الدِمُقْرَاطيَّةُ المَهْزُومَةُ
لِكُلِّ عَصرٍ أُنشودتُه الفِكْريِّةِ والثقافيِّةِ والسيِّاسيِّةِ.. تغنَّى اليُونَانيون بالليِّبرَاليِّةِ وتَفَاخَروا بِها نَهجاً يحرِّرُ الإنْسَانَ.. وتَرنَّمَ الفِرَنْسيون بِالعلمَانيِّةِ ورَفعُوها شُعلةً للتنوِّير في حَيَاتِهم.. وقَرعت المَارِكْسيِّةُ طُبولَها تُبشَّرُ بِالاشْتِرَاكيَّةِ انْتِصَاراً للفُقرَاءِ.. وتَرَاقصَ كثيرُون على أنْغَامِ النَازيِّةِ والفَاشيِّةِ والصَهيونيِّةِ.. والشعوبُ علَى مدارجِ البُؤسِ والظُلمِ والحرمانِ تُصفِّقُ, وتُرحَّبُ بِهَذه الشِعَاراتِ التي تَعِدُهم بالأفضَلِ لِحَياتِهم.. وكُلٌّ في بلَدِه استجابَ أو أُخضِعَ للدخُولِ في تَجّربةٍ معَ هَذه الشِعَاراتِ وَوعودِها الجَمِيلةِ.. ولَكنَّهم اكتشفوا أنَّ وراءَها وفي وجْدَانِ أئمتِها يَكمُنُ لُغمٌ كَبيرٌ مُدمِّرٌ.. إنَّه لُغمُ (الفِئْةُ الجَشِعَةُ) التي استحّوذَت علَى كُلِّ شيءٍ.. فَازْدَادَ الفُقرَاءُ فَقْراً وتَغوّلَت حِيتانُ المالِ والإقطاعِ.. وأُشْعِلت حُرُوبٌ وأُبِيد عَشَراتُ المَلايينِ مِنَ البَشرِ.. وَدُمِّرت مُدنٌ بِكَامِلِها.. وفي لَحْظةِ صَحْوةٍ لِلضْميرِ الإنْسَانيِّ , تَشكَّلَ مَا يُسمى النِظَام ُ العَالَمِيُّ.. وَاتّخَذَت أمريكا الدِيمُقْرَاطيِّةَ دِيناً لَها.. وَأخذَت تُبشِّرُ بها بينَ الأُممِ تُحاربُ وتُسالِمُ من أجلِهِا.. وَصَبأ أكثرُ النَّاسِ فَاعْتَنقوا الدِيمُقْرَاطيِّةَ دِيناً لَهم.. وفُتِنَ كثيرٌ مِنَ المُسلمين بِهذا الدينِ الجديدِ.. فَاعْتَنقوه وأخَذوا يُبشِّرون بِه في مُجْتَمعاتِهم.. بل ذَهبَ بَعْضُهم إلى أكثرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالوا:(بِدِيمُقْرَاطيِّةِ الإسْلَامِ). وبَرَزَت بِيْنَهم ظَاهِرةُ( الفِئْةُ الدِيمُقْرَاطيِّةُ المُخْتَارَةُ) وَحَدثَت انتفاضاتٌ شعبيِّةٌ أطَاحت بِنُظمٍ قائمةٍ رغبةً بِما سَموه الإصْلَاحَ الدِيمُقْرَاطيِّ. . وَتَولى إدارَةَ شُؤونِ البِلادِ سَدنَةُ الدِيمُقْرَاطيِّةِ ورُهبانُها.. واستبّشرَ النَّاسُ خيراَ.. ولكنْ سُرعان مَا اكتَشفوا أنَّهم أمامَ فئاتٍ دِيمُقْرَاطيِّةٍ, تُصِّرُ على أنَّها المؤّتَمنُ الأوحدُ علَى أدَاءِ الدِيمُقْرَاطيِّةِ الأفْضَلِ ..وَلِسَانُ حَالِها يُردِّدُ: إمَّا أنَا أو الطُوفانُ.. وهَا هَم يقْتَتلون.. وهَا هِي الشْعُوبُ تَسيرُ مِنْ سَيئٍ إلى أسْوأ.. وَأئَمةُ الدِيمُقْرَاطيِّةِ مَخمُورُون بِتَرانيمِ مَزَاميرِ دِيمُقْرَاطيِّتِهم المُدَمِّرَةِ .. وبَعدُ يَا قوم.. أليسَ فيكم وَمِنْكم رَجلٌ رشيدٌ ..؟؟؟!!!
وسوم: العدد 881