مرتزقة بوتين يخوضون حرباً فوق القانون
جماعة فاغنر الروسية ودورها القذر في سورية
(جماعة فاغنر) هم جيش المرتزقة الروس الذين يجوبون العالم بتوجيه من مجرم الحرب بوتين شخصياً، ليكونوا البديل عن القوات الروسية النظامية التي لا يستطيع إذا ما زجها في مثل هذه الحروب على تحمل تبعاتها لا في الداخل الروسي ولا أمام الرأي العام العالمي، فكان لابد له من الاعتماد على المرتزقة في خوض حروبه القذرة التي يشنها في سورية إلى جانب مجرم الحرب بشار الأسد وفي ليبيا إلى جانب اللواء المتمرد حفتر.
لقد وصلت جماعة فاغنر إلى سورية عام 2013 لمساعدة مجرم الحرب بشار في استرجاع المنشأت النفطية التي سيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية؛ ولكنهم فشلوا في المهمة، وأخفقوا في إعادة المنشآت النفطية للنظام السوري.
لقد أصبح اسم الفاغنر يتردّد كثيراً في ساحاتِ القتال ضمن العديد من البلدان العربية مثل سورية، والسودان، وليبيا، ولأنّ الحروبَ في العالم باتت بـ"الوكالة"، فإنّ روسيا اختارت مرتزقة "الفاغنر" للقيام بأعمالٍ قذرة في البلدان التي تمزقها الحروب والصراعات، بدلاً عنها. فموسكو تتيقّن تماماً أنّ دخولها في أي حربٍ مباشرة أمرٌ ليس وارداً أبداً في حساباتها، وعليه فإنّها تطمحُ إلى ممارسة الحرب عبر وسطاء، تتمسك بهم بلحظة، وتتنصّل منهم ببرهة غير محسوبة.
من هي جماعة فاغنر الروسية؟
لتسليط الضوء أكثر على جماعة الفاغنر؛ فهي جماعة من المرتزقة الروس شبه عسكرية، بلغ عددها أكثر من 1500 عنصر، تستخدمها الحكومة الروسية للقيام بأعمال عسكرية وتأدية مهامٍ قذرة في بلدان الحروب، للوصول إلى مصادر الموارد الطبيعية، وتضمّ هذه الجماعة مجموعة من العسكريين الروس المتقاعدين، وتحصل على عقود روسية مربحة للوصول إلى الموارد الطبيعية في البلدان التي تعمل فيها بغية استغلالها.
ومع هذا، فإنّ مستوى الفاغنر الرخيص يتوضّح من خلال قيادتها، التي يرأسها بائع نقانق، لا يفقه شيئاً من الناحية العسكرية، وهو يفيغني بريغوجين ومعه ديميتري أوتكين، العميد السابق في الجيش الروسي الذي يخضع لعقوبات أمريكية بسبب دور "الفاغنر" في تجنيد الجنود الروس السابقين للقتال في شرق أوكرانيا.
بالنسبة لبريغوجين، فإنّه زعيم "الفاغنر"، وهو الذي أبرم مع نظام الأسد صفقة لتحرير حقول النفط والغاز والبنية التحتية في سورية مقابل الحصول على 25% من الإنتاج في المستقبل، كذلك، فقد استغلّ بريغوجين وأوتين ثروات العديد من البلدان الضعيفة، كحقوق التعدين في آسيا الوسطى، كما أنهما قاما بعمليات ابتزاز مقابل الحماية في ليبيا وأوكرانيا.
وفي عام 2015 دعيت جماعة فاغنر للمساعدة في سورية. وأنشأت مركز تدريب جنوبي روسيا. وكان المرتزقة يتدفقون على الجماعة من أجل المكافآت المجزية، إذ كان المقاتلون يتلقون ألف دولار في الأسبوع خلال التدريبات، مع وعود بأن تتلقى عائلاتهم 60 ألف دولار إن هم قتلوا في المعارك.
وأعطيت الأولوية في التجنيد للجنود السابقين في القوات الخاصة، وقوات البحرية والقوات الجوية الروسية.
جماعة فاغنر ومهمتها في سورية
وكانت المهمة الأولى لجماعة فاغنر هي تدريب قوات النخبة السورية، كما شاركت جماعة فاغنر في العملية التي قال فيها إعلام النظام إن الجيش السوري حرر مدينة تدمر التاريخية من عناصر الدولة الإسلامية، وفقدت جماعة فاغنر في تلك المواجهة أكثر من 32 من مرتزقتها. والواقع أن مرتزقة جماعة فاغنر كانوا يقاتلون مكان الجيش الروسي النظامي، وكانت مهمتهم الأساسية هي رفع معنويات الجيش السوري وكفاءته، وتجنيب القوات الروسية النظامية الخسائر البشرية، وتدخلت روسيا بشكل رسمي في الحرب الدائرة في سورية عام 2015 بعد أن أخفقت الميليشيات الشيعية التي جندتها إيران وزجت بها إلى أتون المواجهات بين الجيش الوطني الحر وبقايا جيش النظام المتهالك، فتدخلت روسيا بقوة وبما تملك من ترسانة حربية مدمرة لتحول دون سقوط الأسد وقد أصبحت معظم مساحة سورية مسيطر عليها من قبل الجيش الوطني الحر.
جماعة فاغنر ومهمتها القذرة في ليبيا
وبعد المهمة السورية توجهت جماعة فاغنر إلى أفريقيا، وإلى ليبيا بالتحديد ليقاتلوا إلى جانب جماعة حفتر المتمرد على السلطة الشرعية المعترف بها دولياً، بإغراءات مالية كبيرة مقدمة من دولة الإمارات.
مصادر عسكرية ليبية، تؤكد تواجد عناصر الـ"فاغنر" شرق البلاد، منذ آذار من العام 2017. وذلك إلى جانب مجموعة عسكرية روسية أخرى، تدعى الـ"آر إس بي" التي قامت بنشر العشرات من عناصرها المسلحة للقتال والتدريب.
المخابرات البريطانية تكشف الدور القذر لجماعة فغنر
لم تبقَ قضية التواجد الروسي السري في ساحة الاقتتال الليبية حبيسة الكواليس. فبالنسبة لتقرير صادر عن المخابرات البريطانية أواسط تشرين الأول 2018، فإنّ مسألة التدخل الروسي تحولت إلى "قضية رأي أوروبية".
أمّا المسألة الأكبر التي كشفها التقرير، هو إقدام "الفاغنر" إلى جانب المخابرات الروسية على نقل ترسانة صواريخ، إلى قاعدتين عسكريتين في طبرق وبنغازي. لقد نبه التقرير إلى خطورة التحركات الروسية السرية وسيطرتها على الشواطئ الليبية، لكونها ستفتح موجات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
بحسب التقرير، فإن "الكرملين يسعى إلى نسخ تجربة شبه جزيرة القرم وسورية على الأراضي الليبية، ومحاولة استخدام ورقتي الهجرة والنفط ضد الغرب، الغريم التقليدي لروسيا".
تركيا تعقد اتفاقاً أمنياً وبحرياً مع ليبيا
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تمكن من عقد اتفاقية أمنية وبحرية مع حكومة السراج الشرعية تحدد المنطقة البحرية الاقتصادية لكلا الدولتين وتسمح لتركيا بتواجد عسكري على الأراضي الليبية إذا ما طلبت الحكومة الليبية الشرعية ذلك، وجاءت هذه الاتفاقية رداً على الاتفاقية التي عقدتها مصر وإسرائيل واليونان وإيطاليا وقبرص اليونانية بشأن تقاسم الغاز والنفط في البحر المتوسط بعيداً عن أنقرة، وذكر الرئيس التركي في العديد من تصريحاته عن وجود مرتزقة الفاغنر الروسية في ليبيا تقاتل إلى جانب اللواء المتمرد حفتر، مما دفع الروس إلى التنصل من أي علاقة لهم مع تلك المجموعة المرتزقة، كما عملت موسكو مدعومة من أنقرة إلى عقد لقاء بين السراج وحفتر للتوقيع على هدنة بينهما؛ والانخراط في العملية السياسية لحل القضية الليبية، ولكن حفتر في اللحظات الأخيرة رفض التوقيع على الاتفاق وغادر موسكو.
العالم يترقب نتائج مؤتمر برلين
أنظار العالم مشدودة إلى المؤتمر الذي سيعقد في برلين خلال الأيام القادمة بشأن إيجاد حل سلمي للقضية الليبية، وقد دعي إلى هذا المؤتمر الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن، وبعض الدول الأوروبية والإقليمية ذات الصلة بأطراف الصراع الليبي، فهل ستشهد الأيام القابلة حلاً لهذه القضية الشائكة وتضع حداً لنزيف الدم فيها؟ نتمنى ذاك.
وسوم: العدد 860