عن خداع لغة الإعلام العربي في خطة «الضيم» الإسرائيلية

الضم كلمة من الكلمات الحميمة كثيرة الاستخدام في اللغة العربية، انتشرت الكلمة مؤخرا في الإعلام العربي لأنها باتت تستخدم بكثرة للحديث عما يسمى «خطة الضم الإسرائيلية»….

يقول ابن فارس في مقاييس اللغة: الضاد والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مُلاءَمةٍ بين شيئين…. يقال ضَمَمت الشّيءَ إلى الشيء فأنا أضُمُّه ضمّاً، وعليه فأساس الضم الملاءمة….

وفي حديث عمر: يا هُنَيُّ ضُمَّ جَناحَك عن الناس أَي أَلِنْ جانِبَك لهم وارْفُقْ بهم.

معجم الإعلام

ولكن معنى الملاءمة والرفق للضم لا نجدها في معجم الإعلام العربي المعاصر حتى بعد سنوات من صراع دام على الأرض والحقوق يعتمد نصوصا دينية قديمة لشرعنة حق جغرافي وسياسي.

نجد الإعلام العربي يثبت في لاوعي متابعيه مصطلحا خدّاعا تداوله ساسة هذا العالم العربي الذين ابتلينا بتواطئهم على قضايا الأمة ومستقبل أبنائها، ساسة لا يكرسون إلا معاني الخضوع والهوان والمساومات الرخيصة على حقوق انشغل عنها مواطنوهم اللاهثون خلف لقمة العيش المقموعين بسياط أجهزة مخابراتها المتوحشة.

عن خطة الضم الإسرائيلية نتحدث والحديث يطول.

تقول إسرائيل إن الضفة الغربية وهي الواقعة غرب نهر الأردن، التي تحتلها أساسا، هي أرض الشعب اليهودي التاريخية، رغم أن من يعيش فيها هم ملايين الفلسطينيين، الضفة المسجونة بحدود ترتسم مع إسرائيل من الشمال والغرب والجنوب، والأردن من الشرق وستخول خطة «الضيم» الإسرائيلية لإسرائيل أن تضم .

وبالمناسبة اختصرت إسرائيل وطنا كامل لشعب شردته وهجرته في الضفة الغربية وغزة فقط، واليوم تجهز على ما تبقى منه قضما وضيما لسكانه.

خطة القضم أو الضيم الإسرائيلية هي ما يجب أن تسمى به هذه الخطة التي تنوي الاستحواذ قضمة قضمة على 30في المئة من الضفة الغربية، بما في ذلك غور الأردن، سلة غذاء الأردنيين..

بعد عام النكبة 1948 بعشرين سنة أكملت إسرائيل مخططاتها فاحتلت في حرب يونيو/حزيران عام 1967 الضفة الغربية، إلى جانب القدس الشرقية وغزة ومرتفعات الجولان السورية.

وأعلنت ضم «قضم» القدس الشرقية رسميا عام 1980، ومرتفعات الجولان في عام 1981، والمجتمع الدولي يكتفي بالتنديد ويذكر دوما بقانون دولي أشبه بمساحيق تجميل لحقوق منتهكة، أو أداة تنفيس لغضب يعتمر من سلب الحقوق على طريقة قطاع الطرق.

حلم الدولة

وفي عام 2020 تبدأ إسرائيل بخطوتها ما قبل الأخيرة في الإجهاز على ما تبقى من حلم الدولة الفلسطينية.

لا تلام إسرائيل على التسمية فهي عدو يسعى لفرض مخططاته وسلب أراضي الغير بالقوة حينا وبالتواطؤ مع تجار السياسة والحرب العرب أحيانا كثيرة مستخدمة معاني رقيقة، من يلام حقيقة وفيه كل العيب والخذلان هو من يكرس أطماعها تحت معان خداعة ورقيقة وبراقة، معاني تشبه القبور المكلسة وداخلها يرتع الدود واللحم المتفسخ.

يتواطأ الإعلام العربي إما عن جهل أو تجاهل لتمرير خطة الضيم الإسرائيلية مستفيدين من شارع عربي أنهكته صراعات العسكر والمواجهات الدامية مع أجهزة قمع الأنظمة العربية واقتصاديات متهالكة تنذر بانهيار دول.. ثم لا يبقى من هذه المواجهات مع عدو خارجي سوى عناوين هي الأخرى متخاذلة، وبعنوان «خطة الضم الإسرائيلية» يواجهون خطة الضيم التي ستنهي ما تبقى من وطن.

بكل تأكيد وكما يتجه المجتمع الدولي للتنديد واللجوء إلى عبارات فضفاضة على سبيل هذه إجراءات تخالف القانون الدولي وحقوق الإنسان ولا شيء آخر، نجد الإعلام العربي لا يتجرأ حتى على مخالفة السائد بادعاءات حيادية الإعلام المزعوم، في تسمية الأمور بمسمياتها، كأن يقول مثلا:

خطة الضيم الإسرائيلية

أو خطة القضم الإسرائيلية

وهل الحياد أن تتبنى تسمية تحمل في طياتها كل معاني الرقة والسلام لفعل دنيء يسلب أصحاب الأرض أرضهم.

وسوم: العدد 883