قمة سورية بدون مشاركة السوريين

محاولات تمزيق وتقطيع أوصال سورية أفشلها صمود السوريين

صحيح أنه عقدت قمة ثلاثية يوم الأربعاء الماضي 1/7/2020 بين كل من رجب طيب أردوغان والمحتل الروسي بوتين والمحتل الإيراني روحاني بشأن إيجاد حل للقضية السورية، بعيداً عن أي تمثيل لأصحاب القضية والألم والوجع والجراح، إلا أن هذه القمة أقرت بوحدة التراب السوري ومواصلة سريان وقف إطلاق النار، بعد محاولات لتمزيق سورية على مدار تسع سنوات من قبل المحتل الروسي والمحتل الإيران وبتسهيلات عسكرية ولوجستية من قبل النظام المعادي للشعب السوري، الذي أفشل بصموده كل هذه المحاولات.

القمة تقر التوافق مع الأمم المتحدة بشأن العملية السياسية

كما أقرت القمة توافقها مع الخطوات المقبلة للعملية السياسية من قبل الأمم المتحدة. وضرورة تسهيل العودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين السوريين وحماية حقوقهم. كما أكدت على أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والتزامها القوي بسيادة سورية واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها. وشددت القمة على رفضها لأي محاولة لخلق أمر واقع جديد على الأرض تحت ستار مكافحة الإرهاب في سورية، بما في ذلك مبادرات الحكم الذاتي غير الشرعية.

وأعربت عن تصميمها على التصدي للخطط الانفصالية التي من شأنها الإضرار بالأمن القومي للدول المجاورة وكذلك سيادة سورية وسلامتها الإقليمية. وهذا بحد ذاته يعد بالحد الأدنى انتصاراً للشعب السوري وثورته، وهم مبعدون عن حضور هذه القمة.

كلمة الرئيس التركي تؤكد على أماني السوريين ووحدة أراضيهم

ولعل كلمة الرئيس التركي في ختام الاجتماع تبقى هي الضامن والمؤكد على حقوق الشعب السوري في تحقيق أمانيه والتي جاء فيها قوله:

إنّ القمة الثلاثية التي أجراها، الأربعاء الأول من تموز 2020، مع نظيريه الروسي والإيراني، شهدت مشاورات من شأنها "إنارة درب المرحلة القادمة".

وأوضح أردوغان، أنّ الشعب السوري، الطرف الخاسر من الأزمة، في ظل استمرار الاشتباكات الدائرة في بلاده، وأما الطرف الرابح فمعروف من قِبل الجميع.

وأضاف أنّ الهدف من القمة الثلاثية، إعادة إنشاء وإحياء سورية يسودها السلام في أقرب وقت.

ودعا أردوغان في كلمته، المجتمع الدولي لدعم الجهود الرامية الى إيجاد حل سياسي للأزمة في سورية.

وفيما يتعلق بالتطورات الحاصلة في الشمال السوري، قال أردوغان: "لن نسمح بأن يخيّم الظلام والسوداوية على مستقبل سورية والمنطقة نتيجة تسلّط عدد من التنظيمات الإرهابية".

وأضاف الرئيس التركي: "وحدة التراب السوري لا غنى عنها بالنسبة لنا، وتركيا على استعداد للعمل مع روسيا وإيران لجعل (مدينة) تل رفعت (شمالي سورية)، منطقة مؤهلة كي يعيش فيها إخواننا السوريون".

وفي هذا السياق، قال أردوغان: "أي عقلية لا تقبل بتطابق أهداف داعش و(ب ي د/ ي ب ك)، لا يمكنها خدمة السلام الدائم في سورية. وقال إنّ تركيا لن تتوقف حتى يستتب الأمن في جميع المناطق التي يسيطر عليها تنظيم (ب ي د/ ي ب ك) الإرهابي، وعلى رأسها مدينة منبج شمالي سورية.

وشدد الرئيس التركي، على ضرورة الإسراع في التوصل إلى تسوية للأزمة السورية. ودعا إلى وجوب عدم إضاعة الوقت "لأن الناس يموتون هناك".

وجدد أردوغان، تأكيده على أنّ "مسار أستانة ليس بديلا لمحادثات جنيف، إنما هو متمم لها".

وأشار إلى أن سورية شهدت تطورات مهمة منذ القمة الأولى في مدينة سوتشي الروسية، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في ضيافة بوتين.

وقال إن "تركيا أوفت، بكل حرص، بمسؤولياتها بخصوص مناطق خفض التوتر، وأنها أظهرت عزمها بشأن هذا الأمر من خلال 8 نقاط مراقبة أسستها قبل فترة في (محافظة) إدلب (شمال غرب سورية). 

وبيّن أن ضمان وحدة التراب السوري متعلقة بالوقوف على مسافة واحدة من كافة التنظيمات الإرهابية.

وأضاف "من المهم للغاية استبعاد التنظيمات الإرهابية التي تشكل تهديدًا على البلدان المحيطة على رأسها تركيا وحتى المنطقة بأسرها دون تمييز".

الخدمات التي قدمتها تركيا للسوريين

وعن الخدمات التي تقدمها بلاده إلى مناطق "درع الفرات" في سورية، قال أردوغان: "تركيا تكفّلت بجميع الإجراءات من أجل توفير احتياجات 160 ألف شخص عادوا إلى (مدن) جرابلس والراعي والباب (شمال سورية).

وشدد على أن تركيا حيّدت قرابة 3 آلاف إرهابي عبر "درع الفرات"، وتعتبر أكثر بلد فعّال ضد "داعش"، ومن أكثر البلدان التي دفعت ثمنًا باهظًا جراء هجمات التنظيم المتطرف.

وذكر أنه تم تطهير وتوفير الأمن في مساحة 4 آلاف كيلومتر مربع حتى الآن من الإرهابيين بفضل عمليتي "درع الفرات"، و"غصن الزيتون".

وأضاف "لم نكتف بتأمين تلك المناطق وإنما نقوم بتأهيلها عبر الأنشطة بمجال البنية التحتية والفوقية من أجل إخوتنا السوريين؛ أصحابها الأصليين".

وأشار أردوغان أن بلاده تستضيف 3.5 ملايين لاجئ سوري، وأن 160 ألفًا آخرين عادوا إلى مدينتي جرابلس والباب، بعد تحريرهما من الإرهاب، وأسسوا حياة جديدة لهم في وطنهم.

وتابع: "نعلم بوجود مئات الآلاف من ضيوفنا السوريين ينتظرون العودة إلى منطقة عفرين عقب تطهيرها من الألغام وتأهيل البنية التحتية لها".

كما أبدى استعداد أنقرة للعمل مع روسيا وإيران من أجل جعل منطقة تل رفعت قابلة للعيش وتمكين أهلها من العودة إليها.

وأكد أن مكافحة "ب ي د/ ي ب ك" لا تعرقل مكافحة داعش، وإنما تكملّها، وقال "لن تطمئن تركيا دون أن تطمئن سورية، فنحن نمتلك حدودًا مشتركة بطول 911 كيلومترًا".

وشدد على أن بلاده حالت دون وقوع خسائر في صفوف المدنيين، وقدمت لتحقيق ذلك كافة التضحيات اللازمة خلال جميع العمليات التي نفذتها.

الفرق بين إنسانية تركيا وهمجية الأطراف الأخرى الفاعلة في سورية

وقال في هذا الصدد: "عندما تضعون صور المدن التي نفذنا فيها عملية والأخرى التي تمت السيطرة عليها بعمليات مماثلة (من الأطراف الأخرى) ستفهمون جيدًا معنى كلامي".

وأوضح أن تركيا، كبلد ضامن، متفاهمة بخصوص ضمان وحدة التراب السوري، ومنع الاشتباكات الدامية الحاصلة، وإعادة بناء مستقبل البلاد.

وأكد أن الدول الضامنة ستواصل السير بكل عزم نحو الأهداف التي اتفقت عليها، دون إيلاء أي اعتبار للمكائد، والألاعيب والاستفزازات، ودعا المجتمع الدولي إلى دعم جهود الوصول إلى حل سياسي عادل قابل للتطبيق.

وقال: "أنفقنا 31 مليار دولار حتى الآن في هذه المنطقة، من خيم ومساكن مسبقة الصنع، ونؤمن حاليًا الرعاية لـ160 ألفًا العائدين إلى جرابلس والراعي (جوبان بي)، من الألف إلى الياء".

ولفت إلى أن المؤسسات المعنية في بلاده لم تستلم حتى الآن كامل المبلغ الذي تعهد بتقديمه الاتحاد الأوروبي (بخصوص اللاجئين السوريين) والمتمثل بـ 3  مليارات يورو، مؤكدًا أنها ستواصل أنشطتها سواءً تم تسلمها أم لا.

وفي رده على سؤال صحفي، أكد أردوغان أن وحدة التراب السوري شرط لا غنى عنه، وأنهم لا يعترفون بالتقسيمات التي قامت بها أطراف خارج سورية.

وبيّن أن تركيا من المستحيل أن تسمح بحصول تحرشات من قبل الإرهابيين في سورية ضدها، لافتًا إلى أن أكثر من 100 قذيفة صاروخية استهدفت تركيا، وأدت إلى استشهاد أكثر من 100 مواطن.

وأشار إلى إمكانية عودة سكان عفرين المقيمين في المخيمات إلى مناطقهم وأن تركيا قامت بالتحضيرات من أجل ذلك.

وتطرق الرئيس التركي إلى التطورات في منطقة الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، قائلًا " رأينا كيف تم قتل أولئك الأطفال دون رحمة".

وفي رده حيال التدابير الجديدة التي خرجت بها القمة، قال أردوغان، "قواتنا المسلحة ونظيرتها الروسية في تعاون دائم بخصوص اتخاذ خطوة حيال الجرحى القادمين من الغوطة الشرقية، ونرغب في إقامة مستشفى ميداني هناك من أجل إجراء العلاجات الأولية للمصابين، وعلاوة على كل ذلك، يجب تأسيس أفران كبيرة في المناطق الآمنة بغية تلبية الاحتياجات من مادة الخبز".

وأوضح أنه عرض مقترحا لنظيريه الروسي والإيراني كان قد طرح سابقًا يتمثل في تأمين وحدات سكنية في المناطقة الآمنة سواء داخل حدود تركيا أو شمالي سورية لنقل النازحين من المخيمات والمساكن الجاهزة إليها.

المصادر

 

*عربي 24-1/7/2020

*النور نيوز-3/7/2020 

*الشرق الأوسط-19-رجب-1439     

*الجزيرة-1/7/2020       

وسوم: العدد 884