الأمة المسلمة مسؤولة أمام الله عز وجل عن نصرة أهل فلسطين عموما والمقدسيين خصوصا
إذا كانت عدة أمم في المعمور قد عبرت عن استيائها أو انزعاجها مما يتعرض له أهل فلسطين عموما والمقدسيين خصوصا على يد جلاديهم الصهاينة ، فإن الأمة المسلمة حاكمها ومحكومها مطالبة بما هو أكبر من التعبير عن الاستياء أو الانزعاج لأنها مسؤولة أمام الله عز وجل عن وقف إسلامي مقدس هو أولى القبلتين في أرض مقدسة هي مهد الرسالات والتي إليها أسري بخاتم الأنبياء والمرسلين ليؤمهم في صلاة مشهودة لم يشهد الكون مثلها ، وليعرج منها إلى سدرة المنتهى التي لم يبلغها أحد من المرسلين عليهم السلام ولا أحد من الملائكة المقربين .
إن أرض الإسراء والمعراج التي شرفت بالإسلام ليست مجرد وطن ككل الأوطان بل هي وقف إسلامي تقع مسؤولية تحريره من نيرالاحتلال الصهيوني على كل مسلم أدرك فترة احتلاله ، ولم يتحمل مسؤوليته على الوجه المطلوب منه حسب ما في قدرته ووسعه .
ولا يمكن أن تجتمع الأمة المسلمة برمتها في مربع نصرة الوقف الإسلامي المقدسي عند مستوى الشجب والاستنكار بالقلب واللسان دون الانتقال إلى مربعات متقدمة من النصرة خصوصا وأن عددها يجاوز اليوم المليار والثلث أو المليار والنصف .
إن ما يحدث اليوم في مدينة القدس من إجهاز الصهاينة على أهلها والسعي إلى تهجيرهم من أحيائها ومنازلهم دليل على أن المحتل ماض في سياسة تهويدها حتى يبلغ إلى نهابة مخططه الخبيث المتمثل في هدم المسجد الأقصى لإقامة هيكله المزعوم.
و معلوم أن منع إقامة هذا الهيكل المزعوم لا يمكن أن يتأخر حتى حلول ساعة حدوث هدم المسجد الأقصى بل كان لا بد أن يبدأ من أول يوم طرد فيه أول مقدسي من بيته ليحل محله مستوطن صهيوني وافد لا صلة له بأرض فلسطين كما يحل ورم سرطاني خبيث بجسم سليم .
ويستغل المحتل الصهيوني اليوم ظرف الجائحة التي تحول دون حراك الشعوب الإسلامية ليمضي قدما في سياسة تهويد القدس الماكرة من حي إلى آخر عن طريق طرد أهلها تحديا لكل الأعراف والقوانين الدولية ، وعلى مسمع ومرآى من عالم جله متحيز له ،ويعامله معاملة الكيان المدلل الذي يدوس على كل قرارات مجلس الأمن، ويحظى بحماية الفيتو الأمريكي في كل الأحوال .
ولقد دأبت الإدارة الأمريكية ومن ورائها الدول الأوروبية على نهج سياسة غض الطرف عن العدوان الصهيوني على الفلسطينيين عموما والمقدسيين على وجه الخصوص . وما حصل بالأمس والمقدسيون يحيون ليلة القدر المباركة فضح الكيان الصهيوني كما فضح كل الأنظمة المؤيدة له أو الساكتة على عدوانه . وإذا كان العدوان مستقبحا عموما ،فإنه أشد قبحا وفظاعة حين يقع على من يمارسون حقهم في العبادة ، وهو حق تضمنه كل الشرائع السماوية والوضعية .
وإذا كانت مواقف الحكام في البلاد الإسلامية ميئوس منها للدفاع عن الوقف الإسلامي المقدس في فلسطين ، فإن المعول عليه هو موقف الشعوب المسلمة التي لا خيار أمامها سوى تحمل مسؤوليتها الدينية في الدفاع عن مقدساتها أمام الله عز وجل أولا ثم أمام التاريخ .
ولن تضيع تلك المقدسات ما بقي مسلم واحد مخلص في الدفاع عنها على ظهر هذه البسيطة خصوصا مع وجود وعد إلهي ناجز لا محالة .
وسوم: العدد 928