وقفة صدق
تابعت دون قصد منّي عددا من المقالات حول بعض المسلسلات التّلفزيونيّة، ووصلتني على المسنجر عدة فيديوهات عن مسلسلات تلفزيونيّة مثل "أمّ هارون"، وبعض المقالات لصحفيّين وكتّاب خليجيين، يشتمون فلسطين الوطن والشّعب، ولم يقصّر كتّاب فلسطينيّون بالرّد المليء بالشّتائم لشعوب دول خليجيّة، رغم أنّهم أشقّاء حقيقيّون لنا، وإذا اختار بعض الفنّانين مثل ناصر القصيبي وحياة الفهد وغيرهما أن يختموا حياتهم بالسّقوط في مزابل التّاريخ، فهذا لم يفاجئني رغم أنّه أحزنني، ورغم اعتقادي أنّه سقوط متعمّد وله دلالات سياسيّة تأخذ أبعادا كثيرة.
وحزني أكبر عندما أقرأ مقالات أو تعليقات لأخوة فلسطينيّين وبردّات فعل عاطفيّة وغير مبرّرة شتموا فيها بعض الشّعوب الخليجيّة. أمّا أنّني لم أتفاجأ بسقوط بعض المثقّفين الخليجيّين فناتج عن بدهيّة يعرفها جميع البشر، وهو أنّ الشّعوب كلّها وفي مقدّمتها شعبي الفلسطينيّ العربيّ، فيها المتناقضات كلّها، ففيها الشّريف الأمين وفيها العاهر اللصّ، وفيها المناضل وفيها العميل الخائن، وفيها الصّادق وفيها الكاذب...إلخ. ولا يفهمنّ أحد من هذا أنّني أدافع عن المتساقطين والسّلبيّين، لكنّني أدافع عن الشّعوب، مع التّأكيد أنّ المتساقطين لا يشكّلون نسبة من أيّ شعب، لكنّهم -مع الأسف- موجودون.
من بين ظهرانينا نحن الفلسطينيّين أصحاب قضيّة العرب الأولى، شهد تاريخنا من خانوا وسرقو وأفسدوا وباعوا ضمائرهم، فهل يحقّ لأحد أن يتنكّر لنضالات شعبنا وتضحياته بناء على ما سمعه عن فئة الضّالّين منّا على قلّتهم؟ بالطّبع لا وألف لا وتراب فلسطين يشهد أنّه مجبول بدماء الشّهداء عبر التّاريخ. ولا ننسى أنّ شهداء كثيرون جدّا وبالآلاف من أشقّائنا العرب ومن مختلف الشّعوب قد ارتقوا سلّم المجد شهداء دفاعا عن فلسطين وشعبها. وهم أضعاف مضاعفة بالنّسبة لأعداد المتساقطين. وبالتّالي فإنّه لا يحقّ لأحد أن يشتم الشّعوب الشّقيقة وحتّى أيّ شعب آخر.
سبق أن كتبت قبل أحد عشر عاما، وعندما كنت مشاركا في وفد ثقافيّ فلسطينيّ للسّعوديّة، ولا أزال أذكر ذلك الشّاب الذي وقف أمامي باكيا وهو يحمل صورتين واحدة لقبّة الصّخرة المشرفة، وأخرى للمسجد القبليّ، وسألني: بالله عليك أيّ الصّورتين هي المسجد الأقصى؟ فشرحت له بأنّ قبّة الصّخرة هي مسجد داخل الأقصى البالغة مساحته 144 دونما وربع الدّونم، وشاهدت وزملائي آلاف السّعوديّين الذين ارتادوا قصر الثّقافة في الرّياض يهتفون لفلسطين وشعبها، فهل سنشتم هؤلاء وشعبهم بسبب ناصر القصيبي؟ أو هل سنشتم الشّعب الكويتيّ الذي يقف حكومة وشعبا ومجلس نوّاب مع شعبنا وقضيّتنا العادلة بسبب الحيزبون حياة الفهد؟
ونكرّر هنا تحيّتنا لأبناء أمّتنا العربيّة، مع أنّه لنا تحفّظات كبيرة على سياسات بعض الحكومات والقادة.
وسوم: العدد 875