احتمالات عدوان أميركي وإسرائيلي على غزة
في تسريب خاص عقب المحادثات السرية التي أجرتها رئيسة الاستخبارات الأميركية جينا هاسبل في رام الله مع رئيس الاستخبارات الفلسطينية اللواء ماجد فرح ، ووزير هيئة الشئون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ ؛ أنها أخبرتهما بنية أميركا مهاجمة غزة لنزع سلاح المقاومة !
وكل شيء جائز من الإدارة الأميركية الحالية التي يقودها رئيس جاهل أحمق بمعاونة مستشارين لا يقلون عنه جهلا وحمقا وسوءا ، وتوجه إسرائيل سياستها في المنطقة . ويقوي احتمالات العدوان إضافة لحمق الإدارة الأميركية وجهلها انهيار العالم العربي الذي تمزقت فيه دول مؤثرة مثل سوريا والعراق ، وانكفأت فيه مصر على ذاتها انكفاء ضارا حتى لذاتها ، وكشفت فيه دول الخليج عن حقيقتها دون طلاء النفاق المعهود منها فإذا هي كيانات كل مناها رضا أميركا وإسرائيل عنها ، فهي تفعل كل ما تريدانه منها من تطبيع للعلاقات مع إسرائيل ، ومن تمويل كل تحرك لهما معادٍ للعرب والمسلمين ، وتشكيك في عدالة القضية الفلسطينية .
وفلسطينيا ، السلطة عاجزة يائسة محنطة في قوقعة التزامها باتفاق أوسلو الذي نبذته إسرائيل على كثرة ضرره للفلسطينيين ، وليس لدى هذه السلطة سوى شريان حياة وحيد هو ما أبقت عليه إسرائيل من اتفاق أوسلو ، أي التنسيق الأمني الذي قال عنه أبو مازن في خطابه في اجتماع وزراء الخارجية العرب إنه وفر لإسرائيل معلومات " ولا في الأحلام " . وإسرائيليا ، يتوق نتنياهو لبيان قدرته للإسرائيليين على تأمينهم من المقاومة عسى يعينه هذا البيان على التغلب على منافسة جانتس في انتخابات الكنيست في الثاني من مارس القادم ، ويسانده في هذا التوق وزير دفاعه المهووس نفتالي بينت . في جو مثل هذا ، لا نستبعد أن تهاجم إسرائيل غزة ، أو تهاجمها أميركا ، منفردتين أو مجتمعتين . ومن فوائد هذا العدوان فضلا عن الهدف الأميركي الخاص بنزع سلاح المقاومة ، وهو هدف إسرائيلي أساسا ، وهدف تفويز نتنياهو في الانتخابات ؛ إقصاء الاهتمام في المنطقة والعالم بصفقة القرن الغريبة المستهجنة الخارجة عن كل الشرعيات الدولية ، وتسهيل تنفيذها بالتغطية على ما فيها من خطورة على الحقوق الوطنية الفلسطينية والمصير الفلسطيني ذاته ، والتضليل بأن سلاح المقاومة قضية خطيرة وأولى بالاهتمام من صفقة القرن ، وأنه عقبة في طريق هذه الصفقة التي يجهل الفلسطينيون " الحمقى " مثلما وصفهم كوشنير فوائدها العظيمة لهم ولكل المنطقة وليست لإسرائيل وحدها .
والتضليل مكشوف هنا . إنه يضخم خطورة سلاح المقاومة ويصوره سلاح دولة عظمى ، وأنه في خطورة سلاح دمار شامل . فماذا نفعل لمواجهة العدوان المحتمل على غزة ! الأحداث السيئة تتسارع ، وعدونا يفتش عن ثغرة للاندفاع منها لتنفيذ صفقته لتصفية قضية شعب ووطن إنقاذا لنفسه من الممر التاريخي الضيق الذي حشر نفسه فيه حين قدم مهاجروه متتابعين إلى الوطن الفلسطيني على أمواج كذبة خلو هذا الوطن من السكان ، وبعد أن صار أهل الوطن أكثر من مهاجريه الغرباء على كثرة ما طرد من الفلسطينيين خارج هذا الوطن ؛ شعر بهول حاجته إلى الإنقاذ ، ولا حل في معتقده سوى متابعة التخلص مما يتحدى كذبته بالاستفادة من صفقة القرن التي هي مثلما كتبنا أكثر من مرة إسرائيلية مضمونا وصياغة ، ويعترف بهذا إعلاميون إسرائيليون . وجوابا على سؤالنا عن فعلنا لمواجهة العدوان المحتمل على غزة نرى أنه لا مواجهة له إلا بجبهة فلسطينية موحدة من الضفة وغزة وفلسطينيي الداخل المحتل الذين تستهدفهم الصفقة بضم عشر من بلداتهم في المثلث إلى الأراضي المقترحة ل " الدولة الفلسطينية " ليكونوا على طريق الطرد في ما بعد مع بقية إخوانهم في الضفة تنفيذا للمخطط الإسرائيلي الذي لا يرى حياة أو مستقبلا لإسرائيل ما بقي ملايين الفلسطينيين بين النهر والبحر . لا ريب في أن تكوين جبهة من الثالوث الفلسطيني ليس سهلا إلا أنه وسيلتنا الوحيدة للبقاء في وطننا في صراعنا المصيري مع الغرباء الذين قُذِفوا علينا من كل العالم ، وأصروا على أننا لا مكان لنا في وطننا التاريخي ، وليكن ردنا عليهم عملا بما قاله شاعرنا العظيم محمود درويش : " هذه الأرض لا تتسع لهويتين ، إما نحن أو نحن ، نحن الباقون وهم العابرون " ووصفهم بأنهم " عابرون في كلام عابر " ، فأغضب مناحيم بيجن رئيس الوزراء والإسرائيليين غضبا عارما لما في قوله من نذير بنهايتهم في هذه الأرض .
وسوم: العدد 862