المقدسيون يواجهون مخططات تهويد القدس وترحيلهم منها
تتعرض مدينة القدس المحتلة لهجمة احتلالية غير مسبوقة تستهدف الوجود الفلسطيني في القدس، من خلال مخططات الاحتلال الرامية لهدم منازل الفلسطينيين، والسيطرة والاستيلاء عليها لصالح المستوطنين، وذلك في إطار سياسة التطهير العرقي التي تنتهجها سلطات الاحتلال لتهويد المدينة وأسرلتها وإلغاء هويتها العربية.
منذ احتلال المدينة عام 1967، هدم الاحتلال قرابة 2000 منزل في القدس، كما اتبع سياسة عدوانية عنصرية ممنهجة تجاه المقدسيين، بهدف إحكام السيطرة على القدس وتهويدها وتضييق الخناق على سكانها الأصليين، وذلك من خلال سلسلة من القرارات والإجراءات التعسفية والتي طالت جميع جوانب حياة المقدسيين اليومية.
وتعتزم حكومة الاحتلال الإسرائيلي في الفترة المقبلة، تنفيذ عمليات هدم من شأنها أن تطال عشرات المنازل في حي البستان الملاصق للأقصى. وتسعى بلدية الاحتلال منذ سنوات لهدم مئات الوحدات السكنية في حي البستان، وتحويله إلى "حديقة توراتية" لصالح مشاريع ومخططات تهويدية.
وفي هذا الإطار يواجه أكثر من 100 مبنى، يسكنه قرابة 1550 فلسطيني، و63% منهم هم أولاد دون سن 18 عاما، في بلدة سلوان المحاذية للبلدة القديمة في القدس المحتلة خطر الهدم الفوري،
ويهدف مخطط البلدية إلى تنفيذ مشروع استيطاني مكان هذه المباني الفلسطينية، وإقامة ما يسمى "متنزه حديقة الملك"، الذي أعلن عنه رئيس بلدية القدس السابق، نير برْكات، في العام 2010. ويقضي المخطط بإقامة هذا المشروع الاستيطاني في حي البستان في سلوان، وأن يكون موقعا "سياحيا – أثريا". وقضى المخطط بهدم عشرات المباني وطرد العائلات الفلسطينية التي تسكنها. يشار إلى أن السكان الفلسطينيين أقاموا هذه المباني في أراض بملكيتهم، ولكن البلدية تدعي أنها بُنيت بدون تصاريح بناء. وكان هذا المخطط قد أثار ضجة في حينه، وتعالت احتجاجات دولية ضد بلدية القدس.
ويواجه سكان حي الشيخ جراح في مدينة القدس المحتلة، خطر نكبة جديدة بعد أن أخطرت سلطات الاحتلال عددا من العائلات بإخلاء منازلها، لإحلال المستوطنين بدلا منهم.
منذ عام 1972 بدأت قوات الاحتلال تضيق على السكان، بزعم أن الأرض التي بنيت عليها منازلهم من طرف الحكومة الأردنية كانت مؤجرة في السابق لعائلات يهودية. ويخطط الاحتلال لتوسيع مشاريع الاستيطان في حي الشيخ جراح، بهدف تطويق البلدة القديمة، واختراق الأحياء الفلسطينية بالبناء الاستيطاني.
وتهدف سلطات الاحتلال بذلك إلى تحجيم وتقليص الوجود الفلسطيني في المدينة، حيث وضعت نظاما قهريا يقيد منح تراخيص المباني، وأخضعتها لسلم بيروقراطي وظيفي مشدد؛ بحيث تمضي سنوات قبل أن تصل إلى مراحلها النهائية. وفي الوقت الذي تهدم سلطات الاحتلال المنازل الفلسطينية، تصدق على تراخيص بناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات المقامة على أراضي القدس، ويخضع المقدسيون اليوم لما يقارب 33 ألف قرار هدم، في مقابل بناء مئات آلاف الوحدات السكنية والاستيطانية، في حين يهجر حوالي نصف سكان مدينة القدس إلى خارجها بسبب منعهم من استصدار رخص بناء، وهدم ومصادرة منازلهم وأراضيهم.
ورغم اعتراض المقدسيين على هذه المخططات التهويدية التي تستهدف وجودهم وحياتهم وبيوتهم في المدينة، ولجوئهم إلى مختلف الوسائل القانونية والاحتجاجية، وعلى الرغم من اعتراض المجتمع الدولي، على هذه المخططات غير القانونية، التي تتعارض مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، إلا أن حكومة الاحتلال ماضية ومستمرة في هذه المخططات غير مكترثة بردة فعل المجتمع الدولي، لأنه ينحصر في إطار الإدانة والشجب اللفظي، كما لا تقيم وزناً للموقف الرسمي الفلسطيني التي تعبر عنه السلطة الفلسطينية، لأنها تدرك عجز وضعف هذا الموقف الذي لا يتجاوز سقف الإدانة والشجب، ومناشدة المجتمع الدولي للتدخل والضغط على حكومة الاحتلال.
وهكذا يظل المقدسيون يواجهون لوحدهم هذه الحرب الشرسة، غير المتكافئة التي تشنها قوات وسلطات الاحتلال عليهم، إذا ما قورنت بالإمكانيات والقدرات الهائلة التي تملكها حكومة الاحتلال، للدفاع عن أنفسهم وعن وجودهم في المدينة.
وفي هذا الإطار دعا نشطاء مقدسيون ومؤسسات حقوقية في القدس المحتلة، لتشكيل لجان جماهيرية للتصدي لسياسات الاحتلال التهويدية، وذلك في أعقاب إخطارات الهدم الفوري لعشرات المنازل في حي البستان في سلوان، ومخطط تهجير وتشريد حي الشيخ جراح وتفريغه من المقدسيين، انطلاقا من قناعتهم الراسخة بالمثل الشعبي " لا يحك جلدك إلا ظفرك"، ومستلهمين العبر والدروس من معركة البوابات التي نصبها الاحتلال لتقييد دخول المصلين للمسجد الأقصى عام 2017، والتي أكدت قدرة الجماهير الفلسطينية الموحدة والصلبة لمواجهة الاحتلال ومخططاته، التي تستهدف المدينة وتصادر حقوقهم المشروعة في العيش فيها بكرامة، الأمر الذي يتطلب دعم واسناد المقدسيين بصورة جدية وفعالة وملموسة من قبل شعبنا وقواه الوطنية وهيئاته الرسمية، ومن قبل المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية.
وسوم: العدد 921