حزب الله وقبرص وموزمبيق والعنبر 12.. تحقيق جديد يتتبع مسار الشحنة التي دمرت بيروت
قبرص وموزمبيق وحزب الله والعنبر رقم 12.. خيوط ومسارات يتتبعها تحقيق جديد بشأن شحنة نترات الأمونيوم التي انفجرت بمرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب الجاري، وأدت لمقتل 180 شخصا وجرح 6 آلاف آخرين، بالإضافة إلى تشريد 300 ألف نسمة.
وقد أجرت التحقيق مجلة دير شبيغل الألمانية بالتعاون مع "مشروع تغطية الجريمة المنظمة والفساد".
وتوصل التحقيق الذي نشر أمس الجمعة إلى أن مالك السفينة التي نقلت الشحنة له صلات بالمصرف الذي يستخدمه حزب الله في لبنان.
ونتج الانفجار -الذي وصف بأنه أحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ- عن اشتعال 2750 طنا من نترات الأمونيوم المصادرة، التي كانت مخزنة في العنبر 12 بمرفأ بيروت منذ نحو 6 سنوات، حسب الرواية الرسمية.
وصارت السفينة "روسوس" الناقلة للشحنة منذ ذلك الحين محل تساؤل واشتباه. وقد أبحرت السفينة المتهالكة في سبتمبر/أيلول 2013 من ميناء باتومي في جورجيا لنقل شحنة نترات الأمونيوم إلى موزمبيق.
الرواية الرسمية
وأظهرت تقارير رسمية لبنانية أن السلطات احتجزت السفينة في ديسمبر/كانون الأول 2013 عندما رست في بيروت بموجب أمر قضائي بسبب ديون عليها لحساب شركتين. وفي مايو/أيار 2014 اعتبرت السلطات السفينة غير صالحة للإبحار وتم تفريغ شحنتها في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه وتخزينها في العنبر 12.
وتشير الروايات والوثائق المتداولة إلى أن السفينة مملوكة لشخص روسي يدعى إيغور غريشوشكين، وأن الشحنة كانت متجهة إلى شركة "فابريكا دي إكسبلوسيفوس دي موزمبيق" (Fábrica de Explosivos de Moçambique) المتخصصة في إنتاج المتفجرات.
المالك الحقيقي
غير أن تحقيق دير شبيغل ومشروع تغطية الجريمة المنظمة والفساد يثير الشكوك بشأن تلك الروايات، فقد توصل إلى أن المالك الحقيقي للسفينة "روسوس" ليس الروسي غريشوشكين بل رجل الأعمال القبرصي شرالامبوس مانولي، الذي قال التحقيق إنه على صلة بالبنك الذي يستخدمه حزب الله في لبنان.
ويشير التحقيق أيضا إلى أن كمية معتبرة من نترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في مرفأ بيروت فُقدت على ما يبدو قبل الانفجار.
وطرح التحقيق تساؤلات: هل كان طاقم "روسوس" ينوون الوصول بالسفينة حقا إلى موزمبيق؟ وهل يمكن أن يكون القصد من الرحلة تسليم الشحنة إلى حزب الله؟
علاقات مانولي
يقول التقرير الاستقصائي إنه على أي حال تبين أن مانولي قام بكل ما في وسعه لإخفاء ملكيته للسفينة "روسوس"، إذ عملت إحدى شركاته على تسجيل السفينة في مولدوفا. وفي نهاية المطاف لم يكن دور الروسي غريشوشكين إلا أنه استأجر السفينة عبر شركته "تيتو للملاحة" (Teto Shipping)، المسجلة في جزر مارشال.
ويشير التقرير إلى أن السلطات اللبنانية لم تكن تعلم على ما يبدو أن مانولي هو المالك الحقيقي للسفينة. وعلى أي حال لم يرد اسمه في أي من المراسلات العديدة بشأن السفينة.
وخلافا لغريشوشكين مستأجر السفينة، كانت لمانولي علاقات عمل في لبنان. وتظهر سجلات قضائية أن مانولي أخذ قرضا بقيمة 4 ملايين دولار عام 2011 من بنك "إف بي إم إي" (FBME) التنزاني لتمويل شراء سفينة أخرى تسمى "سخالين".
مصرف غامض
ويوضح التحقيق الصحفي أن البنك المذكور ليس مصرفا عاديا، فقد اتهمته جهات التحقيق الأميركية بأنه واجهة لغسل الأموال لصالح حزب الله، ومن بين عملاء المصرف أيضا شركة سورية يشتبه في أنها واجهة لتغطية دور في برنامج الأسلحة الكيميائية السوري.
وبعد شهر واحد فقط من حصوله على القرض تخلفت شركة مانولي -واسمها "سيفورس مارين ليميتد" (Seaforce Marine Limited) عن سداد القسط الأول، وقام مانولي بتقديم "روسوس" كضمان للقرض، لكن المصرف اشتبه في أن مالك السفينة يريد بيعها، وقام بمصادرة أملاك عقارية لمانولي في قبرص.
وتظهر وثائق داخلية من المصرف أن مانولي مدين له بمبلغ 962 ألف يورو بتاريخ أكتوبر/تشرين الأول 2014، لكن مانولي ينفي أي علاقة بين ديونه وبين إيقاف السفينة في بيروت. غير أن أحد المحققين يشير إلى أن هذا المصرف معروف بضغطه على المقترضين المتعثرين لدفعهم لتقديم خدمات لصالح عملاء تحيط بهم الشكوك مثل حزب الله، على حد وصف دير شبيغل.