العصيّ الواقعة على أجسام الآخرين : بين المتاجرة بعدّها ، والمتاجرة بها !
مثل : كُلّف أحدهم ، بضرب مذنب ، مئة عصا على يديه ، وكُلّف آخر، بعدّ العصيّ! وفي مرحلة من الضرب ، كفّ المضروب يده ، فقال له العدّاد : مدّها ، فقال له المضروب : مَن يأكل العصيّ ، ليس كمن يَعدّها !
فهل ينطبق هذا المثل : على المعذّبين في السجون ، والمشرّدين في المنافي .. وعلى الواقعين تحت القصف ، الذين تُهدم بيوتهم فوق رؤوسهم ، ورؤوس أهليهم .. وعلى الجباع ، الذين يهلكون ، لعدم وجود مايسدّ رمقهم ؟ نقول : هل ينطبق هذا المثل ، على أولئك ، وعلى الذين يتحدثون عن مآسيهم : وصفاً أو عَدّاً ، أو إشفاقاً أو تعاطفاً؟
ثمّ : هل ينطبق هذا المثل ، على البؤساء المعذّبين ، وعلى الذين يتاجرن : بالكتابة عن آلامهم .. والحديث عن هذه الآلام ، في المحافل الدولية ، وفي وسائل الإعلام المحلّية والدولية ؟
ثمّ : هل ينطبق هذا المثل ، على المعذّبين ، وعلى الذين يتاجرون بآلامهم ، ذاتها ، بحيث يقول تاجر الآلام أو المآسي : لقد وقع علينا : كذا من الظلم ..وكذا من العذاب.. وكذا من القهر والتشريد ..! ويقصد ، بذلك الآخرين ، الذين وقعت عليهم المصائب؛ ليوظّف هذه المصائب ، توظيفاً سياسياً ، أو إعلامياً ؟
وإذا كانت مناصرة المظلومين ، في الأوطان وغيرها ، مطلوبة ، فهل من المطلوب، أيضاً ، المتاجرة بمآسيهم ومصائبهم ، دون مدّ يد العون إليهم ، على شكل : لقمة لجائع .. أو قطعة لباس لعارٍ ..أو خيمة لمقرور، تخفّف عنه شيئاً ، من برد الشتاء ، أو حرّ الصيف ؟ أم المطلوب : أن يقدّم كلٌّ مايستطيع : مَن لا يملك إلاّ الكلمة ، يقدمّها، ولا يكلّف بتقديم غيرها .. ومَن لايملك إلاّ المال ، يقدّمه ، دون أن يكلّف بكلمة ، يعجزعن صياغتها ، بالصورة المناسبة ؟ وينطبق على الجميع – باستثناء تجّار المآسي - مضمون الآية الكريمة : لا يكلّف الله نفساً إلا وسعَها !
وسوم: العدد 889