لكلٍّ صفقتُه .. قد تكون صفقةَ قَرن .. أو صفقة عُمُر.. أو صفقة وَهم !

إنها رمزٌ، وحُلم ! وكلٌّ يسمّيها بما يشاء : حسب حاجته.. وحسب ظروفه .. وحسب معادلاته السياسية .. وحسب اللاعبين ، الذين يلعب معهم ، أو ضدّهم ! 

فقد تكون هي القماشة الحمراء ، التي يُعبث بها بمزاج الثور، في مصارعة الثيران ! 

وقد تكون هي الأمنية ، التي يتمنّاها كلّ عاجز أو بائس ، أو ساذج أو مغفّل أو بَليد! 

وقد تكون هي الثأر، الذي يُحرق صدر المَوتور، ويهذي به ، صباحَ مساء ! 

وقد تكون الوسيلة ، التي يَتوسّل بها كلّ شيطان ، لبلوغ هدفه ، وتحقيق طموحه ! 

نموذج قديم :  

ابن العلقمي ، الذي كان وزيراً للخليفة العباسي ، وعده هولاكو، قائد جيش التتار، بأن ينصّبه على رأس دولته ، التي يخونها ، ويُسقط خليفتها ! ثمّ صارلاشيء ، في نظرالغازي ، الذي احتلّ بغداد ودمّرها ، وأباحها لجيشه ، يفعل بها مايشاء .. وظلت اللعنات ، تلاحق الوزيرالخائن ، إلى أن يرث الله الأرض ، ومَن عليها ! 

نماذج حديثة : 

نابليون بونابرت ، حين غزا مصر، حاول التقرّب من العلماء والمشايخ ، ليساعدوه في احتلال بلادهم ، بالدعاية له ، أو بالسكوت عمّا يفعل ! وطلب من أتباعه ، أن يشيعوا بين أبناء مصر، بأن القائد الفرنسي العظيم ، اعتنق الإسلام ، وفي هذا مكسب عظيم ، يضاف إلى أمجاد الأمّة ! وكانت الصفقة ، هنا ، صفقة وهم، لخدمة المبدأ والعقيدة والأمّة ! 

حكّام أفغانستان ، الذين حكموها ، باسم الحزب الشيوعي ، في العهد السوفييتي ، استعانوا بالسوفييت ، لينصّبوهم حكاماً ، على بلادهم أفغانستان ، ويقضوا على المعارضات فيها .. ثمّ طفق الحكّام السوفييت ، يلعبون بهم ، فيعزلون منهم مَن لايلبّي رغبات القادة الروس ؛ لعجزه ، أولصفات أخرى ، غير مناسبة لأمزجة السوفييت ! والصفقة ، لكلّ من حكّام أفغانستان ، هي صفقة فردية ، يحقّق فيها كلّ منهم ، طموحه الشخصي ، في أن يكون حاكماً لبلاده ! وهي صفقة عُمُر، لكلّ منهم ! 

 بعض ذوي الصفقات الحاليين ، وبعضِ أتباعهم : ضابط يحلم بأن يحكم بلاده ، في صفقة عُمُر، وعُدّته : رُتبته ، ومجموعة من مؤازريه .. وضابط آخر، يحلم بأن يكون وزيراً للدفاع ، وعُدّته : تأييد ضابط كبير له ، وقدرته على التزلّف ، وهذه هي  صفقة عُمُره.. وشيخ يحلم ، بأن يعيّن مفتياً لبلاده ، وهذه هي صفقة عُمُره ، وعُدّته : عمامة ولحية وجُبّة ، وقدرة كبيرة ، على التزلّف والنفاق !  

أمّا صفقات الدول ، التي تساعد هؤلاء الصغار، على تحقيق صفقاتهم الصغيرة ، فهي على مستوى حكم الشعوب ، والهيمنة عليها ، واستغلال ثرواتها ، ومواقع بلادها الاستراتيجية .. لتحقيق  المطامح الكبرى ، للدول الكبيرة .. وكلٌّ صفقته بحجمه ! 

وسوم: العدد 900