بوتين يلعق حبر توقيعه قبل أن يجف
لا تمضي سويعات على جفاف حبر توقيع بوتين على تعهداته تجاه ما يتم الاتفاق عليه بين موسكو وأنقرة؛ حتى نشاهد بأم أعيننا عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة؛ ووسائل التواصل الاجتماعي على لعق هذا المجرم لحبر توقيعه والتنكر لتعهداته بكل وقاحة ونذالة وسفاهة، حيث يرسل طائراته لقصف المدنيين بكل وحشية ما شهد التاريخ لها مثيلاً، منكلاً بالمدنيين ومدمراً البيوت على رؤوسهم، في حين تطلع علينا جوقة من المهرجين الروس عبر الفضائيات تؤكد التزام موسكو بتعهداتها تجاه ما اتفق عليه بوتين مع أردوغان وما وقع عليه.
أردوغان يقطع الشك باليقين
لقد قطع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشك باليقين؛ عندما وصف صراحة وبكل وضوح اتفاقيات “أستانة” بـ “الميتة”، ليفتح الباب أمام السؤال حول مستقبل هذه الاتفاقيات، وكيف سينعكس توقف العمل بها على الأرض.
ويأتي حديث الرئيس التركي، في ظل استمرار تقدم قوات النظام السوري المجرم، وبدعم من الطيران الروسي في ريف إدلب الجنوبي، وسيطرتها على مناطق واسعة من أرياف المحافظة، وقتل الآلاف من سكانها وفرض النزوح على مئات الألوف باتجاه الحدود السورية-التركية.
وأضاف أردوغان للصحفيين أن هناك بعض الاتفاقات بين تركيا وروسيا في مسار “أستانة” و”سوتشي”، لكن “للأسف الروس لم يلتزموا بها".
بوتين لا يلتزم بما وقع عليه ويرفض أي تواجد للمعارضة على الأرض
لقد نص الاتفاق الموقع في مدينة سوتشي الروسية بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والروسي بوتين، في أيلول 2018، على الإبقاء على منطقة “خفض التصعيد” في إدلب، وتحصين نقاط المراقبة التركية واستمرار عملها.
ووفق الاتفاق، يتخذ الاتحاد الروسي جميع الإجراءات اللازمة لضمان تجنب تنفيذ عمليات عسكرية وهجمات على إدلب، والإبقاء على الوضع القائم، إضافة إلى إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15- 20 كيلومترًا داخل منطقة "خفض التصعيد".
لقد كان الرئيس التركي متمسكًا منذ البداية باتفاقات "أستانة"، لكن على أساس أن تكون المعارضة السورية شريكة بمستقبل سورية، سواء في تعديل الدستور أو في المرحلة المقبلة من مستقبل سورية.
ولكن كلاً من النظام السوري وموسكو رفضا أي وجود للمعارضة على الأرض، أو في العملية السياسية، والدليل واضح عبر قصف إدلب وأريافها وتقدم النظام بغطاء جوي روسي، وقضم الأرض وفرض النزوح على مئات الألوف من سكان المحافظة.
أردوغان يهدد
أردوغان هدد بإنهاء العمل باتفاقات “أستانة”، وبالقيام بأعمال عسكرية على الأرض لدفع الطرف الآخر للجلوس إلى طاولة الحوار، لعقد اتفاقيات جديدة حول المنطقة والالتزام بها، مهدداً باستخدام القوة العسكرية في سورية من أجل “إرساء الاستقرار”، وخاصة في محافظة إدلب.
وقال أردوغان خلال اجتماع موسع لرؤساء فروع حزب “العدالة والتنمية”، في العاصمة أنقرة، في 31 من كانون الثاني الماضي، إن تركيا تريد إرساء الاستقرار في سورية، ولن تتردد في القيام بكل ما يلزم إزاء ذلك بما يشمل استخدام القوة العسكرية.
وهذا من حق تركيا لأن لها مصالح في المنطقة، ولن تتخلى عن العمق الاستراتيجي، المتمثل بكل مكونات الشعب السوري، الذي إذا خسرته أنقرة ستخسر مصالحها في الشرق الأوسط وكل المنطقة، لأن سورية هي بوابة تركيا على المنطقة.
وقد يكون التصعيد على الأرض هو نتيجة عدم صمود التفاهمات الروسية التركية، وذلك يترجم حاليًا بشكل فعلي في ريف حلب الغربي، حيث تدعم تركيا فصائل المعارضة، في مواجهة تقدم قوات النظام في المنطقة.
فصائل الجيش الوطني الحر تفتح جبهات حلب
إن ما يحدث في ريف حلب اليوم يعكس إرادة تركيا في مقاومة النفوذ الروسي، وما خسرته فصائل الثورة في محافظة إدلب، وقد أبلغت تركيا قادة فصائل الجيش الوطني الحر بأن عليهم حماية وتحرير أوطانهم، وأن تركيا لن تقصر في دعم مجهودهم الحربي، وعليه فقد شنت فصائل الجيش الوطني الحر وبدعم من تركيا هجوماً كاسحاً ومباغتاً من ثلاثة محاور باتجاه أحياء حلب الغربية، حيث تتواجد ميليشيا النظام السوري المجرم والميليشيات الرافضية المؤيدة له، مكبدة النظام وهذه الميليشيات الخسائر الكبيرة في الأرواح والسلاح والمعدات، باعتراف وسائل إعلام النظام نفسه ووسائل التواصل الاجتماعي المؤيدة له، معيدة إلى الثورة ألقها.
هذا التطور استنهض همم الشباب السوري وجعلهم يتوجهون إلى الجبهات بأعداد كبيرة للانخراط في فصائل الجيش الوطني؛ لتحرير البلاد من الغزاة والمحتلين الروس والروافض والميليشيات الطائفية التي جندتها إيران، عاقدين العزم على الثبات والتشبث بالأرض حتى يحكم الله بيننا وبين نمرود الشام وحلفائه.
وسوم: العدد 862