واشنطن بوست: كوشنر وترامب ينسبان فضل حل الأزمة الخليجية لنفسيهما وهما من أشعلا نارها
قال أستاذ الصحافة بجامعة نيويورك والمدير السابق لمكتب “نيوزداي” محمد بازي إن الرئيس دونالد ترامب وجارد كوشنر يتحدثان عن مزاعم إنجازات في حرائق أشعلاها في الشرق الأوسط. وفي مقاله الذي نشرته صحيفة “واشنطن بوست” أشار لحضور مستشار وصهر الرئيس ترامب القمة الخليجية في السعودية والتي تم فيها التوقيع على اتفاق ينهي الحصار المستمر منذ ثلاثة أعوام ونصف ضد قطر. وهو خلاف مزق العالم العربي وجعل حلفاء أمريكا بالمنطقة في مواجهة مع بعضهم البعض.
وقال إن كوشنر زعم أنه حقق الانتصار بعد مفاوضات على مدى شهور للمساعدة وحل النزاع. ولكن الصور التي التقت للمصالحة أخفت وراءها حقيقة مهمة وهي أن كوشنر وترامب لعبا دورا في إثارة أزمة 2017 والتي قادت للخلافات العربية – العربية وعزلة قطر.
فبعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض أقام كوشنر علاقة مع محمد بن سلمان الذي كان في حينه نائبا لولي العهد ولكن لديه طموحات للسيطرة على العرش السعودي. وتوثقت الصلة بين “الأميرين الشابين” وكلاهما في الثلاثين من عمره وعبرا عن رغبة بإعادة رسم الشرق الأوسط وإثبات نفسيهما على المسرح الدولي. واستخدم ترامب وكوشنر العلاقات الشخصية لتحقيق صفقات تجارية وعرضا دعمهما المطلق لمحمد بن سلمان في عقود السلاح الضخمة والاستثمارات الأخرى في الولايات المتحدة والحفاظ على استقرار أسعار النفط.
وبحلول أيار/مايو 2017 أقنع كوشنر ترامب بجعل السعودية المحطة الأولى في أول زيارة خارجية له كرئيس. وفهم محمد بن سلمان والمسؤولون السعوديون أن ترامب يحب التملق وأعدوا له استقبالا في غاية الإسراف. وبعد زيارة ترامب التي تعهد فيها بدعم السعودية والوقوف مع الدول السنية العربية في المواجهة مع إيران، أصبح محمد بن سلمان متهورا.
ففي 5 حزيران/يونيو أعلن مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر عن قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر وفرض حظر جوي وبري وبحري عليها. واتهمت هذه الدول قطر بدعم الإرهاب وتقويض الجهود العربية السنية لعزل إيران ودعم الجماعات الإسلامية، مثل الإخوان المسلمين. وأربك الحصار التجارة في منطقة الخليج وقلب الحياة رأسا على عقب لآلاف السكان الذين وجدوا أنفسهم مشتتين على جانبي الانقسام. وتم فصل العائلات ووقف العلاج الطبي والتعليم ووجد العمال الوافدون أنفسهم عالقين بدون ماء أو طعام.
وفي سلسلة من التغريدات نسب ترامب لنفسه فضل الدعوة للحصار على قطر والذي قادته السعودية والدول المتحالفة معها. ففي تغريدة قال: “خلال زيارتي الأخيرة للشرق الأوسط أكدت أنه لن يكون هناك أي تمويل للأيديولوجية الراديكالية” و”أشار القادة إلى قطر.. انظر”. وحاول مسؤولو الأمن القومي في إدارته البحث عن طرق لنزع فتيل الأزمة في أيامها الأولى: لكن رسالته كانت واضحة: لن يخطئ السعوديون.
وتزامن الحصار مع محاولات محمد بن سلمان تقوية موقعه في الحكم، فبعد الحصار أجبر الملك سلمان ابن أخيه على التنازل عن ولاية العرش وعين ابنه بدلا عنه. وقوى صعود محمد بن سلمان إلى جانب الدعم المطلق من ترامب سياسة خارجية سعودية قاسية. ففي ظل محمد بن سلمان واصل النظام حربه الوحشية في اليمن التي قتلت آلافا من المدنيين واعتقل وأجبر رئيس الوزراء اللبناني في حينه سعد الحريري على الاستقالة واعتقل مئات من الناشطين السعوديين وبعض الأثرياء ورجال الأعمال والأمراء.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2018 قام عملاء للنظام السعودي بقتل وتقطيع جثة الصحافي جمال خاشقجي في إسطنبول. وقدم ترامب الحماية لولي العهد مع أن تقييم المخابرات الأمريكية توصل بدرجة عالية من الثقة إلى أن ولي العهد هو من أمر بالاغتيال. وغير ترامب وكوشنر موقفهما من الحصار بعد اكتشافهما أنه دفع قطر نحو إيران وأضر باستراتيجية أقصى ضغط، وفي تلك الفترة ثبت محمد بن سلمان وحلفاؤه أقدامهم ورفضوا الاعتراف بأن الجارة الصغيرة تفوقت عليهم. وأثارت تحركات كوشنر أسئلة مقلقة حول دعمه للحصار الذي قادته السعودية مدفوعا برفض قطر صفقة مع عائلته في مجال العقارات.
والتقى والد كوشنر وزير المالية القطري في محاولة منه للحصول على حزمة إنقاذ لبرج بمنهاتن يواجه مشاكل مالية قبل أسابيع من الحصار. وبعد عام توصلت شركات كوشنر إلى حزمة إنقاذ بـ 1.1 مليار دولار مع شركة بروكفيلد أسيت مانجمينت التي يعتبر الصندوق السيادي القطري ثاني أكبر مساهم فيها، مع أن بروكفيلد أكدت أن قطر لم تكن على معرفة مسبقة بالصفقة. وهناك عدة علامات تشير إلى إدارة كوشنر سياسة خارجية في الظل عام 2017 والتي أغضبت ريكس تيلرسون، وزير الخارجية في حينه. وفي مقابلة استمرت ست ساعات مع أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب في أيار/مايو 2019 سئل تيلرسون عدة أسئلة حول شركة عائلة كوشنر ومقاطعة قطر.
وفي أثناء زيارة ترامب إلى السعودية يقال إن كوشنر ومستشار ترامب ستيفن بانون التقيا مع قادة سعوديين وإماراتيين كشفوا فيها عن خطة لعزل قطر، وذلك بناء على تحقيقات للكونغرس. وفكر الديمقراطيون في مجلس النواب بالتحقيق بتعاملات عائلة كوشنر مع قطر لكن الفكرة لم تخرج إلى حيز التنفيذ. وربما لن يضطر كوشنر لتقديم تفسير عن تأثير مصالحه التجارية على أفعاله السياسية، لكن لا هو أو ترامب يستحقان ادعاء حل نزاع لا معنى له وساهما في إشعاله.
وسوم: العدد 911