عصرُ القتل هذا .. أم عصر ماذا ؟
أهذا عصر التنوير، أم عصر الحداثة ، أم عصر مابعد الحداثة ، أم عصر الوباء الفكري المدمّر؛ ألاّ يعرف المسلمُ حرمةَ دم المسلم ، فيوظف نفسه ، قاتلاً له ، بدراهم معدودة ؟
سئل رسول الله ، عن الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حميّة ، ويقاتل رياء .. أيّ ذلك في سبيل الله ؟ فقال : مَن قاتل ، لتكون كلمة الله ، هي العليا ، فهو في سبيل الله ! متفق عليه .
وثمّة أحاديث ، تحدّد أنواع القتال المشروع : دفاعاً عن الدين والنفس ، والعرض والمال ..!
قال مروان بن الحكم ، لأيمن بن خريم : ألا تخرج ، فتقاتل معنا ؟ فقال : إنّ أبي وعمّي شهدا بدراً ، وإنّهما عَهِدا إليّ ، ألاّ قاتل أحداً يقول : لا إله إلا الله ! فإن أنت جئتني ، ببراءة من النار، قاتلت معك ! قال : فاخرج عنّا ! فخرج وهو ينشد:
ولستُ بقاتلٍ رجلاً يصلّي على سلطانِ آخرَ، مِن قُريشِ
لهُ سُلطانُه ، وعليَّ وزريْ مَعاذَ الله ، من سَفَهٍ وطَيشِ
أأقتلُ مسلماً ، في غير جُرمٍ فليس بنافعي ، ماعِشتُ ، عَيشيْ
وقد اعتزلَ بعضُ كبار التابعين ، الفتن التي نشأت في عهدهم ؛ لِما فيها من غموض في الحقوق ؛ إذ كلّ أمير، يدّعي أنه صاحب حقّ ! ومِن الذين اعتزلوا الفتن : الحَسن البَصري !
فما شأن القتال ، اليومَ ؟ ومَن يقاتل مَن ؟ ولماذا ؟
الميليشيات المسلّحة ، في كلّ مكان ، والمرتزقة في كلّ صقع .. وكلّها تقاتل ، وتَقتل! فتُقاتل مَن ؟ وتقتل مَن ؟
لن نتحدّث ، هنا ، عمّن يقاتل اجتهاداً وتأوّلاً ، وهو يبتغي وجه الله ، حتى لولم نتّفق معه ، في اجتهاده ، أو تأوّله.. !
ولن نتحدّث ، عمّن يقاتل مكرَهاً ، في جيش أحد الطغاة ..!
إنّما الحديث ، كله ، هنا ، منصبّ ، حولَ مَن يقاتل ارتزاقاً ، في إحدى الميليشيات ، أو إحدى عصابات المرتزقة ، التي يجمعها بعض المجرمين ، لقتال المسلمين ، في بلدانهم .. ويحشد فيها عناصر، من المحسوبة ، على أمّة الإسلام ، لقتل الأبرياء ، من نساء وأطفال وشيوخ .. دون النظر، إلى حرمة دمائهم .. أو الاهداف ، التي يقتلهم المجرمون ، لتحقيقها !
وسوم: العدد 877