هل خروج أنصار الرئيس الأمريكي ترامب إلى الشارع هي محاولة انقلاب مقتبسة من حكام العالم الثالث؟
هل خروج أنصار الرئيس الأمريكي ترامب إلى الشارع هي محاولة انقلاب مقتبسة من حكام العالم الثالث؟ وهل يعني ذلك بداية أفول الديمقراطية في أمريكا؟
لقد كانت اللعبة الديمقراطية في الولايات المتحدة تقدم دائما على أنها أصح لعبة في العالم ، وأنها مرجع كل لعبة مثيلة في عموم العالم إذا كانت تروم المصداقية التي لا يرقى إليها شك إلا أن ما حدث ،وما يحث اليوم في هذه اللعبة يثير تساؤلات جادة عن مصيرها مستقبلا، ذلك أن إصرار الرئيس ترامب على عدم إقراره بالهزيمة في اللعبة ، وامتناعه عن السماح ببدء إجراءات انتقال السلطة إلى غريمه الفائز كما جرت العادة من قبل ، وخروجه أمس الأول لتحية أنصاره المتجمهرين في ساحة بالعاصمة مطالبين بحقه في فترة رئاسية ثانية، ومشككين في فوز غريمه بدأ يثير الشكوك في ما سيؤول إليه الأمر في أكبر بلد مصدر للديمقراطية إلى باقي أرجاء العالم .وبناء على ذلك يحق للمرء أن يتساءل هل أصيب الرئيس ترامب بداء التمسك بالسلطة لأطول مدة ممكنة، علما بأن هذا الداء العضال إنما يصيب حكاما في دول العالم الثالث وعلى رأسهم حكاما عربا خصوصا الذين يعتمدون أسلوب الانقلابات العسكرية من أجل الوصول إلى السلطة أول الأمر ثم بعد ذلك يحاولون شرعنة ذلك من خلال إجراء انتخابات صورية يفوزون فيها بنسبة مائة في المائة ، ثم يغيرون بعد ذلك فقرات الدساتير من أجل تمديد فترات بقائهم في الحكم ، وينتهي بهم المطاف في الأخير إلى ما يسمى الحكم مدى الحياة ، وقد يشل بعضهم ويصاب بكل داء عضال ولكنه ولا يغادر السلطة إلا إذا أرغمه على ذلك ملك الموت التي وكّل به .
ويبدو أن التعلق بالسلطة قد تمكن من قلب الرئيس ترامب ، وشق عليه أن يغادر البيت الأبيض ولمّا يقضي منه وطره ، ففكر في طريقة تحقق حلمه، فلم يجد بديلا عن نموذج الديمقراطية المعتمد في بلاد الحكم الشمولي ، فبدأ أولا بالتشكيك في نزاهة الانتخابات ، وهي نزاهة لم يعهد التشكيك فيها من قبل ، ثم أصر على إعادة العدّ والإحصاء في بلد لا يخطيء فيه عدّ الأصوات في الانتخابات باعتبار تقدمه التكنولوجي المتطور، ثم انتهى به الأمر إلى الإيعاز لأنصاره للخروج احتجاجا على تزوير النتائج فيما يشبه حراكا مضادا للديمقراطية الأمريكية يحاكي ما حصل على سبيل المثال في مصر بعد الانقلاب الدموي على الشرعية والديمقراطية من حراك سمي ثورة مضادة على ثورة شرعية كانت قد أفضت إلى انتخابات لم يطعن في التزامها بقواعد اللعبة الديمقراطية وبشفافيتها ونزاهتها لأول مرة في تاريخ مصر .
وإذا ما رفض القانون الأمريكي أسلوب اعتماد الرؤساء دروعهم البشرية في الشارع لكسب النتيجة ، فإنه سيواجه بسكوته عن وقوع مثل ذلك في دول العالم الثالث عموما ، وفي البلاد العربية خصوصا بل سيحاسب على سكوته وتشجيعه لما لم يقبله في بلاده .
وإذا ما نجح الرئيس ترامب في رهانه على دروعه البشرية في الشارع الأمريكي لكسب الانتخابات التي خسرها في مضمار المنافسة عبر الصناديق الزجاجية ، فإن الديمقراطية في الولايات المتحدة سيكبر عليها أربعا كما يقال، وهو تعبير عن الموت والهلاك عند المسلمين ، وسيكون ذلك إن حصل تزكية من أكبر دولة للحكام المستبدين بالسلطة في دول العالم الثالث وعلى رأسها دول عربية وسيشجعهم ذلك ليزدادوا استبدادا وجورا.
وفي المقابل إذا ما فشل ترامب في محاولته ، فعلى الديمقراطية الأمريكية أن تراجع مواقفها مع أساليب الانقلابات العسكرية ، والثورات المضادة ، والدروع البشرية لقلب نتائج الانتخابات في دول العالم الثالث بدء بدول عربية قد تم تأييد حكامها المستبدين في تشبثهم بالسلطة ،وذلك من أجل مصالحها وعلى رأسها توفير الأمن والسلام والتوسع للكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين والطامع في تحقيق حلمه بإنشاء وطن قومي عنصري ما بين الفرات والنيل للهيمنة على كامل الوطن العربي واستغلال ثرواته ليصنع بذلك رفاهيته على حساب الشعوب العربية المقهورة ، والمحرومة من ديمقراطية حقيقية تعبر عن إرادتها.
وسوم: العدد 903