الفارق بين قضية جدار الفصل العنصري وقضية نقل السفارة الأميركية إلى القدس في محكمة العدل الدولية

هناك فارق كبير بين قضية جدار الفصل العنصري الذي قدمت به محكمة العدل الدولية قراراً استشارياً والذي كان لصالح الفلسطينيين، ومسألة نقل السفارة الاميركية الذي لن يكون استشارياً بعد ان اصبحت فلسطين دولة غير كاملة العضوية في الجمعية العامة للامم المتحدة، ودولة طرف من نظام محكمة العدل الدولية.

فبتاريخ 10/12/2003 تقدمت الجمعية العامة للامم المتحدة بطلب استشاري من محكمة العدل الدولية بواسطة الامين العام للامم المتحدة، وقد تبلغت المحكمة من الجمعية العامة بموجب قرار ES.10.14  المعتمد بتاريخ 8/12/2003، اما بمسألة نقل السفارة الاميركية الى القدس، فقد تقدمت الحكومة الفلسطينية بالشكوى الى محكمة العدل الدولية في 28 ايلول 2018، بعد ان انضمت فلسطين الى اتفاقية فيينا في 2 نيسان 2014، والبروتوكول الاختياري في 22 اذار 2018، وفي 4 تموز 2018 وفقاً لقرار مجلس الامن قدمت دولة فلسطين اعلان الاعتراف باختصاص محكمة العدل الدولية.

بالنظر الى المادة 65 من النظام الاساسي لمحكمة العدل الدولية فيما يخص الرأي الاستشاري، رأت المحكمة انه يحق للجمعية العامة ان تطلب الرأي الاستشاري بناء على المادة 96 من الميثاق بخصوص جدار الفصل العنصري، عندها تقدمت كل من مصر، فلسطين، الاردن، السعودية، والجزائر مذكرات مكتوبة للمحكمة، وامتنعت اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية واسرائيل عن حضور المرافعات. وفي المقابل، وفقاً لقرار مجلس الامن 9 (1946) والمادة 35(2) من النظام الاساسي لمحكمة العدل الدولية، فإن محكمة العدل الدولية لها اختصاص بالنظر للشكوى المقدمة من الحكومة الفلسطينية، بناء على المادة الاولى من البروتوكول الاختياري لاتفاقية فيينا، للنظر بالنزاعات المتعلقة بالتسوية الالزامية، وتنص اتفاقية فيينا الدبلوماسية بالمادة 48، انه يفتح باب التوقيع من قبل جميع الدول في الامم المتحدة للنظام الاساسي لمحكمة العدل الدولية او من قبل اي دولة اخرى دعت اليها الجمعية العامة لتصبح طرفاً بالاتفاقية،  وبما ان دولة فلسطين اصبحت طرفاً في محكمة العدل الدولية، فتستطيع المحكمة تسوية اي نزاع ينشأ او نشأ بحسب المادة الاولى والثانية من البروتوكول الاختياري.

نصت المادة الاولى من البروتوكول الاختياري المتعلق بالتسوية الاجبارية انه يقع ضمن اختصاص المحكمة المنازعات الناشئة عن تفسير او تطبيق الاتفاقية ويجوز تقديمه عبر اي طرف من البروتوكول.

اصدرت محكمة العدل الدولية في 9/7/2004، رأيها الاستشاري غير الملزم بشأن الجدار واعتبرته غير شرعي ومخالف للقانون الدولي، وطالبت اسرائيل بتعويض المتضررين الفلسطينيين، وقد اتخذ قرار اختصاص المحكمة بالاجماع، بينما 14 صوتا مع قرار ادانة اسرائيل بشأن الجدار مقابل صوت واحد ضد وهو صوت القاضي الاميركي بوير جنتال. اما بمسألة نقل السفارة الاميركية الى القدس، فبناء على المادة الثانية من البروتوكول الاختياري التي تنص على اتفاق الطرفين خلال فترة شهرين اللجوء الى التحكيم الدولي، ويجوز عرض النزاع على محكمة العدل الدولية، قامت دولة فلسطين بإبلاغ وزارة الخارجية الاميركية في 18 ايار 2018 من موقفها في اتخاذ قرار نقل السفارة الا ان وزارة الخارجية الاميركية لم ترد على وزارة الخارجية الفلسطينية.

لهذه الاسباب كان قرار محكمة العدل الدولية بخصوص الجدار استشارياً، اما قضية نقل السفارة الاميركية الى القدس فهي الزامية للولايات المتحدة الاميركية كون مقدم الشكوى الحكومة الفلسطينية وليست الجمعية العامة، وكون فلسطين دولة طرف في محكمة العدل الدولية كما ان الولايات المتحدة الاميركية دولة طرف.فهل سيفشل قرار محكمة العدل الدولية هذه المرة عندما يعرض على مجلس الامن؟  

وسوم: العدد 870