جمهورية مصر العربية .. وتصريح الرئيس السيسي
يفتقد السوريون بحق الدور الأثقل لجمهورية مصر العربية في معركتهم ضد الاستبداد المقيت، وضد المشروع الصفوي الطائفي الرهيب الذي يهدد كل الدول والمجتمعات العربية على السواء ..
فالعلاقة التاريخية الجيوسياسية بين الشام ومصر، وكذا بين الشام والعراق، لم تكن يوما عاطفية عابرة ، ولا مصلحية نفعية رجراجة، وإنما بقيت منذ كُتب التاريخ علاقة تساند وتعاون وتعاضد وتكامل، وكلما هبت الريح على أحد الطرفين وجد في الآخر ركنا ومتكأ ، وكلما تطلع أحد الطرفين إلى الإنجاز احتاج إلى الآخر نصيرا وظهيرا...
إن عملية التمييز بين موقف المجتمعات وموقف الحكومات عملية دقيقة حساسة، لا تنفع معها الانسياقات العاطفية، ولا التعميمات اللفظية، ولا الرؤى الشمولية ..ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى هذا التمييز.
ندرك بكل الواقعية أبعاد الموقف الأخوي القومي الإنساني لعموم المجتمع المصري، مما يجري في سورية وعلى السوريين ..
ونقرأ الترجمة العملية لهذا الموقف في الاستقبال الدافئ الذي يلقاه مئات الألوف من السوريين، الذين لاذوا بأرض الكنانة وشعبها بأمل كبير وصمت مهيب، والذين شهدت عشرة أعوام من الهجرة أنهم لم يسيئوا قط الاختيار !!
المشهد السوري بكل تعقيداته وتلافيفه ومع كثرة الأيدي العابثة فيه، بحاجة إلى موقف مصري "رشيد"
موقف للدولة المصرية يكون نصيب الحكومة المصرية فيه موازيا ومكملا لدور الشعب المصري الشقيق والعظيم . أليسوا يقولون في تعريف الدولة أنها " الشعب والأرض والسلطة والنظام " بهذا المعنى المشهد السوري بحاجة إلى الدور المصري.
والمشهد السوري بحاجة إلى الدور المصري، المتحرر من عبثية ردات الفعل الصغيرة. والإحن الصغيرة. ونزيد فنقول وإن الموقف من الثورة السورية بعدما أسفر الصبح وسطعت شمس النهار، ليس موقفا من مشروع" الربيع العربي" ولا هو موقف من تيار ثوري، ولا من معادلة فئوية أو حزبية، إنه موقف من مشروع حرب مفروضة على الأمة، وجمهورية مصر العربية الدولة والمجتمع جزء منها ، وعنوان هذه الحرب " تكون هذه الأمة أو لاتكون " بالصريح المكشوف أعلنها حسن نصر الله تحت المظلة الأمريكية وصوته يتهدج..
وإذا كان حريا بنا ونحن في قرارة المعاناة أن نذكر " جمهورية مصر العربية" بهذا الكلام، فإنه يمكن أن يهدى في الوقت نفسه لدول الجامعة العربية على كافة المنصات ..
كلمتان قالهما الرئيس السيسي بالأمس في لقائه مع الرئيس الروماني...كلمتان مع صدق العنوان نالتا حظهما من سوء الإرسال وسوء الاستقبال..واستحقتا منا هذا التعليق..
الكلمة الأولى : الإشار ة إلى الأطراف الإقليمية التي تحاول فرض الأمر الواقع في سورية بعيدا عن المقررات الدولية ..!!
وأول سؤال نطرحه هل الأطراف الإقليمية وحدها التي تحاول فرض الأمر الواقع أم أن هناك أطرافا دولية ومنها روسيا والتحالف الدولي - الأمريكي والصين فلم يتغاضى رئيس مثل السيسي عن الدور الأخطر ، لمنظومة 17 قرار فيتو لفرض الأمر الواقع في مجلس الأمن ..هو مجرد تذكير !!
ثم الأطراف الإقليمية التي أراد أن ينوه بها الرئيس...
من من هي الأطراف الإقليمية التي تحاول أن تفرض الأمر الواقع على الأرض السورية والشعب السوري، أليس هو الفريق الذي تتجاوز ميليشياته متعددة الجنسيات في سورية المائة ألف مرتزق جاؤوا يحملون إلى السوريين مشروع الذبح باسم الثأر المبني على حقد وكذب !! أليسوا هم الذين ينتشرون بغطاء دولي من درعا حتى القامشلي ؟؟ أهل الشام يقولون فقط للتذكير : لا يهم أن تجلس منحرفا المهم أن تتكلم عدلا ..وبقولهم في هذا السياق نقول!!
والكلمة الثانية المهمة في حديث الرئيس المصري: هو تعبيره: رفض الأمر الواقع عبر إجراء تغييرات ديموغرافية قسرية هناك، وقال المولدون لهذه العبارة إن المقصود بالسياق هو الدولة التركية..لا شك أن التوليد المذكور هو توليد مقعدي قيصري..
إن الذين يحدثون التغييرات الديموغرافية القسرية في سورية أشهر من أن يذكروا، وهم يضعون على أجندة مشروعهم كل الأقطار العربية، ومن العبث السياسي، وتمييع الاحترام للذات، أن يكون المرء ضد الحوثيين في اليمن ومعهم في العراق والشام ولبنان !!
نعم الساحة السورية وبعد أن أجلب عليها بشار الأسد كل عتل زنيم في أطراف هذه الأرض ، بحاجة إلى الدعم العربي الرشيد حاجتها إلى الدور التركي الرشيد... العجب كل العجب الذين يرون في الدور التركي نقيضا وهو دور رائد ومكمل ...
نحن السوريين ،ونحن تحت الرحى لا نزعم أننا سنصلح الأمر في العالم وعلى كل الجبهات ، ولكن مع عمق الجراح في المشرق العربي، واتساع رقعة التحديات، وشمول المشروع المعادي كل الأقطار ..نحن جميعا بحاجة إلى لقاء على جوامع أكبر ؛ يكون في ركيزتها كل من بقي فيه بقية من شيمة، أو حذر على الذات لمواجهة الغول الأشد والأنكى ..والذي يفتك فلا يبقى ولا يذر ...
إن الذين علقوا الرئيس صدام حسين على المشنقة في ضحى يوم عيد، وبالإذن الأمريكي الصهيوني ، مستعدون لتعليق كل رجل.. كل امرأة ..كل طفل.. وليس فقط كل رئيس .. لعلكم ترشدون.
وسوم: العدد 953