فلسطين باتت مهددة بالتهويد من خلال محاولة تمرير صفقة القرن المشئومة
فلسطين باتت مهددة بالتهويد من خلال محاولة تمرير صفقة القرن المشئومة في ظرف تهافت أنظمة عربية على التطبيع وصمت الشعوب العربية والإسلامية
كعادته في اغتنام الفرص ،عمد الكيان الصهيوني المحتل إلى استغلال ظرف الجائحة المكتسحة لدول المعمور لتحقيق أطماعه المتمثلة في استكمال تهويد أرض فلسطين من أجل المرور إلى هدم أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وإقامة هيكله المزعوم مكانه ثم الهيمنة على دول منطقة الشرق الأوسط من أجل توسيع احتلاله ما بين الفرات والنيل كما تزعم أساطيره التلمودية، وذلك عن طريق جر أنظمة تلك الدول الواحد تلو الآخر إلى التطبيع معه وتوقيع ما يسميه اتفاقيات تمكنه من بسط هيمنته على مقدراتها من أجل الاستقواء عليها.
ومن أجل الانطلاقة الفعلية لمؤامرة القرن كما تحلو تسميتها للكيان المحتل ولمؤيديه وعلى رأسهم الإدارة الأمريكية بشكل علني ، وإدارات غربية أخرى بشكل يتراوح بين التصريح والتلميح ، تحدثت بعض وسائل الإعلام عن تحركات حثيثة في هذا الاتجاه حيث طار يوم أمس وزير الخارجية الأمريكية إلى أرض فلسطين المحتلة ليشهد احتفال الكيان الصهيوني المحتل بما يسميه ذكرى تأسيس وطنه المزعوم غير المشروع فوق أرض مغتصبة . ولقد جرت العادة في مثل هذه المناسبة المشئومة أن يحصل الكيان الصهيوني على المزيد من الدعم والتمويل والمساعدات من الإدارة الأمريكية التي لا تستطيع أن ترد طلبا للوبي الصهيوني المتحكم في سياستها واقتصادها .
وما يحلم به الكيان الصهيوني هذا العام هو فرض الصفقة المشئومة على القيادة الفلسطينية التي تتعرض لضغط أنظمة عربية في منطقة الشرق الأوسط، والتي صارت تتحدث بشكل صريح عن رغبتها في التطبيع مع المحتل الصهيوني بل منها ما يعتقد أنه صار أشواطا بعيدة في التطبيع المذل والمخزي، والذي يهدد القضية الفلسطينية تهديدا خطيرا .
وتراهن الإدارة الأمريكية على سياسة لي ذراع السلطة الفلسطينية كي تقبل بصفقة القرن ، وتعول في ذلك على الأنظمة العربية المهرولة نحو التطبيع للضغط عليها بشدة . ولقد عبرت السلطة الفلسطينية في عدة مناسبات ، ولا زالت تعبر عن رفضها للصفقة المشئومة ، وهي في ذلك مع موقف المقاومة الفلسطينية التي تراهن على أن ما أخذ بالقوة إنما يسترجع بها ، وأن ما يسمى مسار السلام قد انتهى نهائيا بإعلان تلك الصفقة ،كما أنها مع إرادة الشعب الفلسطيني الصامد فوقأرضه المحتلة وفي الشتات ، والمتمسك بحقوقه الكاملة وغير المنقوصة في الحرية والاستقلال و استرجاع ما ضاع من أرضه .
ومع هرولة أنظمة عربية نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني على حساب القضية الفلسطينية، نلاحظ مع شديد الأسف صمت الشعوب العربية والإسلامية الذي شجع تلك الأنظمة على الهرولة نحو التطبيع ، الشيء الذي يؤثر سلبا على صمود ومقاومة الشعب الفلسطيني وإن كان ذلك لن ينال من عزيمته الصلبة التي لم تنل منها عقود الاحتلال المتتالية إذ لا زال هذا الشعب العظيم والأبي كما كان رافضا للاحتلال وللمساومة ، وثابتا وصابرا ومحتسبا، يترقب عون الله عز وجل له ،ونصره القريب إن شاء الله تعالى .
وإن مسؤولية الشعوب العربية والإسلامية باتت أكبر مما كانت عليه من قبل، لأن خطر التهويد بات يهدد أرض فلسطين القلب النابض للوطن العربي والإسلامي . وإذا كان الشعب الفلسطيني يهدد بالانتفاض والمقاومة لمواجهة مؤامرة الصفقة ، وقيادته تهدد بالقطيعة مع كل ما يسمى اتفاقيات سلام مع العدو الصهيوني ، ومع من يدعمه خصوصا الإدارة الأمريكية ، فإن الشعوب العربية والإسلامية مطالبة بواجب الوقوف مع القضية الفلسطينية بكل ما هو متاح لها من إمكانيات مادية ومعنوية ، وذلك من أجل نسف كل مشروع للتطبيع مع الكيان الصهيوني من شأنه أن يفرض بشكل أو بآخر . وعلى هذه الشعوب أن تكون على حذر شديد مما قد يموّه على التطبيع تحت شعارات مضللة تزيّنه لها ، وتغريها بما تزعم أنه لصالحها ، وأنه يحقق لها مكاسب مادية هي في أمس الحاجة إليها خصوصا في ظرف مؤثرات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي الذي هو في طريق الانهيار ، وما يتوجس منه العالم من أزمة اقتصادية قد تكون أخطر مما عرفه من قبل .
وإن الكيان الصهيوني المحتل يحاول اغتنام فرصة ظرف الجائحة وتداعياتها الاقتصادية لتحقيق حلمه في تهويد أرض فلسطين ، ومد هيمنته من فرات العراق إلى نيل مصر ليحكم قبضته على منطقة الشرق الأوسط أولا ثم على باقي أقطار العالم العربي والإسلامي مؤيدا بالإدارة الأمريكية وبباقي الإدارات الغربية التي لم ينقطع تأييدها له منذ نشأته ، خصوصا وأنها هي التي زرعته في قلب الوطن العربي في ظرف احتلاله ، وقدمت له أرض فلسطين على طبق من ذهب .
ولا شك أن العدو الصهيوني يستغل أوضاع الوطن العربي المتدهورة حيث تشهد بعض أقطاره صراعات طائفية دامية دمرت الإنسان والعمران ، وهي حرب تمول بالمال العربي ، وبالتدبير الصهيوني والأمريكي والغربي ، كما تستغل قمع وتسلط أنظمة عربية متورطة في تلك الصراعات الدامية على شعوبها ، ومصادرة حرياتها لخلق الجو المناسب لتمرير الصفقة المشئومة من خلال فرض الصمت والاستكانة عليها بالقوة والقمع والاستبداد .
وفي الأخير نقول إن المعوّل عليه في مواجهة مؤامرة الصفقة هو وعي الشعوب العربية والإسلامية بما يحاك ضدها من مؤامرات ،لأن القضية قضية مقدسات دينية مهددة بالزوال والتهويد ، ولا يجب أن يغيب هذا الوعي من وجدان الأمة العربية الإسلامية . ولن تضيع أرض فلسطين أبدا طالما ظلت جذوة هذا الوعي مشتعلة ولم تخب .
وإن إرادة الله عز وجل هي مصدر إرادة الأمة العربية والإسلامية التي لا غالب لها ما دامت متمسكة بإرادة خالقها التي قضت بأن تكون أرض فلسطين أرض إسلام وسلام إلى أن يرث الله عز وجل الأرض ومن عليها ،والذي رضي للأمة الإسلام دينا وكتب لها العزة .
عاشت فلسطين حرة عربية مسلمة ، وعاش شعبها أبيا وحرا وصامدا وثابتا ، وعاشت الأمة العربية الإسلامية صامدة وثابتة على دينها وغيورة على مقدساتها ، ورافضة للاحتلال والتطبيع والذل والهوان .
وسوم: العدد 877