أبو مازن يحتل الخطوط الأمامية للصراع
العسكر يعرفون ماذا يعني احتلال الخطوط الامامية ولماذا تلجأ احد الاطراف المتقالتة الي هذا النوع من السيناريوهات ومن درسوا العلوم العسكرية يدركوا تماما ان احتلال الخطوط الامامية ليس سهلا ولا يتم بسهولة دون خسائر كبيرة بالارواح والمعدات ونجاح اي عملية احتلال من هذا القبيل دائما اقل من فشلها وغالبا ما تفشل اذا لم تكن مستوفاة الدراسة والتخطيط والتوقيت والقوة في التنفيذ . اما في علوم السياسة فقد لا يعرف الكثيرون هذا المصطلح لان ما يعرفونه وتعودوا علي قرائته بالتاريخ جبهات متقابلة من القرارات والاجراءات علي الارض ,تصريحات مضللة وتكتيكية وساخنة تاتي من تلك الجبهة او هذه , قصف سياسي وضربات مبكرة ,لكل ضربة سياسية او اجراءات ساخنة استناد سياسي عبارة عن قرار نافذ كما اي عملية عسكرية بالضبط لكن علي المستوي العسكري تصدر التعليمات من قادة الجيوش في الميدان بعد اخذ الضوء الاخضر من المستوي السياسي حتي يتم تغطية اي فشل او اخفاق او خسائر كبري قد لا يتحملها الجيش . التقدم نحو الخطوط الامامية في السياسة امر قد لايفعله الكثيرون ولا يتقنوا ممارسته وهو لعبة خطرة ومن يقدم عليها لابد وان يحسب حساب التداعايات السياسية الاقتصادية ولابد وان يكون تمرس في العمل السياسي كثيرا , في حالتنا الفلسطينينة التقدم نحو الخطوط الامامية للطرف المقابل اصبحت واقع فلسطيني ومن البراعة السياسية ونحن الان نفعل ذلك .
عادة ما كان الزعيم (ياسر عرفات) يتقدم نحو الخطوط الامامية ويحدث هزة للمستوي السياسي والامني الاسرائيلي ,عملية عسكرية هنا او هناك او تفجير انتفاضة او هبة شعبية هنا او هناك وهو اكثر القادة قدرة علي ذلك ,الرئيس ابو مازن لا يفضل العمل العنيف ولا يفضل النار لانه يتقن اللعب السياسي ومشاغلة العدو والعمل بهدوء بالغ يستطيع من خلاله تحريك حجارة الملعب ومطاردة جنود الطاولة واللاعبين الرئيسين حتي يقنع اللاعب المقابل انه خسر ويبدا اللعب من جديد وحتي في الجولة الجديدة لايستطيع العدو التقدم اكثر الا اذا افتعل حراك علي الارض هزت الطاولة وغيرت تمركز القوي المؤثرة . لطالما اعلنت القيادة خلال السنتين الماضيتين ان السلطة في حل من التفاهمات والاتفاقيات مع الاحتلال وهددت رسميا بتطبيق قرارات كبيرة اتخذت في المجلسين المركزي والوطني 2018 , الا ان الرئيس استطاع ان يوهم العدو انه غير قادر علي فعل ذلك والقرارات التي اتخذها مجرد ارضاء لاعضاء التنفيذية والمجلسين الوطني والمركزي وبالتالي اصبحت لدي اسرائيل قناعة ان ابو مازن لا يستطيع باي شكل من الاشكال التحلل من الاتفاقات والتفاهمات السياسية ومن ثم وقف التنسيق الامني واعلان الاستقلال عن دولة الاحتلال وقطع الاتصالات مع الحكومتين الامريكية والاسرائيلية .فاجأ ابو مازن في النهاية الجميع وفعل ذلك وتحلل من الاتفاقيات وقطع الاتصالات مع الحكومتين الامريكية والاسرائيلية علي كافة المستويات بما فيها الامنية متقدما بذلك ليقف علي الخطوط الامامية للصراع وبالتالي احتلال هذه الخطوط وجعل اسرائيل تماماً خلف هذه الخطوط .
كما ان احتلال الخطوط الامامية في المعركة علي الارض يصاحبه خسائر كبيرة في المعدات والارواح لكن التوضع المتقدم من شأنه ان يعوض كل تلك الخسائر . فان التموضع المتقدم (للرئيس ابو مازن ) علي خطوط الصراع يصاحبة خسائر الا انه في ذات الوقت يؤدي الي تقوية الحضور الدولي للفلسطينين علي منصات المجتمع الدولي ويمكنهم من الانضمام لمعاهدات واتفاقيات دولية كان محرما عليهم االانضمام اليها حسب الشروط الامريكية ويمكنهم من تحقيق مزيد من الاعترافات الدولية بهم كدوله فلسطينية تحت الاحتلال . نعم التموضع الفلسطيني علي الخطوط الامامية للصراع قد ينتج عنه خسائر اقتصادية كبيرة وقد يكون سببا في حصار السلطة ماليا كمقدمة لتفكيكها واستبدالها بعدد من السلطات العميلة لاسرائيل والتي تتلقي تمويلها من مكتب المنسق الصهيوني للاحتلال بالضفة الغربية الا ان هذا يمكن افشاله تماما ان وفرنا نحن الفلسطينين شعبا وفصائل جبهة اسناد وطني وحاضنة حقيقية للقيادة الفلسطينية وقراراتها واولها انهاء الانقسام الذي بات اضعف البوابات التي قد يتسلل منها الامريكان والاسرئيلين واعوانهم لدحر القيادة الفلسطينية عن مواضعها المتقدمة للصراع .
الفلسطينون الان يقفون علي الخطوط الامامية للصراع وهذا جعل الاسرائيلين يفكروا في ايجاد طريق للضم دون مزيد من التصعيد من قبل الفلسطينين وخاصة ان الاسرائيلين باتوا يخشون انتفاضة فلسطينية واسعة وهذا متوقع علي الاقل ليحمي الفلسطينين مواقعهم التي تموضعوا عليها في الصراع وخاصة ان هذا ياتي في اطار المقاومة الشعبية واشكالها وهي احد اهم الاستراتيجيات التي اعتمدها الفلسطينين منذ فترة طويلة لمقارعة المحتل واضعاف هجماته وافشال رسم خارطة جيوسياسية للمنطقة وتصفية الصراع حسب مصلحة الطرف المحتل . ليس بعيدا ان تلجأ اسرائيل لمحاولات ماكرة لضرب راس هذا التموضع المتقدم علي الخطوط الامامية وهو (الرئيس ابو مازن )عبر الازاحة او الاستبدال وعلينا الان ان نتوقع بعض السيناريوهات الاسرائيلية السيئة .لعل اي تراجع فلسطيني عن هذه الخطوط وتركها ستكون له انعكاسات كارثية علي مجمل الصراع ويعتبر تنازل فلسطيني لصالح اسرائيل وامريكا وخاصة ان دول كبري الان تحاول ايجاد حلول وسط ليتراجع الفلسطينين الي الخطوط القديمة ويعملوا حسب الاتفاقيات والتفاهمات مع اسرائيل من طرف واحد ويعاودوا التنسيق الامني مع اسرائيل من جديد مقابل بعض التسهيلات الامنية والسياسية دون ان تلغي اسرائيل خطة الضم او تعترف بحل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية ودون ان تتخلي عن تبني المبادرة الامريكية (صفقة ترمب نتنياهو ) المعروفة سياسيأ (بصفة القرن) .
وسوم: العدد 880