الأمير عبد القادر كما يراه الجاسوس روش 1832-1847
03كانون12020
معمر حبار
- قرأت الكتاب بتاريخ: الثلاثاء 10 جمادى الأول 1438، الموافق لـ 07 فيفري 2017، والآن يعود إليه صاحب الأسطر ليضعه بين يدي القارئ، والناقد.
- كتاب: "مهمة ليون روش في الجزائر والمغرب 1832-1847"، تأليف الأستاذ يوسف مناصرية، دار هومة، الجزائر 2014، من 130 صفحة، فكانت هذه القراءة السريعة:
- روش جاسوس فرنسي اقتحم الجزائر مع المحتل الفرنسي سنة 1832. وأحسن تعلم اللغة العربية، وأصبح مترجما للجيش الفرنسي المحتل بقيادة الجنرال المغتصب كلوزيل ابتداء من سنة 1833. وكان روش يتمنى ومن قبل أن يلتحق بالأمير أن يكون ضابطا لدى الجيش الفرنسي المحتل.
- التحق الجاسوس روش بالأمير عبد القادر سنة 1837، وبعد معاهدة التافنة في 30 ماي 1837، وبعدما تظاهر باعتناقه الإسلام.
- نال الجاسوس ثقة الأمير عبد القادر فأطلعه على أسراره، ونقاط ضعفه. وجعله كاتبا له، ومستشاره، واتخذه رفيقا، وكلفه بمراقبة مسائل جيشه النظامي، وملابسه وأجوره. وولاه تسجيل أسماء القبائل، وحصر أسماء شيوخها حتى يتمكن من جمع الضرائب بدقة، وجعله على مصنع السلاح. وكان يحضر المجالس السرية للأمير، وكان مبعوثه للقبائل، وجعله كاتب رسائله ومترجمه، ويقدم له ملخص عن ما جاء في الصحف الفرنسية.
- منحه الأمير عبد القادر وسام "الريشة".
- كان الجاسوس روش يجمع المعلومات عن الأمير عبد القادر وهو الذي أخبر المحتل الفرنسي أن معاهدة التافنة بالنسبة للأمير هي "فترة تمكنه من تجهيز نفسه للدخول في الحرب من جديد".
- حين رأى الناس مكانة الجاسوس روش لدى الأمير زادت ثقتهم فيهم، فاستغل هذا القرب والثقة في تجسيد أطماعه الاستدمارية في القضاء على الأمير، ودولته.
- كان شيخ الطريقة التيجانية يراسل المحتل الفرنسي للقضاء على الأمير، وكان يرى بأنه أحق من حكم المسلمين من الأمير عبد القادر.
- ساهم الجاسوس روش بمساعدة الفرنسيين الفارين من جيش الاحتلال والملتحقين بالأمير عبد القادر في تخريب مصانع السلاح ولم تنشئ المصانع شيئا، رغم أن الأمير كلفه بصناعة، وتطوير الأسلحة لنقص في خبراء صناعة الأسلحة.
- اعترف الجاسوس روش للأمير عبد القادر أنه لم يعتنق الإسلام، والتحق بالجيش الفرنسي المحتل في نوفمبر 1839 ، وهو يحمل أسرارا ضخمة، وبالغة الخطورة عن الأمير عبد القادر، وكيفية القضاء عليه.
- اعتمد الجنرال الفرنسي المحتل المجرم فالي على الجاسوس روش في جمع المعلومات عن الأمير عبد القادر، والقبائل، والشيوخ، والعدد، والعدة، ووثائقه الخاصة التي كان يدونها كل يوم.
- تحصل روش سنة 1841 وبطلب من الجنرال المحتل المجرم بيجو على فتوى من علماء القيروان، ومصر، وشريف مكة والطائف بتحريم محاربة فرنسا، لأن المسيحيين من أهل الكتاب لا يجوز قتالهم، وأن محاربة فرنسا الأكثر عددا وعدة يدخل ضمن قوله تعالى "ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة".
- نال الجاسوس روش كل الأوسمة العالية من الاحتلال الفرنسي جراء ما قام به من عمل لإسقاط الأمير عبد القادر، ودولته.
- كان روش من وراء تأليب سلطان المغرب ضد الأمير، وذلك بفضل فتاوى تحريم المحتل الفرنسي التي تحصل عليها، ماجعل مقام روش يرتفع لدى قادته المجرمين المحتلين للجزائر. وحرصت فرنسا على تسطير الحدود الجزائرية المغربية طبقا للوثائق العثمانية للضغط على الأمير، لتظهره أنه منتهك للأراضي المغربية بالمفهوم الفرنسي المحتل.
- أبرم الاحتلال الفرنسي معاهدة لالة مغنية سنة 1845 مع سلطان المغرب ، حيث اعترف بموجبها بسلطة الاحتلال الفرنسي على الجزائر، ومحاربة الأمير والقبائل المؤيدة له وملاحقتها داخل التراب الجزائري. وقال روش لسلطان المغرب في نوفمبر 1845: الأمير عبد القادر أخطر على المغرب من فرنسا، وفرنسا تريد تعزيز قوة السلطان وإخضاع القبائل المغربية له. فتعهد السلطان بقتال الأمير، والقبائل المؤيدة له.
- روش يطلب من سلطان المغرب ضم وجدة لمحاصرة الأمير. وأرسل سلطان المغرب 1000 جندي سنة 1846-1847 لقتال الأمير، تنفيذا لتعاليم فرنسا المحتلة وروش. وكانت فعلا نهاية الأمير نظرا للضغط الفرنسي، والمغربي، وخيانة القبائل الداخلية.
- يقول صاحب الأسطر ويضيف: حين كتبت أنّ الأمير عبد القادر رحمة الله عليه أخطأ حين قرّب إليه الجاسوس الفرنسي المجرم روش، ومنحه ثقته المطلقة، فاستغلها الجاسوس للإطاحة به وتكريس الاستدمار.تعرّضت حينها لموجة من العتاب من طرف زملاء أعزّاء، حتى أن أحد المهتمين بالفكر والتاريخ عاتبني قائلا: "هل جننت !"، "هل تعي ما تقول!".
- بالصدفة أقرأ بتاريخ: 15 أفريل 2017، حول موضوع ابن باديس، ذكر عبرها الأستاذ المجاهد محمد الصغير لعلام، فقال: "مولود الأستاذ نايت بلقاسم رحمة الله عليه في إحدى المؤتمرات: إن الأمير عبد القادر أخطأ كثيرا عندما اتخذ الجاسوس الفرنسي ليون روش كاتم سره، وهو ما جعل الشيخ حماني رحمه الله يرد عليه “لا نسفه أجدادنا”. فرد عليه الأستاذ مولود نايت بلقاسم “نحن لا نسفه أجدادنا.”
- وبعد هذه القراءة أضيف: أصاب مولود نايت بلقاسم، وأخطأ أحمد حماني حين اعتبر نقد الرجال "تسفيها للرجال والأجداد !". ورحم الله عظماء الجزائر جميعا ودون استثناء، والحمد لله على نعمة النقد، وثبات الرأي، وصوابه.
- ليست المشكلة في "الأشياء المبهمة "، فسيكشف عنها ذات يوم بالبحث، والمقارنة، والتحقيق. لكن المشكلة في تقديس الأشخاص، ومنع الاقتراب من أخطائهم، فيحرم المجتمع من الاستفادة من التاريخ.
- بالمناسبة، حين أبدى صاحب الأسطر رأيه فيما يخصّ العلاقة بين الأمير عبد القادر رحمة الله عليه، والجاسوس المجرم روش لم يكن على علم بما ذكره الأستاذ مولود نايت بلقاسم رحمة الله عليه بشأن العلاقة، وأنّ هناك تطابقا كاملا فيما يخص نفس النظرة للعلاقة القائمة.
- رحم الله سيّدنا الأمير عبد القادر، ورضي الله عنه وأرضاه.
وسوم: العدد 905