النكبة أكبر عملية اقتلاع وتهجير وأكبر مأساة إنسانية يعرفها التاريخ البشري
يعيش شعبنا الفلسطيني هذه الأيام أجواء ومناخات مناسبة وطنية أليمة ، ألا وهي الذكرى الثانية والسبعين للنكبة التي تمتزج فيها كل مشاعر ومعاني ومضامين الألم والمعاناة والتشرد واللجوء ، وفي ذات الوقت تتجلى معها الإرادة والتصميم والنضال حتى يتحقق حلم العودة .
إنها مناسبة لأكبر مأساة إنسانية عرفها التاريخ البشري ولأكبر عملية اقتلاع وتهجير قسري لأبناء شعبنا ليعيشوا سنيّ عمرهم لاجئين معذبين في دول اللجوء والشتات ، فما حصل بالفعل يجسد اكبر عملية تطهير عرقي وإبادة جماعية ارتكبتها العصابات الصهيونية بدعم من بريطانيا ودول الغرب في حينه من أجل قيام الكيان الصهيوني على حساب شعبنا وحقوقه الوطنية مستخدمة بذلك كل الوسائل من تهجير لقرابة سبعمائة وخمسين ألف فلسطيني عن أرضهم وتدمير لأكثر خمسمائة قرية ومدينة وإزالتها عن الخارطة وارتكابها لأكثر من سبعين مجزرة ومذبحة وارتقاء آلاف الشهداء ضحايا العدوان والحرب الإرهابية الصهيونية.
هذا الواقع الصعب الذي ألم بالشعب الفلسطيني من معاناة ولجوء وتشتت ، أدى إلى كارثة وطنية تمثلت في طمس وتدمير الهوية الوطنية كشعب له جذوره وتاريخه وحضارته التي كان لها إسهاماتها في إطار الحضارة الإنسانية العالمية منذ آلاف السنين والقضاء على تاريخه وكل مقوماته ، وبالإضافة إلى ضرب النسيج الاجتماعي والوطني وتشتت الأسر والعائلات .
الشعب الفلسطيني بكل مكوناته ومشاربه السياسية والذي تميز بعطائه النضالي والوطني في كل المحطات وقدم التضحيات الجسام قالها ومازال بان حق العودة حق مقدس كفلته كل المواثيق والأعراف الدولية وهو جوهر القضية باعتبارها قضية لجوء ورأس الثوابت الوطنية التي اقرها الإجماع الوطني الفلسطيني والمجالس الوطنية المتعاقبة وهو حق فردي وجماعي لا يمكن التنازل عنه أو التفريط فيه أو التفاوض عليه ، وهذا الحق لا يسقط بالتقادم مهما طال الزمن ، وفي هذا المجال نقول لغولدا مئير التي قالت " إن الكبار يموتون والصغار ينسون " أن حق العودة سيظل راسخ في الذاكرة الفلسطينية وتتوارثه الأجيال من جيل إلى جيل حتى يتحقق الحلم بالعودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا من عام 1948 .
الشعب الفلسطيني وقف بكل إرادة وتصميم في وجه كل المؤامرات ومشاريع التوطين الأمريكية والإسرائيلية والعربية التي هدفت بالأساس للنيل من حق العودة وشطبه واعتبار أن القضية الفلسطينية قضية اغاثية وذات طابع إنساني وليس قضية شعب له حقوق وهجر قسراً وبقوة الاحتلال عن أرضه وهو يناضل من اجل استرداد حقوقه وتحقيق عودته ، في ظل وضع عربي مترهل تشكلت منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني إلا انه في بدايتها كانت مرتهنة عربيا ولكن بعد احتلال 67 ودخول الفصائل إليها وإعادة بناءها وتثويرها عملت على قيادة الشعب الفلسطيني ونقلت القضية من اغاثية وإنسانية إلى قضية شعب له جذوره على هذه الأرض.
في هذه المناسبة الوطنية وفي ظل مرحلة تتكالب فيها إدارة ترامب وحكومة الاحتلال على هذا الحق وشطبه من خلال تجفيف مصادر الوكالة التي شُكلت بقرار أممي لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطيني لحين عودتهم وفق القرار 194 الذي ضمن حقهم في العودة والتعويض كمقدمة لإنهاء دورها ، وهي الشاهد الحّي على النكبة الفلسطينية وإنهاء حق العودة وكل الثوابت الوطنية من القدس واللاجئين والدولة...الخ من خلال طرح المشروع الأمريكي الإسرائيلي (صفقة القرن) وهدفه الأساس إنهاء المشروع الوطني الفلسطيني وإعطاء دويلة في قطاع غزة وتقاسم وظيفي بالضفة ، مما يتطلب من الجميع الوقوف أمام مسؤوليتهم تجاه هذا الموضوع الذي يشكل صلب القضية وجعل حق العودة كثقافة راسخة في عقول وأذهان أبناء شعبنا ، وأن لا يقتصر إحياء هذه المناسبة في هذا اليوم من كل عام ، بل في إطار خطة وطنية لتحقيق المأسسة لضمان الديمومة والاستمرارية ، وهنا تكمن مسؤولية ودور القوى السياسية وفصائل العمل الوطني ودائرة شؤون اللاجئين واللجان الشعبية للخدمات في المخيمات وتقديم أفضل الخدمات لهم وتحسين ظروفهم وتعزيز صمودهم.
وسوم: العدد 876