صابر الدوري لا يستغيث بل يطلب الحق
قال تعالى في سورة إبراهيم/42 ((وَلَا تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَٰفِلًا عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّٰلِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍۢ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلْأَبْصَٰرُ)).
لا اعرف متى يستيقظ ضمير المدعي العام وما يسمى بوزير العدل، وقضاة العراق من سباتهم العميق، ويدركوا ان هناك في السماء ربٌ يتوعد الظالمين عما ارتكبوه من ظلم بحق الأبرياء من العراقيين، ومن بينهم رموز وطنية لا يشق لهم غبار في ميدان الوغى والصراع ضد أعداء العراق؟ ربما الضمير الإنساني يغفو ولكن لا يموت إلا بموت صاحبه كما يفترض، لكن الإصرار على الظلم، يعنى الموت التعبيري وليس الجسدي.
في العراق الديمقراطي الجديد هربت العدالة مع هروب الملايين من العراقيين الى خارج البلد، لحقت بهم لأنها حُوربت كما حُوربوا، من الطبيعي عندما يموت القضاء في بلد ما، فهذا يعني انه لا مكان للوطنيين والشرفاء والمثقفين، بل عليهم أن يشدوا الرحال الى أي مكان يتوفر فيه ولو الحد الأدنى من العدالة، بمعنى انه لا توجد عدالة بالمطلق في العراق، وإن تخاذل القضاة وشراء ذممهم وشرفهم المهني هي التجارة السائدة في سوق العدالة اليوم.
لا اعرف كيف ينام القضاء، وهناك صرخات للمظلومين تشق عنان السماء، وتستصرخ العدل، وصداها يتردد في الأرض ولا مجيب من شريف او حسيب، لكن ربما عندما ينام الضمير، بإمكان القاضي ان يخلد الى النوم براحة، ولأننا أصحاب ضمائر من الصعب ان نفسر هذه الحالة الشاذة التي لم نألفها، اقول عندما يُلبس السياسيون والفاسدون المدعي العام والقضاة لجام، فمن السهل عليهم ان يمتطوهم، وعندما يعايش القضاة الفاسدين واللصوص والداعرين والمزورين والمرتشين، فأنهم سيُصبغوا بصبغتهم، لا يمكن ان يجزم اي عراقي بأنه يوجد قضاة نزيهون وشرفاء، سنفند رأيهم بالقول الحق، عندما تعيش مع المجرمين واللصوص والزناة والإرهابيين، لا يمكن ان تكون شريفا، ولا يمكن لشريفة مثلا ان تعيش مع بغايا وفي بيت دعارة، لأنها حتى لو كانت شريفة فإنها سمعتها ستتلوث وستنجرف في نهاية المطاف مع الموجة، هكذا يقول المنطق.
من المؤسف أن يصل القضاء العراقي الى الدرك الأسفل من الفساد، بل أصبح القضاء سخرية للعالمين سيما بعد ان كشف الإرهابي هادي العامري ان القضاء مسيس تماما، بعبارته الشهيرة (ابن امه ـ القاضي ـ اللي ما يخضع التهديد)، والأحداث التي شهدناه لا تحتاج الى مقولة العامري، فإنتشار الفساد في العراق دليل على فساد القضاء، ومتى صلح القضاء صلح العراق، ولا يوجد لحد الآن مؤشر على الإصلاح، بل الأمور تسير من سيء الى أسوأ بهمة القضاء العراق والمدعي العام.
لقد ثارت ثائرة الكثير من القوى الوطنية والعربية والدولية إزاء جريمة ا الإحتفاظ بالمجاهد البطل صابر الدوري في السجن على الرغم من إنتهاء فترة محكوميته بعد إتهامة بجريمة المواطنة والشرف والإصالة وعدم العمالة للأجنبي، والتعامل الإنساني مع الناس، خلال عمله كمحافظ، ربما هذه العبارات تمثل جريمة نكراء في وطن يحكمه العملاء والجواسيس وأقذر خلق الله، كلما فكرت بأن عميل هرب من الجيش العراقي خلال الحرب والتحق الى جانب العدو وقاتل العراقيين، وعاد بعد الحرب ليحاكم قائده، انتابتنا الحيرة والذهول، هذا أمر لم يحصل في أي بلد في العالم، بل في العراق حصريا.
بحت أصوات الشرفاء من العراقيين منادية بإطلاق سراح السجين المظلوم صابر الدوري، لكن لا صدى للمناشدات، هل هؤلاء الأمعات يعانون من عاهة الطرش، علاوة على موت الضمير؟
الا يوجد اي شريف منهم، يخرج الى الناس ويبين لهم اسباب عدم اطلاق سراح الدوري؟
حسنا لماذا حددتم يا قضاة الحكم بفترة زمنية محددة طالما ليست لديكم النية بإطلاق سراحه؟
هل من العدل الإحتفاظ بسجين بعد إنتهاء محكوميته، لا نقول وفق شرع الله لأنكم لا تعرفوا الله، ولا تعترفون بشرعه، ولكن وفق الدستور الذي صاغته اياديكم الملوثة بالمفاسد؟
اليس عدم اطلاق سراح سجين بعد إنتهاء محكوميته يعتبر انتهاكا للقانون؟
هل هناك في العالم ـ ما عدا العراق ـ ان ينتهك رجل القانون القانون؟ وما هوحكم الإنتهاك في هذه الحالة؟
مهما يكن من أمر لقد كُشفت أمام الملأ حقيقة المسرحية الهزيلة" القضاء والإدمان على الظلم" التي كان أبطالها نجوم الجور فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى، ومدحت المحمود رئيس المحكمة الإتحادية، واخراج وزير العدل سالار عبد الستار، وانتاج المدعي العام موفق العبيدي، لا وفقه الله ،لا هو ولا كل من ساهم في هذه التراجديا الإنسانية التي تعبير عن افلاس اخلاقي.
كلمة أخيرة:
ان كان الأمر ليس بيد القضاء العراقي بل بيد الولي الفقيه، فإعلمونا بالحقيقة كي نطالب الولي الفقيه بإطلاق سراحه، ونكف عنكم.
وان كان بيد السياسيين العراقيين الولائيين فكاشفونا بالحقيقة لنوجه ندائاتنا اليهم، بدلا من منكم؟
وان كان بيدكم، فكان الله في عون العراقيين على هذا القضاء الصامت عن الحق.
هل ماتت قلوبكم، وفسدت عقولكم، وتضاعفت ذنوبكم.. يا لكثرة العبر، ويا لقلة من إعتبر.
عسى ان نجد من يستفيق ضميره مبكرا ويرفع الحيف عن صابر الدوري، ويبشر العراقيين بأن القضاء إستفاق من غفوته، وسيرجع للعدل الى مكانته الصحيحة.
وسوم: العدد 906