دائرتا الحلال والحرام ، في القول والفعل ، تتقاطعان في المشتبهات !
عَنِ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ - وأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ: إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، والْحَرَامَ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَنْ وقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وهِيَ الْقَلْبُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
المباح المطلق ، لدى الشاطبي ، معدوم ؛ فهو يرتفع إلى المندوب ، أو ينزل إلى المكروه ! وينسحب هذا ، على سائر المباحات ، في الطعام والشراب ، والمسكن والملبس .. وكلّ مايقوله الإنسان ويفعله ، في سائر الشؤون : السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ..!
فاللغو، الذي ليس مأموراً به ، ولا منهيّاً عنه ، في الأصل ، يُنظر إلى نتائجه ومآلاته ، من إضاعة الوقت - الذي هو أمانة - فيما لاينفع ، وبالتالي ؛ ففيه ضرر، بسبب هدرالوقت عبثاً !
والزيادة ، في أكل الأطعمة الحلوة ، وشرب السوائل الحلوة ، قد ترفع السكّر، في الجسم .. كما أن الزيادة ، في أكل الأطعمة المالحة ، قد ترفع الضغط ..!
والثلاثة ، الذين غالَوا في العبادة ؛ فقال أحدهم : إنه يصوم ولا يفطر، وقال الثاني: إنه يقوم الليل ولا ينام ، وقال الثالث : إنه لايتزوّج النساء .. ذمّ رسولُ الله فعلهم، وبيّن أنه : يصوم ويفطر ، ويقوم الليل وينام ، ويتزوّج النساء .. ومَن رغِب عن سنّته ، فليس منه !
فلا إفراط ولا تفريط ! وممّا ورد ، في حديث النبيّ ، عن عليّ بن أبي طالب ، قوله له : يَهلك فيك اثنان ، مُحبّ غالٍ ، ومُبغِضٌ قالٍ !
فدائرة الحلال الرحمانية ، ودائرة الحرام الشيطانية ، تتقاطعان في كلّ قول و فعل، واتّساع أيّ منهما ، يكون على حساب الثانية !
والأمور التي توسّع الدائرة الرحمانية ، معروفة ، عند كلّ من لديه معرفة ، بأحكام الإسلام وأخلاقه ، ومنها : الاستغفار، والذكر الكثير، والصدقات ، وسائر العبادات، المكتوبة والنوافل .. ! كما أن الأمور، التي توسّع الدائرة الشيطانية ، معروفة ، لدى العارفين بأحكام الإسلام وأخلاقه ، ومن أهمّها : الغفلة عن ذكر الله ، وعن عبادته.. والمعاصي ، التي ترين آثامها على القلوب .. إضافة إلى أمراض القلوب ، من : كِبْر وحَسد وعُجب.. وكُره للمؤمنين.. وغير ذلك!
وسوم: العدد 863