نصّ ميثاق حلف الفضول الجديد

المصدر: - وام

جاء في نص «ميثاق حلف الفضول الجديد»: إن المتعاهدين على هذا الحلف إذ يؤمنون بالقيم المشتركة بين أديان العائلة الإبراهيمية، وسواها من الحقوق الإنسانية الفطرية التي يتمتع بها كل البشر وإذ يؤكدون أن لديانات العائلة الإبراهيمية تراثاً عقدياً وأخلاقياً مشتركاً ومتمايزاً في ذات الوقت، وكلها تثمن القيم الإنسانية التي تشترط السلام والاحترام المتبادل والتسامح من أجل الازدهار، وبأن التعاون والتنسيق بين الناس من كل الأديان والمعتقدات جدير بأن يوطد دعائم السلم في العالم، وبأن تحالفاً بين العقلاء من أهل الإيمان، كل منهم ينهل من تراثه لكي يعلي من شأن القيم التي تقود إلى الاحترام والتسامح والسلام، حقيق بأن يطفئ نيران الحرب، ويهزم وكلاء الرعب والخلاف، واعتماداً على أن العهود والمواثيق، لها مكانتها في تاريخ العلاقات الدولية، وفي تأسيس قيم السلم والعدل والحرية والتسامح، وأن من جملتها الحلف المعروف تاريخياً بـ«حلف الفضول»، الذي أبرم بمكة في القرن السابع الميلادي، متذكرين اتفاقاً آخر هو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي أعلن في عام 1948 م.

ونظراً لحاجة الواقع العالمي الراهن إلى حلف فضول للقرن الـ21 حيث لا يزال الدين يلعب دوراً فاعلاً في الحكامة العالمية، والدبلوماسية الثقافية.

واستنادا إلى: أحكام القانون الدولي، والقوانين الأممية؛ وقرارات الأمم المتحدة ورسالة عمّان (نوفمبر 2004)، وكلمة سواء (أكتوبر 2007)، وإعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية في البلدان المسلمة (يناير 2016)، وإعلان واشنطن لتحالف القيم (فبراير 2018)، ووثيقة الأخوة الإنسانية (فبراير 2019)، ووثيقة مكة المكرمة (مايو 2019).

واستذكاراً لإعلان في الحقوق الدينية الذي أعلنته الكنيسة الكاثوليكية (1965) والذي أعطى الأساس لطلب الكنيسة الكاثوليكية الحرية الدينية لكل الناس، بسبب الكرامة الإنسانية.

واستذكاراً أيضاً لأهمية الإعلانات المختلفة التي أصدرتها الأديان والطوائف والتقاليد الأخرى والتي تؤكد القيم التي يعبر عنها هذا الميثاق.

واستلهاماً من قوافل السلام الأمريكية في أبوظبي (مايو 2017) والرباط (أكتوبر 2017)، والمؤتمرات العديدة التي شارك فيها منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة.

واعتباراً لتوصيات الملتقيات السنوية الخمسة من (2014 إلى 2018) لمنتدى تعزيز السلم، والتي ألهمت حلف فضول جديداً مع أولي بقية من العالم.

قد أبرموا هذا الميثاق المسمى «ميثاق حلف الفضول الجديد».

تعريفات

الفصل الأول التعريفات: حلف الفضول يستخدم للدلالة على الحلف المبرم قبل الإسلام على أساس الفضيلة ومكارم الأخلاق والقيم النبيلة المشتركة بين بني الإنسان، من غير اعتبار لفوارق الانتماءات القبلية والعرقية والدينية.

وحلف الفضول الجديد للدلالة على الحلف الذي هو موضوع هذا الميثاق، والداعي إلى إعلاء القيم كما يفهمها أصحاب ديانات العائلة الإبراهيمية في خدمة السلام، والتضامن، والتفاهم المشترك بين الناس أياً كان دينهم أو عرقهم أو جنسيتهم، وأديان العائلة الإبراهيمية للدلالة على اليهودية والمسيحية والإسلام ولكنها تتلاقى مع القيم المشتركة التي يحملها أصحاب الأديان الأخرى، وأولو بقية من العالم للدلالة على الملتزمين بالقيم الإنسانية المشتركة، والمحبين للسلام والتسامح والعدل.

 الحقوق

لحقوق الإنسان طريقان على الأقل أحدهما هو الحقوق التي تمنحها الحكومات، والتي يكون لها أكبر القيمة حينما تشمل الجميع وتراعي كرامة الإنسان والعدل، والنوع الآخر هو ما اصطلح عليه تاريخياً بالحقوق الطبيعية أو التي لا يمكن إزالتها، والتي تعني الحقوق التي وجدت قبل الدولة ويرثها كل إنسان بفضل وجوده، وهي حقوق إلهية المصدر ممنوحة للمؤمن وغير المؤمن ولا بد لأي دولة عادلة من الاعتراف بهذه الحقوق وحمايتها، ويجب اعتبارها ضرورة للكرامة الإنسانية، والازدهار الاجتماعي.

القيم والبواعث

للقيم بعدان، قيم الفضائل الذاتية (كالرحمة والإيثار)، وقيم الفضائل الاجتماعية المدنية (كالضيافة والجوار والتضامن وإغاثة الملهوف)؛ فينبغي الترغيب فيهما، ونظمهما في نسق قيمي إنساني.

والبواعث التي تدعو إلى حلف الفضول الجديد: الحالات المتزايدة حول العالم للاضطهاد الديني والتمييز على أساس الدين أو المعتقد، والاعتداء على أماكن العبادة والمؤمنين الذين يرتادونها، كما جاء في قرار الأمم المتحدة رقم 16/ 18 لعام 2011 الذي يدين أي دعوة إلى الكراهية الدينية تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف، والاتهام للدين، أي دين بأنه عنيف بالأصل وبالتالي مسؤول عن ظاهرة الإرهاب هو اتهام زائف، وكذلك التطرف العنيف والأنماط المتعصبة من الدين التي تهدد الدين المعتنق والممارس بحرية.

 والإيمان بالمشتركات وبضرورة تفعيلها، وهي تنقسم لنوعين، المشتركات باعتبار ديانات العائلة الإبراهيمية، كالإيمان واللطف والكرامة الإنسانية الشاملة؛ والمشترك الإنساني (القيم الكونية المتعالية عن التأثر باختلاف الزمان والمكان والإنسان).

والقلق الوجودي نتيجة تطور نموذج معاصر تتجاهل أهدافه المادية الاحتياجات الأخلاقية لسكان العالم، وانتشار أسلحة الدمار الشامل.

والعولمة وما نجم عنها من تجاذب بين واقع معولم مغرق في التنميط، والتشيئة والاستهلاك؛ وواقع محلي منغلق على ذاته ومعتقداته.

المبادئ

ينبني حلف الفضول الجديد على ما يلي: مبدأ الكرامة الإنسانية إن الناس، وإن اختلفت أديانهم وألسنتهم وألوانهم وأعراقهم، فقد كرمهم الخالق القدير بنفخة من روحه في أبيهم آدم عليه السلام، ومبدأ حرية الاختيار وحرية ممارسة الدين، لا إكراه في الدين.

وعلى الدولة حماية الحرية الدينية، بما في ذلك حرية التنوع الديني، بما يضمن العدل والمساواة بين مختلف فئات المجتمع.

ومبدأ التسامح، واحترام الآراء المختلفة يجب حمايته بالقانون والنظر إليه أنه اختلاف إثراء لا اختلاف إقصاء.

ومبدأ العدالة، العدل مبدأ معاملة الناس جميعاً بالقسط والمساواة، والإحسان إليهم أفضل وأولى.

ومبدأ السلم، باستثناء حالة الدفاع عن النفس فإن العنف سواء الفردي والجماعي (الحرب) أمر مرفوض، ويلزم التمسك بالوسائل السلمية لتدبير الاختلاف بين الأفراد والجماعات.

ومبدأ الرحمة، الرحمة واسطة عقد الناموس: (الحق والرحمة والإيمان)، الراحمون يرحمهم الله، ومن لا يرحم لا يرحم.

ومبدأ البر بالآخرين، لا ميز في البر بالآخرين بين القريب والغريب، سواء كان بر صلة أو معروفاً، ومبدأ الوفاء بالعهود والمواثيق.

الأهداف

ويرمي حلف الفضول الجديد إلى انخراط رجال الدين في نشر السكينة والسلم، ويقع على عاتق القادة الدينيين، وفقاً لمبادئ هذا الميثاق، الإسهام في نشر السكينة وبناء السلم، من خلال التنسيق بين معتنقي أديان العائلة الإبراهيمية، وبين أتباع الديانات الأخرى من العائلة الإنسانية والتصدي للتطرف والفكر العنيف، وخطابات التحريض والكراهية وانتهاج مقاربة تصالحية في كل دين، لترسيخ التسامح بشتى أبعاده.

المواطنة الإيجابية

وتعد المواطنة إيجابية ومسؤولة إذا كانت مبنية على الحرية والمساواة والتعددية والاحترام المتبادل وإذا كانت ممارسة الحقوق متعايشة مع حماية الوئام الاجتماعي، والمحافظة على النظام العام طبقاً لروح المادة 29 من إعلان حقوق الإنسان وإذا كانت ملتزمة بالسعي نحو فلسفة اللاعنف، والتضامن الفكري والمعنوي في مواجهة المشكلات.

احترام الأديان

 تشجيع المؤمنين على احترام بعضهم البعض، واحترام دين الآخر في جوهره احترام لكرامة الإنسان، وهو فضيلة أساسية تعزز ازدهار الفرد وخير الجميع، ويتمظهر في حماية الرموز والمقدسات والحساسيات الدينية للآخرين والاحترام للأديان الأخرى لا يعوق الحوار المهذب حول القضايا العلمية في ما بينها أو النقاش المحترم داخل الدين الواحد.

حماية حقوق الأقليات

للأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو دينية أو لغوية الحق في العيش، بلا اضطهاد ديني أو سياسي أو عنصري، بل لهم الحق في أن يعيشوا كمواطنين كاملي ومتساوي المواطنة في مجتمعاتهم، مقتبسين في حياتهم العامة من معتقداتهم الأساسية حول القيم والأخلاق.

دعم المعاهدات الدولية

نؤيد المعاهدات والمواثيق الدولية التي تعلي من شأن الكرامة الإنسانية والقيم لأنها مصدر للقانون والأعراف الدولية، وتساهم في الأمن العالمي لأنها من أهم وسائل توطيد التعاون السلمي بين الدول، كيفما كانت أنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولأنها تجسد مفهوم المواطنة التعاقدية والتي هي محورية لهذا الميثاق.

المجالات والوسائل

يمكن لحلف الفضول الجديد أن يساهم في تدبير الشأن الإنساني في كثير من المجالات، وذلك باستعمال عدة وسائل: المادة 10: مجال العائلة.

وذلك يكون بإعادة الاعتبار إلى منظومة العائلة من حيث هي الأصل الأصيل للقيم، والعدل، والسلام، والتربية، والتسامح.

 مجال التعليم

وذلك يكون بالدعوة إلى اقتران التعليم بالتربية، وربط النظام التعليمي بالمنظومة الأخلاقية، لتهذيب السلوك الفردي والجماعي، والدعوة إلى ترشيد وتطوير التعليم الديني لمواكبة المعارف والخبرات الحديثة، بما في ذلك، مثلاً ما تمت مناقشته في مؤتمر أبوظبي 2019 حول تعليم التسامح في الحوارات متعددة الأديان.

 العمل الإنساني

 الدعوة إلى إشاعة قيم الضيافة، وإغاثة الملهوف، وإيواء اللاجئ والمهاجر وابن السبيل؛ وحماية الضعفاء، ومن سواهم من ذوي الحاجة، حيثما كانوا، وممن كانوا

والدعوة إلى تكثيف مبادرات فعل الخير، وإطعام الطعام.

وسوم: العدد 854