محاكمة رفعت الأسد ... وأربعون سنة من العمل الدؤوب الجاد ...
بطاقة شكر وتقدير للجنة السورية لحقوق الإنسان
اللجنة السورية لحقوق الإنسان ، لجنة حقوقية مستقلة ، معنية بالشأن الإنساني السوري ، تأسست في لندن من ثمانينات القرن العشرين . وما زالت تقدم جهدها في الميدان الحقوقي الإنساني ، وفق المعايير الإنسانية المعتمدة قريبا من أربعة عقود .
وقد نشرت اللجنة السورية لحقوق الإنسان منذ أيام تقريرها الموثق والدقيق عن تاريخ نضالها في الدفاع عن حقوق السوريين ضد إحدى الشخصيات السورية " رفعت الأسد" المتهمة بكثير مما أعلم وتعلمون ..
لم يكن جهد اللجنة السورية لحقوق الإنسان خلال أربعة عقود خلت ، في أبعاده الحقوقية مقتصرا على التحرك على هذا المحور فقط ، بل لو أننا تتبعنا فرشة المحاور والأهداف ، التي عملت عليها اللجنة خلال العقود المنصرمة ، لوجدناها الأكثر حضورا في كل ساحة تخص السوريين .و لوجدنا أنفسنا بحق أننا أمام جبال من الإنجاز تستحق الإشادة والتقدير .
وحتى لا يكون كلامنا ادعاء في هواء ، فيكفي أن أذكر أن اللجنة مأجورة مشكورة قد وثقت إنجازاتها بتقارير سنوية مؤرخة موثقة تحمل الحقائق . وتذكر بالوقائع والإنجازات العملية خلال كل عام . وكل ذلك كان يفصل عن الوضع الإنساني والحقوقي في سورية في زمن كان مخابرات حافظ الأسد الأسد تقتل الناس في بيروت وفي باريس وفي مدريد ,,وكانت اللجنة ورئيسها تضع الحقائق كاملة مجردة بين يدي المنظمات الإنسانية المعنية ، ومؤسسات القرار السياسية ، وبين يدي الراغبين بالاطلاع من منظمات الرأي العام ..
أكتب هذا من موقع ، متابع ، ومن موقع مطلع ، ومن موقع مشارك في بعض الأنشطة المحدودة ، في عملية التوثيق والمتابعة والأنشطة من خلال مركز الشرق العربي ، وإن كان مما لا يحسن أن أدعي فضلا هو في جملته من جهد وحق المنظمة ورئيسها والفريق العامل فيها .
عقود مضت واللجنة ورئيسها يقدمون للقضية السورية ، وللسوريين أفرادا وجماعات ما لم يقدمه أحد . في عصر كانت فيه بعض اللجان العربية المعنية بحقوق الإنسان تتجاهل قضايا السوريين ، وفق موازين المصالح في العلاقة مع نظام كان يتقي شره الكثيرون .
في زيارات عديدة كنت أقوم بها لبريطانيا ، يوم كنت أنزل بريطانيا زائرا ، كان يتصل بي رئيس اللجنة يعلمني أو يدعوني إلى نشاط تقوم به اللجنة لوقفة احتجاج أمام السفارة الأسدية ، وأحضر وأجد بعين الإنصاف ما تقدمه اللجنة من جهد ومن دور في شرح قضايا السوريين ، وفي تحمل أعبائها ؛ في الوقت الذي كان بعضهم يتردد على السفارة للطعة دبس ، واليوم يحتل كل واحد منهم منبر من منابر السيادة والريادة وأنه في أمر هذه الثورة وهذا الوطن هو الأول والآخر والظاهر والباطن ..!!
نحن نشجع كل السوريين على العمل ، ونشكر كل العاملين على الإنجاز الذي يحققونه، ونرى أن الوطن حق للجميع ، والعمل له شراكة بين الجميع . ونرى أن من حق كل صاحب إنجاز أن يفرح بإنجازه ، ويعتد بما أنجز ، وان يجعل من إنجازه مادة للإشهار والدعاية والإعلان ، نسلم للناس بهذا... ولا نرتضيه لأنفسنا ، فنحن والحمد لله من مدرسة لا تعمل لتفخر أو تدعي أو لتمنّ على الناس ..ولكن الذي لا نقبله ولا نرتضيه أن يجعل بعضهم من إنجازه مهما عظم أو تعاظم منبرا لغمط الناس ، والافتراء عليهم ، ونبذهم والتقليل من شأنهم ودورهم ..لن نسمح لأحد أن يستجرنا إلى معركة ليست من أولوياتنا مهما كان شأنها ، ولكننا في الوقت نفسه لن نسكت عن بغي باغ ولا تطاول متطاول ..ولولا تطاول المتطاولين ، وافتراء المفترين لما خطر ببالنا أبدا أن نسطر مثل هذه الكلمات . مع أن شكر المحسن حق وواجب ..ومن حق أن نشكر أخا لنا أنجز وأفاد وأجاد ..ليس ادعاء ولا اعتدادا ولا فخرا ولا تطاولا على الناس ، ولكنه رد على افتراء المفترين
تقرير اللجنة السورية لحقوق الإنسان ، وقد رفعت رابطه من منذ يومين بين أيديكم ، يشرح لكم الدور ، والجهد ، موثقا مؤرخا في متابعة جزار الثمانينات ووقفات اللجنة ومديرها بين يدي القضاة وفي ساحات المحاكم بين مدريد وباريس ..ويبقى أن تعلموا أن ذلك كان في شتاء قارس طويل ..
وحيانا تقتضيك البساطة التي يتحلى بها بعض الناس ، أن تخرج عن صمتك ، فتنقض غزلك أنكاثا : يسألك ساذج أو ماكر: ولماذا هذه الوكالات العالمية تنقل عن "غير" ولا تنقل عنكم ، سؤال جوابه يحتاج فقط إلى قليل من العقل السياسي ؟!
لماذا هذا الإعلام العالمي معروف الهوية والمرجعية ، يمول أو يشجع أو يشهر من تسمعون عنوانه أو ترون شخصه كل صباح ومساء ولا ينقل عنكم أنتم ..معضلة حلها يحتاج إلى مزيد من الاعتبار ..
في التقرير الذي أصدرته اللجنة السورية لحقوق الإنسان عن محاكمة رفعت الأسد أجابت عن أسئلة ، وشرحت حقائق ، وردت على ادعاءات ، وسيبقى منهجنا نعمل ولا نحتكر ، بل ننادي على الجميع أن اعملوا ..وسيظل شكرنا موصول لكل العاملين دفاعا عن المستضعفين ..نعمل وندعو إلى العمل ولا نغمط ولا ندعي ولا نحتكر ولا نستأثر .
وبقى أن نقول إن إدانة رفعت الأسد الأخيرة في محاكم باريس ، لم تتضمن إدانته بأي ممارسة من ممارساته في حق السوريين . وإنما فقط بقضايا مالية وضريبية ربما أراد فيها الذين أدانوه أن يذهبوا بكل ما في سلته من عنب ..
أحببت باسم كل المظلومين والمضطهدين والمفقودين أن أسجل الشكر والعرفان والتقدير لكل من عمل ويعمل ، ولكل من جد ويجد ..وأخص بذلك اللجنة السورية لحقوق الإنسان ومديرها الأستاذ وليد سفور ، تقبل الله جهده ، وشكر سعيه ، وزاده من فضله وأنشده البيت الذي أُحبه :
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ...لا يذهب العرف بين الله والناس
وسوم: العدد 882