ثلاث فضائيات هزت عرش السيسي!
لم أعد بحاجة، لتقديم أدلة، على قوة المحطات التلفزيونية المملوكة للمعارضة المصرية في تركيا، وقد قدمت الأدلة في هذه الزاوية من قبل، فقد قطعت جهيرة قول كل خطيب، باشتراط أهل الحكم في القاهرة وقف هجوم هذه القنوات على رأس النظام وأركانه وسياساته، كشرط للمصالحة مع الأتراك!
قديماً قيل: عد غنمك يا جحا، فقال مستهيناً بالطلب: واحد قائمة وأخرى نائمة. فما حاجة جحا للعد والحال كذلك، وهذه القنوات في حدود الإثنين، هما «مكملين» و»الشرق» وقناة «وطن» إذا تقرر حساب كل القنوات، مع العلم أن النظام العسكري في مصر لا يركز سوى على «الشرق» و»مكملين» ويتهم القناتين بأنهما من إعلام الإخوان، في حين لا يأتي على ذكر لقناة الإخوان الوحيدة، فليست موضوعاً للهجوم عليها من قبل أذرعه الإعلامية، لكن ربما تذكرها وهو يتفاوض مع النظام التركي!
وكانت هذه القنوات قد حصلت على شهادة أخرى قبل هذه الشهادة، تمثلت في الإعلان المفاجئ لوزير الخارجية سامح شكري، أما م إحدى لجان البرلمان، بأن مصر تحتاج لألة إعلامية نافذة تستطيع الوصول للآخرين، وتكون مؤثرة، وقد أوضح إن هذه القناة تحتاج لجهد وامكانيات، فهناك أكثر من وسيلة إعلامية للتنظيمات الإرهابية بالأخص الاخوان، تستهدف الاستقرار في مصر!
وهكذا، فالسيسي وهو يملك ترسانة من وسائل الإعلام، وقد وضع يده على جميع القنوات التلفزيونية في مصر عدا «صدى البلد» ورغم أنه ينفق المليارات على أذرعه الإعلامية والقنوات التلفزيونية والصحف، فإن القنوات الثلاث جعلت من هذه الترسانة رماداً اشتدت به الريح في يوم عاصف، فصاح سامح شكري نحتاج لألة إعلامية نافذة وتكون مؤثرة. وهو إن ذكر أن هذه «الألة الإعلامية» تحتاج لجهد وامكانيات، فلا أظن أن السلطة التي ينتمي اليها قد ضنت بالجهد أو بالإمكانيات على إعلامها، وقناة واحدة هي «دي أم سي» الشهيرة بقناة «المخابرات» تم رصد عشرة مليارات جنيه لها، بما يكفي لإنشاء دولة لها علم ونشيد، ومع هذا تبين أنها كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجد شيئاً.
بعيداً عن الحديث عن ملكية الجماعات الإرهابية للقنوات الأخرى، وبالأخص الإخوان، فإن هذا الإعلان أمام النواب، كاشف عن الاعتراف بالفشل أمام قنوات تركيا، وهي كما قلنا «واحدة نائمة وواحدة قائمة» بالأحرى كما قال خالد الذكر جحا، وهي قنوات فقيرة وعشوائية، فكل من يخالف الحاكم العسكري هو ينتمي لجماعة إرهابية، أو يعمل في خدمة هذه الجماعة الإرهابية، وزميلنا الصحافي هشام فؤاد، ومع كونه شيوعياً معروفاً للجميع، إلا أنه لوحق بهذا الاتهام، وهو سجين الآن بتهمة التعاون مع هذه الجماعة في تحقيق أهدافها!
يضع سره في أضعف خلقه
إن راتب مذيع واحد من الأذرع الإعلامية للسيسي، هو بميزانية أي قناة من هذه القنوات، من أول مديرها إلى عامل البوفيه الذي يقدم القهوة للضيوف وللعاملين فيها، وقديما قالت العرب إذا أبهرها ضعيف «يضع سره في أضعف خلقه» ونعلم أنه منذ سنوات مضت والناس في بلدي قد انصرفوا كلية إلى قنوات تركيا، ليصبح نجوم المرحلة «محمد ناصر» و»معتز مطر» و»حمزة زوبع» و»أحمد سمير» ويصبح النجوم في مجال الدين والفتوى الشيخان: عصام تليمة، وسلامة عبد القوي، وتتفجر إمكانيات «سيد توكل» المذيع القادم من قناة «الجزيرة مباشر» وكأنه كان بحاجة إلى هذه الفرصة!
واضطر السيسي إلى تغيير استراتيجيته، التي كانت تقوم على العودة لزمن الهدوء الإعلامي، فالرجل يربكه التزاحم والصوت العالي ولو كان يهتف باسمه، وقد أدركت منذ حديثه مع المخرجة ساندرا نشأت، في الدعاية لحملته الانتخابية قبل ثلاثة أعوام، أنه قرر بهذا الاختيار وبالقول، نسف حمامه القديم، عندما قال إنه لا يستسيغ فكرة المذيع الذي يتحدث ساعتين وثلاث ساعات كل يوم، والتركيز في هذا الخطاب يكشف أنه ينتمي لهذا الزمان الذي كانت فيه مصر لا يوجد فيها سوى قناتين: الأولى والثانية، ينتهي ارسال واحدة في منتصف الليل، والأخرى قبل ذلك، وهو تواق لهذه المرحلة!
بيد أن قنوات تركيا ونجاحها في جذب انتباه الناس، جعله يتراجع عن خطته واستدعى قوات الاحتياط، فعاد خيري رمضان، ومحمد شردي، وسبقهما توفيق عكاشة، كما عاد يوسف الحسيني، ثم وجد في التقارب مع تركيا أن الفرصة مناسبة لكي يضرب ضربته!
ومن هنا كانت التعليمات التركية لهذه القنوات، بتخفيف حدة نقد السياسة المصرية، وهو الأسلوب المهذب لتعليمات بالتوقف كلية للبرامج السياسية، ليقيم أنصاره في القاهرة الأفراح والليالي الملاح.. ألهذا الحد كانت هذه القنوات موجعة لكم؟!
إن الحديث على طاولة المفاوضات لعلاقات اقتصادية، وسياسية، وعسكرية، في عالم مضطرب، وإزاء تحديات كبرى، ما كان ينبغي أن تكون هذه القنوات أكثر من فاصلة بين جملتين، لكن لتأثيرها مع ضعفها وهوانها على معسكر رفض الانقلاب، هو ما دفع الحاكم العسكري في مصر أن يجعلها موضوعا على رأس المطالب، ولتكن البداية بها، لأنها موجعة، ولأنها كذلك، فقد كان من المناسب أن يستقبل هذا القرار بالطبل البلدي في العاصمة المصرية، يعتبر انجازاً هائلاً للجنرال، وكأنه عاد منتصراً من موقعة تحرير القدس!
الأفراح والليالي الملاح
الفرح على قدر الألم، وكان من المدهش أن الذين نصبوا الزينات وأقاموا الأفراح والليالي الملاح، ورقصوا رقصة «خالتي فرنسا» في فرح نجلها «اللمبي» صوروا الأمر على أنه انتصار يليق بـ «الدكر» وهو اللقب المسجل للأستاذ عبد الفتاح السيسي، الذي نجح بقوته أن يدفع الرئيس التركي إلى الانصياع له والاستجابة لمطالبه، فكانت غزوة مكملين!
إنه البحث عن أي انتصار، أمام الهزيمة على محور سد النهضة، ومواصلة القيادة الإثيوبية تحديها للسيسي، فلم يملك أمام ذلك سوى تصريحات باهتة تصدر تباعاً مرة من رئيس حكومته ومرة من رئيس الوزراء، في أداء بائس ومؤسف، وينحدر لمستوى الهوان!
بيد أن السيسي قد انتصر في هذه الغزوة الكبيرة، فأجبر أردوغان على الرضوخ وتجلى ذلك في التعليمات التركية لهذه القنوات!
وسهرنا ليلة عظيمة أمام «العربية» قناة الحلفاء، على نحو ذكرنا بليلة محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، عندما اتحفتنا هذه القناة وشقيقتها بالجنب «سكاي نيوز عربية» من أخبار كانت ككلام الليل مدهون بالزبدة، لم يكد تطلع عليه الشمس حتى تحلل قبل أن يتبخر وتبين أن كل هذه الأخبار المنشورة تباعاً، كأساطير الأولين!
لقد تحزمت «العربية» ورقصت مجاملة للحليف المصري، وهي في هذه الحالة من السكر البين، كانت أخبارها أكاذيب، وقد بثت ضمن ما بثت أن أنقرة تضع عدداً من قيادات الإخوان قيد الإقامة الجبرية. وهو كلام غير صحيح جملة تفصيلاً، لكن لا بأس!
فالقوم في فرح وحبور، حيث انتصروا في «غزوة مكملين» ليبق السؤال المهم، لماذا فرحت الأذرع الإعلامية للسيسي بهذا القرار، ورقصت على واحدة ونص، وبعضها رقص، والبعض الآخر سيرقص حتماً لأنه كان في إجازته الأسبوعية وقت إعلان هذا القرار، الذي انتصر به الجنرال نصراً مؤزراً؟!
إنهم كمن يساقون إلى الموت وهم ينظرون، فوقف هذه القنوات أو صرفها عن الهجوم على السيسي، سيكون الخطوة الأولى لتسريحهم، والعودة إلى زمن القناتين الأولى والثانية، حيث الهدوء الذي يعجب أصحاب الخلفيات العسكرية؟ إنهم كمن يخربون بيوتهم بأيديهم!
فلولا تأثير قنوات تركيا، ما كانت موضوعا مهماً على مائدة المفاوضات!
إنها فضائيات هزت عرش السيسي.. ضعف الطالب والمطلوب!
أرض – جو:
-خبر اليوم: فرقة عسكرية ليبية تعلن تحرير رهائن مصريين من تجار البشر!
خبر الأمس: القوات السودانية في ليبيا تعلن تحرير فرقة من الجيش المصري، قالت البيانات المصرية إنها كانت تائهة في الصحراء وليست رهن الآسر.
خبر أول أمس: ما يسمى بالقوات المسلحة في شرق ليبيا تعلن القبض على هشام عشماوي.
فما الذي سيتضمنه مسلسل «الاختيار 2»؟
– تسريب خسائر التلفزيون المصري الآن التي قدروها بـ 32 مليار جنيه، الهدف منه تصفية ماسبيرو، لأنه جزء من مثلث ماسبيرو المباع، تماما كما سيتم اخلاء مباني «الأهرام» و»الأخبار» الواقعة في نفس المثلث.
هذا الفشل يُسأل عنه نظام الحكم باختياراته الفاشلة، ولا يجوز أن يحاسب على المشاريب العاملون في المبنى، فلم يختاروا هذه القيادات الفاشلة!
ماذا فعلت شركة الأمن التي وضعت يدها على المبنى تحت لافتة التطوير؟!
وسوم: العدد 921