بداية سقوط أقنعة أنظمة عربية متهافتة على التطبيع مع الكيان الصهيوني

بداية سقوط أقنعة أنظمة عربية متهافتة على التطبيع مع الكيان الصهيوني مؤشر على المضي في تمرير صفقة القرن المشئومة   

لم يكن الإعلان عن تطبيع أول دولة خليجية والثالثة عربيا علاقتها مع الكيان الصهيوني مفاجأة بالنسبة للأمة العربية والإسلامية لأن ذلك كان مسبوقا بإرهاصات  تمثلت فيما كان يصدر بين الحين والآخر عن الصهاينة  من تصريحات بأن عملية التطبيع مع أنظمة عربية وتحديدا خليجية جارية على قدم وساق، فضلا عما كان يصدر أيضا من بعض دول الخليج من تصريحات تؤكد ذلك زيادة عما هو شائع من وجود علاقات غير معلنة بين الكيان الصهيوني وأنظمة عربية منذ مدة طويلة  .

ولهذه الاعتبارات لم يمثل إعلان التطبيع بين الكيان الصهيوني ودولة الإمارات مفاجأة للأمة العربية والإسلامية بل هو عبارة عن مجرد سقوط قناع كان أصلا شفافا وكاشفا  منذ مدة طويلة وكان بعكس رغبة الدولة الخليجية منذ مدة طويلة في التطبيع مع العدو .

والمثير للسخرية في هذا الإعلان هو محاولة مكشوفة لاستغفال الأمة العربية والإسلامية بأن هذا التطبيع كان ثمنه تنازل من الكيان الصهيوني تمثل في تعليق ضم أراض فلسطينية علما بأن كلمة تعليق لا تدل على إلغاء، وشتان بين الإلغاء والتعليق ، وهذا مجرد ذر للرماد في العيون .

 ومعلوم أن قرار ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة هو مواصلة لعملية الاحتلال منذ سلم الاحتلال البريطاني أرض فلسطين للعصابات الصهيونية ، وهو احتلال لن يقف إلا عند حد ما يسميه الاحتلال دولة إسرائيل الكبرى الممتدة  ما بين فرات العراق ونيل مصر ، وقد لا يقف  الأمر عند هذا الحد بل يتجاوزه إلى حدود أخرى.

ومعلوم أن الكيان الصهيوني يتخذ منذ معاهدة  كامب دافيد من سياسة التطبيع مع الدول العربية كل واحدة على انفراد  وسيلة لتشتيت إجماعها الرافض لاحتلاله والرافض لمصادرة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة كاملة غير منقوصة . ويبدو اليوم أنه قد أشرف على استدراج المزيد من الأنظمة العربية نحو التطبيع ليكون ذلك بداية تمرير ما سمي صفقة القرن المشئومة التي تعتبر إجهازا  صارخا على القضية الفلسطينية، وهي صفقة بدأت بإعلان الإدارة الأمريكية مدينة القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني،  ونقلت سفارتها إليها وما تلا ذلك من إعلان عن خطة ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية .

 ولقد بدا جليا أن خطة الضم هي في حقيقة الأمر  مناورة مكشوفة  وورقة استغلها رئيس وزراء الكيان الصهيوني ليوظفها في عملية التطبيع من خلال ما تم اليوم الإعلان عنه، وهو عملية تعليق الضم وذلك  من أجل إمداد الأنظمة  العربية المتهافتة على التطبيع بذريعة لتبريره وليبدو أنه أتى مقابل تنازل  صهيوني .

ومن المتوقع أن أقنعة الأنظمة المتهافتة على التطبيع مع الكيان الصهيوني ستتساقط تباعا  عما قريب كما أعلنت الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني وبنفس الذريعة أو بذرائع أخرى أكثر سخفا ، لأن الكيان الصهيوني منذ نشأته يراهن على عامل الزمن ، ويعول على تراخيه لحصول تغيرات في مواقف الأنظمة العربية ، فيبادر بالتطبيع مع أسرعها استعدادا للتطبيع معه |حتى ينتهي الأمر بتطبيع على أوسع نطاق من شأنه أن ينهي القضية الفلسطينية النهاية التي ترضيه  وتسعده ،والتي خطط لها منذ أول يوم احتل فيها الأرض الفلسطينية .

ونذكّر هنا بحكاية عربية تتعلق بثيران ثلاثة كانوا يجاورون أسدا، وكان يتحين الفرص للقضاء عليهم، فكاد لهم كيدا حتى أوقع بهم الواحد تلو الآخر في نهاية المطاف ، وهي حكاية لم تستفد  منها الأنظمة العربية ، فها هو ثالث نظام عربي  يقع في شباك الكيان الصهيوني ، وستليه لا محالة أنظمة أخرى يكون آخرها كأولها في التطبيع  أو كما قال الشاعر :

ولقد بدا  اليوم من خلال الإعلان عن هذا التطبيع المخزي أن الأنظمة العربية لا تقيم وزنا لشعوبها، ولا تعبأ بإرادتها ، وهي تحكم قبضتها الحديدية عليها ، وتتصرف كالوصية عليها دون أن يكون لها رأي في قضيتها الأولى التي هي القضية الفلسطينية والتي طالما استغلتها تلك الأنظمة لمغازلة مشاعر شعوبها  وهي تخادعها لينتهي الأمر إلى التفريط فيها، وهو تفريط في حق كل الشعوب العربية والإسلامية، وليس  مجرد تفريط في حق الشعب الفلسطيني وحده، لأن الأمر يتعلق بمقدسات التفريط فيها خيانة وذنب لا يغتفر .

وبقي أن نقول لكل نظام متهافت على التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل إذا كنت ترغب في إسقاط  قناعك كما سقط قناع نظام الإمارات  اليوم ،فدع عنك القضية الفلسطينية المقدسة وكفى ارتزاقا بها .

وبقي أن نقول للشعوب العربية والإسلامية أيضا  لم يبق للقضية الفلسطينية إلا إرادتك التي هي من إرادة الله عز وجل ،فعليك تحمل مسؤوليتك أمامه سبحانه وتعالى .   

وسوم: العدد 890