وثيقة ترامب للسيطرة على العالم واستعباده وإشاعة القتل والدمار فيه
لا أدري كيف تجاهل الإعلام العربي والعالمي حديثا لترامب في يناير من هذا العام ، حديثا لا شبيه له في بربريته وإجرامه .اهتديت إلى ملخص الحديث صدفة في موقع " إضاءات " . هو بحق وثيقة تحدد هدفا ، وتبين طريق نيله . يقول ترامب في مستهله : " نحن لا نأبه للأخلاق ولا للأديان ولا للقيم الإنسانية ، نحن العالم ، والباقون إما أن يكونوا عبيدا لنا أو نستعبدهم " . وعقب هذا الاستهلال الهائل التوحش والسقوط يخاطب مستمعيه ، ويعود بهم تاريخيا إلى عام 1717 الذي يعده ولادة للعالم الجديد ، ، ويذكرهم بأن أول دولار طبع في 1778 ، ويقول إنه كان لابد من قيام الثورة الفرنسية في 1789 ليحكم هذا الدولار ؛ لأن هذه الثورة قضت على عالم حكمته الأديان والأساطير 5000 سنة ، وأحلت محله نظاما عالميا جديدا يحكمه المال والإعلام ، ولا مكان فيه للمعايير الأخلاقية ، والمعيار الوحيد هو المصالح . ويبشر في سعادة بحروب يقتل فيها عشرات الملايين في العالم ، وأن أميركا لن تأسف لقتلهم : " فنحن اليوم لم نعد نملك المشاعر والأحاسيس . " ، ويختص العرب والمسلمين بنصيبهم من القتل : " سنقتل الكثير من العرب والمسلمين ، و، نأخذ أموالهم ، ونحتل أراضيهم " ، ويرى هذا القتل للعرب والمسلمين : " أقل كثيرا مما يفعله العرب والمسلمون بأنفسهم . " ، وينعتهم بالغباء والخيانة والكذب ، ويصنف حديث العرب عن تقديم أميركا المال إلى إسرائيل بأنه إشاعة كاذبة ، وأن العرب هم الذين يقدمون المال إلى إسرائيل حين يقدمون أموالهم إلى أميركا بغير حساب ، فتقدم هي إلى إسرائيل جزءا منها ، " يجود علينا الخيرون بمالهم * ونحن بمال الخيرين نجود " . ويعترف بأن أميركا قلبت الأنظمة ، ودمرت الدول ، وقتلت الشعوب كذبا باسم الديمقراطية ، وأن الوقت حان للتخلي عن هذا الكذب ، والاختباء خلف الإصبع . ويقر بأن أميركا شركة ، والشركات تبيع وتشتري ، وهي مع من يدفع أكثر ، و أن : " الشركات لتبني عليها دائما أن تهدم ، ولا يوجد مكان مهيأ للهدم أكثر من الوطن العربي " ، وهو في وصفه لأميركا بالشركة يعيد وصف الكاتب الأميركي جاك بويلز لها بأنها شركة لا دولة في مقال مطول ترجمتُه عن " global research " بعنوان : " حروب أميركا الملفقة الأسباب .. من اليابان إلى إيران " . ويكشف : " سأستمر في السيطرة على النفط العربي ؛ لأن هذه السيطرة تساعدنا في السيطرة على أوروبا والصين واليابان " ، ويجذب الانتباه أنه لم يذكر روسيا بين الدول التي يخطط للسيطرة عليها . ويعترف بأن بلاده تحاول أن تدمر إيران وتقلب نظامها ، وأن إيران لم تعتدِ على أميركا ، وينفي وجود شعوب حرة في الشرق الأوسط : " فلو وجدت ما وجدنا نحن " ، يقصد في الشرق الأوسط ؛ لأن هذه الشعوب لو كانت حرة لقاومت السيطرة الأميركية ، ويتبع نفيه قائلا : " لذلك لن نسمح بإيقاظ هذه الشعوب . " ، ونرى كيف نفذت أميركا هذا التهديد مسبقا بإفشال ثورات الربيع العربي ، وقلبها إلى تدمير لعدة دول وشعوب وأوطان عربية ، وما زال التنفيذ متصلا متصاعدا ترسيخا للسيطرة الأميركية في أضعف المناطق العالمية وأسهلها لهذه السيطرة القاتلة التي لن يرمش لها جفن في قذفنا في محرقة مصير إزالي لا يختلف عن مصير الهنود الحمر . والأدلة وفيرة على أن وباء كوفيد 19 الأميركي التخليق أحد وسائل هذا التنفيذ .
هل تفلح أميركا الهمجية المنحطة الأخلاق في السيطرة على العالم وفعل ما تريد به من استعباد وقتل ونهب ثروات ؟! دروس التاريخ تجمع على حقيقة أنه ما من قوة طغت إلا بعث الله _ تمجدت ذاته _ من يكسر توحش طغيانها تنفيذا لسنته الثابتة في ملكوته التي يحددها قوله _ تعالى _ في التنزيل العزيز في الآية الأربعين من سورة الحج : " ... ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ... " ، فيكون تدمير الطاغي في ذات تدبيره الإجرامي ، ويخلو التاريخ من طغيان في همجية وفجور الطغيان الأميركي الذي لا يستثني حتى الأقربين مثل الأوروبيين ، وما قاله ترامب عن السيطرة على أوروبا وعاه وفهمه ديجول رئيس فرنسا الأسبق في جذوره التاريخية عندما قال إن أميركا نبتت من ثلاث جثث ، هي جثة أوروبا ، وجثة الهنود الحمر ، وجثة الأفارقة الذين هلكوا في السخرة في مزارع الجنوب الأميركي خاصة . وعلى العرب والمسلمين أن يحركوا طاقات الإسلام الجبارة لردع الطغيان الأميركي حتى لا يكونوا الجثة الرابعة ، والوكيد أن أكثر العالم سيكون جبهة واحدة في هذا الردع ، ولن يختلف مصير الطغيان الأميركي عن مصير كل طغيان تقدمه في حقب التاريخ ، ويجب التضافر والتآزر عالميا للتسريع بهذا المصير ، وطرد الأفعى الأميركية السامة من حديقة الإنسانية .
وسوم: العدد 870