة الجزائرية. 43 نضج التلاميذ الجزائريين المساجين أخجلني كثيرا. 44 استطاعت الدروس التي تقدّم للجزائريين المساجين عن طريق الجزائريين المساجين أن تقدمهم إلى 10 سنوات 20 سنة 30 سنة من التخلف الذي كانوا يعانونه. 44 ساهم اليهودي الفرنسي في تقديم الدروس للمساجين الجزائريين وهو في السجن وكان يقلقه مستوى الجزائريين المتدني في الإملاء ويطلب منهم أن لايبرّروا ضعفهم بعدم وجود مكانا في السجن وليهتموا بدراستهم وأن لاينساقوا وراء التبرير. 47 المساجين الجزائريين يطلبون بإلحاح دروس ومحاضرات تتعلّق خاصّة بـجزائر الغد. 51 يستنكر اليهودي الفرنسي على فرنسا تقديم دروس للمساجين الجزائريين في السجون باللّغة الفرنسية وليس العربية. 55 من شدّة الفقر كان الجزائري يجد صعوبة بالغة في شراء كراس لابنه. 70 جزائري سجين يقول: نعم كنت عربيدا وسيمحى ماضي الشخصي كما يمحى ماضي الاستدمار لاحقا. 64
ثالثا: أشكال التعذيب الممارسة ضدّ الجزائريين كما يصفها الفرنسي المسجون:
يتحدّث الأسير الفرنسي عن ما يسميه بـ "التعذيب الأبيض" وهو تعذيب الجزائريين من طرف الجلاّدين السّفاحين الفرنسيين دون ترك أثر على جسد الجزائري الذي يخضع للتعذيب حتّى إذا جاء الصليب الأحمر لم ير شيئا ويكتب في التقرير وبمساعدة الصليب الأحمر أنّ لا وجود للتعذيب !. من وسائل التهديد قول الجلاّد لك: "لك 5 دقائق لتجيب". "5 دقائق، هل سمعت !". 15 الشتم و السب والصراخ15. الاستنطاق التالي بين الجلاد السّفاح الفرنسي قائلا -وحسب ترجمتي-:" "شوهد أنّك كنت باستمرار بمرافقة جزائريين. هل تعرفهم؟ "يجيب الفرنسي الذي يخضع للتعذيب والاستنطاق: "بالضّبط. لي أصدقاء جزائريين كثر. لست عنصري. الجلاّد الفرنسي القائم على الاستنطاق يأمر المكلّف بكتابة التقرير أن لايكتب في التقرير أنّ الفرنسي غير عنصري مع الجزائريين ويقول له باستهزاء واستهتار وحسب ترجمتي: "انتظر، لا تقل لي أنّك ستكتب هذه الحماقات". 16 يفرّقون بين الجزائري والمرأة الأوروبية الاستدمارية ليس على أساس الجنس بل على أساس عنصري. 19 يصف أنواع العذاب الذي يتعرّض له الجزائري وأصناف المستدمرين المكلّفين بتعذيب الجزائريين فيقول: كلّ الجزائريين على وجوههم حمرة (أي الدماء) لكن لا يوجد أثر للجروح الظاهرة. ( أقول: هذا هو الذي سماه بـ "التعذيب الأبيض؟ !" أي تعذيب الجزائري دون ترك أثر خارجي حتّى يظهر أمام المنظمات الدولية أنّ فرنسا الاستدمارية "تحترم حقوق الجزائريين؟ !". 20 ممنوع مقاسمة الأكل مع المساجين الجزائريين. 20 تعرية المساجين الجزائريين. 20 اللّكمات في كلّ مكان من الجسد والشدّ من الشعر والضرب بوحشية والعري والكلام القبيح والدماء ويضربون في الأماكن التي لايعتقد السجين أنّهم سيمسونها والحرق بالسجائروالبصق على الوجه والاسنطاق وهو عار كما جاء في صفحات 21-24. الماء والكهرباء والجلوس على القارورات. 31 رأيت مساجين دخلوا الزنزانة فكانوا: وجوه سوداء، وآثار اللّكم، وشعر ملطّخ بالدماء، وعيون مقتلعة، و آذان مقطوعة، وشفاه الخدين ممزّقة حتّى الذين تعوّدوا على التعذيب لم يستطيعوا تحمّل المنظر. 52 غرس المسامير في الجسد. 53 بعد جهنم الاستنطاقات تبدأ: الضرب والشتم والضرب بالبندقية. 53 من شدّة ما تعرّض له الجزائري من إهانة وتعذيب عندما يناديه الفرنسي بضمير الجميع "أنتم –vous" يعتبرها الجزائري إهانة له. 54 القائد الفرنسي المكلّف بتعذيب الجزائريين يتقن جيّدا اللّغة العربية. 59 أجلسوني على قارورة وهم يضحكون. 60 الكهرباء بالنسبة للماء سهلة وهي كقطعة حلوى. 60 من مظاهر التعذيب إخفاء الأبناء. 61 كلّ موقوف يتعرّض للتعذيب. 61 عدّة جزائريين ماتوا تحت الخنق. 63 تعذيب الأطفال في 15 سنة من عمره. 66 تطهير المكان بالمفهوم الفرنسي المحتل بعد كلّ عملية معناه إبادة المكان من أيّ مجاهد. 67
رابعا: رأي الجزائري حول الكتاب وصدق الكاتب الفرنسي.
التعذيب الذي تعرّض له الفرنسي وبشهادته لا يمكن بحال مقارنته بالتعذيب الذي تعرّض له الجزائري إبّان الثورة الجزائرية والذي لم تشهد له الدنيا مثيلا وبشهادة الجلاّدين السّفاحين المجرمين الفرنسيين. التعذيب الذي تعرّض له الفرنسي لا يمكن بحال مقارنته بالتعذيب الذي تعرّض له الجزائريون منذ الاستدمار الفرنسي سنة 1830 وإبّان الثورة الجزائرية 1954 وأيام قلائل قبل استرجاع السيادة الوطنية سنة 1962. لا يمكن بأيّ حال من الأحوال مقارنة الجزائري والفرنسي من حيث التعذيب فإنّ ذلك استهتار لما تعرّض له الجزائري واحتقار للنفوس من رجال ونساء التي أعدمت واغتصبت وشوّهت إلى الأبد ومنذ الاستدمار الفرنسي سنة 1830. الكتاب وهو في الحقيقة وصف من طرف الفرنسي لما تعرّض إليه الجزائري من تعذيب أكثر ممّا هو وصف لتعذيب الفرنسي على أيدي الفرنسيين ما يدل على صدق الأسير الفرنسي ولم يصوّر نفسه أنّه البطل وأنّه تعرّض للتعذيب أكثر من الجزائريين. للأمانة، الفرنسي كان أمينا صادقا في وصف همجية و وحشية وجرائم إخوانه الفرنسيين الجلاّدين السّفاحين وهو ينقل بصدق وأمانة أدق تفاصيل التعذيب وأبشع الوسائل المطبّقة على الجزائريين وعلى المناطق الحسّاسة من أجساد الجزائريين بكلّ أمانة وصدق. يرفض المستدمر أن ينقل شهادة صادقة أمينة في حقّ الجزائريين ولو كان من فرنسي ويتفنّن في نقل كلّ مايسىء للجزائر والجزائريين من طرف الجزائريين والفرنسيين معا ومن أيّ كان. تنقل وسائل الإعلام الفرنسية عن جزائريين ما يدعو لحرق الجزائر وتفتيتها وترفض أن تنقل عن جزائريين يدعون للوحدة والتماسك بين الجزائريين. كلّما قرأت كتابا عن التعذيب من طرف الفرنسيين إلاّ واستنكرت على الجزائريين الذين تعرّضوا للتعذيب ولم يكتبوا عنه لحدّ الآن. الفرنسي اليهودي يكتب عن تعذيب الجزائريين من طرف المحتلّين الجلاّدين السّفاحين المجرمين الفرنسيين والجزائري مازال يرفض أن يتحدّث عن التعذيب الذي تعرّض له إبّان الاستدمار الفرنسي والثورة الجزائرية.
خامسا: تحية تقدير للأسير الفرنسي الصادق في وصف تعذيب الفرنسيين للجزائريين
سجن الكاتب الفرنسي Jacques CHARBY أيام الثورة الجزائرية مع الجزائريين وتعرّض للتعذيب و وصف بأمانة بالغة التعذيب الذي تعرّض له الجزائريون على أيدي الجلاّدين السّفاحين الفرنسيين أي إخوانه وكذا التعذيب الذي تعرّض له. ما لفت انتباه القارىء المتتبّع أنّ الأسير الفرنسي لم ينسب البطولة لنفسه ولم يقل أبدا أنّي تعرّضت للتعذيب أكثر من الجزائريين ولم يقل أنا أشدهم تحمّلا للتعذيب واكتفى بوصف تعذيب إخوانه الفرنسيين لإخواننا الجزائريين بكلّ صدق وأمانة. يستدعي المقام أن يقدّم الشكر – ولحدّ الآن – للفرنسي الذي كان أمينا صادقا في نقل وحشية وعنصرية أخيه الفرنسي حول رفض توثيق عدم عنصرية بعض الفرنسيين تجاه الجزائريين إبّان الثورة الجزائرية وفي نفس الوقت يشكر من جديد لأنّه استطاع أن يقدّم وبصدق وأمانة حقيقة المستدمر الفرنسي الذي يرفض حتّى شهادة أخيه الفرنسي الصادقة الأمينة في حقّ الجزائري ولو كانت شهادة زور في حقّ الجزائري لنقلها وبثّها وروّج لها. كلّ التحية والتقدير والعرفان للذين دعّموا الثورة الجزائرية من يهود وعرب وغرب وفرنسيين. كلّ التحية والتقدير والاحترام لكلّ فرنسي وغربي تعرّض للتعذيب في سبيل الدفاع عن الجزائريين إبّان الاستدمار الفرنسي والثورة الجزائرية.
وسوم: العدد 847