كل التضامن مع الأسرى الاداريين المضربين عن الطعام لتحقيق مطالبهم العادلة
نحو 540 معتقل إداري يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي بعضهم أمضى عدة سنوات، علماً أن الاعتقال الإداري هو اعتقال بدون تهمه أو محاكمة، يعتمد على ملف سري وأدلة سرية لا يمكن للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها، ويمكن حسب الأوامر العسكرية الإسرائيلية تجديد أمر الاعتقال الإداري مرات غير محدودة، حيث يتم استصدار أمر اعتقال إداري لفترة أقصاها ستة شهور قابلة للتجديد. والاعتقال الإداري إجراء مرتبط بالوضع السياسي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحركة الاحتجاج الفلسطيني على استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967، وهو عقاب وأجراء سياسي يعبر عن سياسة حكومية رسمية لدولة الاحتلال باستخدامها الاعتقال الإداري كعقاب جماعي ضد الفلسطينيين، والاعتقال الإداري بالشكل الذي تستخدمه قوات الاحتلال محظور في القانون الدولي، فقد استمر الاحتلال في اصدار أوامر اعتقال إداري بحق شرائح مختلفة من المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية ، نشطاء حقوق إنسان، عمال، طلبة جامعيون، محامون، أمهات معتقلين وتجار. لتكون إسرائيل هي الجهة الوحيدة في العالم التي تمارس هذه السياسة.
تتزايد حالات الاعتقال الإداري أثناء الهبات والانتفاضات الشعبية حيث تستخدم سلطات الاحتلال هذه السياسة لقمع وترهيب الفلسطينيين، فأصدرت قوات الاحتلال منذ العام 1967، ما يزيد عن (50,000) أمر اعتقال إداري، 24 ألفاً منها صدرت ما بين العامين 2000 و2014 وأثناء انتفاضة الحجارة، وصل عدد المعتقلين إدارياً في العام 1989 إلى ما يزيد على (1,700) معتقل، وفي العام 2003 إبان انتفاضة الأقصى بلغ عدد المعتقلين إدارياً (1,140) معتقلاً. ومنذ الهبة الشعبية عام 2015 حتى نهاية العام 2018، أصدرت سلطات الاحتلال 5068 أمر اعتقال إداري بين أمر جديد وتجديد لأمر.
ترجع القوانين العسكرية الإسرائيلية المتعلقة بأوامر الاعتقال الإداري إلى قانون الطوارئ الانتدابي لعام 1945، ويستند القائد العسكري الإسرائيلي في غالبية حالات الاعتقال الإداري على مواد سرية، وهي بالأساس مواد البينات ضد المعتقل، والتي تدعي السلطات الإسرائيلية عدم جواز كشفها حفاظاً على سلامة مصادر هذه المعلومات، أو لأن كشفها قد يفضح أسلوب الحصول على هذه المواد، وقد أقرت المحكمة العليا الإسرائيلية في حالات عدة جواز إمكانية عدم كشف هذه البينات، وعدم إلزام السلطة باحترام حق المشتبه به بالحصول على إجراءات محاكمة عادلة، بما يعد انتهاكاً لحق المعتقل الإداري في معرفة سبب اعتقاله، فمن حق كل شخص أن يعرف سبب اعتقاله، وتنص المادة 9(2) من العهد الدولي المذكور "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" على ما يلي: "يجب إبلاغ كل شخص يقبض عليه بأسباب القبض عليه لدى وقوعه، ويجب إبلاغه على وجه السرعة بأية تهمة تُوجَّه إليه".
احتج المعتقلون الاداريون على هذه السياسة ورفضوها بأساليب مختلفة، ولجأوا إلى القيام بالإضرابات المفتوحة عن الطعام جماعيا وفرديا، وقد نجح عدد منهم في وقف والغاء اعتقالهم الإداري، وتحررهم من السجن، بعد فترة طويلة من الاضراب عن الطعام وصلت حياتهم خلالها إلى مرحلة من الخطر التي تهدد بموتهم، ما جعل سلطات الاحتلال تضطر إلى الافراج عنهم، كان آخرهم الأسير الغضنفر أبو عطوان بعد اضرابه المفتوح عن الطعام الذي استمر 64 يوما.
وفي هذه الأيام يواصل 14 معتقل إداري الاضراب المفتوح عن الطعام مطالبين بوقف اعتقالهم الإداري والافراج عنهم فورا، مكررين بذلك أسلوب من سبقهم من المعتقلين الإداريين، الذين نجحوا بالتحرر من الاعتقال الإداري بعد فترة طويلة من الاضراب المفتوح عن الطعام، كاد أن يفقد بعضهم حياته من جراء هذا الاضراب، وهؤلاء المعتقلون يلجؤون إلى هذه الوسيلة بعد أن فشلت كل الوسائل الأخرى لتحريرهم من الاعتقال الإداري.
والأسرى المضربون عن الطعام، هم: سالم زيدات، ومحمد اعمر، ومجاهد حامد، ومحمود الفسفوس، وكايد الفسفوس، ورأفت الدراويش، وجيفارا النمورة، وماهر دلايشة، وعلاء الدين خالد علي، وأحمد عبد الرحمن أبو سل، ومحمد خالد أبو سل، وحسام تيسير ربعي، وفادي العمور، والأسير أحمد حسن نزال موزعين في معتقلات النقب، وريمون، وعوفر، ومجدو. ويذكر أن الإضرابات الفردية الرافضة للاعتقال الإداريّ مستمرة، جرّاء تصعيد سلطات الاحتلال في سياسة الاعتقال الإداري، وتحديدًا منذ شهر أيّار المنصرم، علمًا أن غالبية الأسرى الإداريين هم أسرى سابقون أمضوا سنوات في سجون الاحتلال.
إن الاعتقال الإداري بالصورة التي تمارسها سلطات الاحتلال مخالف للقانون الدولي الإنساني، ويشكل ضرباً من ضروب التعذيب النفسي، ويرقى لاعتباره جريمة ضد الإنسانية، وجريمة حرب بموجب ميثاق روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يجرّم حرمان أي أسير حرب، أو أي شخص مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية، الأمر الذي يخالف ما نص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي كفل حق المعتقل في المحاكمة العلنية.
إن لجوء المعتقلين الإداريين إلى الإضراب عن الطعام الفردي والجماعي هو الوسيلة الوحيدة لوقف الاعتقال الإداري وتحررهم منه، ومن هنا ينبغي تفعيل وتطوير الدعم والاسناد والتضامن الشعبي الفلسطيني والدولي لإضرابهم، حتى ننهي ملف الاعتقال الإداري، وتحرير كل الأسرى الإداريين منه.
وسوم: العدد 939