ازمة إعادة افتتاح القنصلية الامريكية في القدس الشرقية
لا يبدو ان حلا وسطا للازمة الحالية بين دولة الاحتلال وحليفتها أمريكا فيما يتعلق بقرار الولايات المتحدة الامريكية افتتاح القنصلية الامريكية في القدس الشرقية قد يقبل بعد تصريحات نفتالي بينت ويائير لابيد التي اقترحوا فيها على الإدارة الأمريكية فتح قنصلية لها في رام الله لتقديم خدمات للفلسطينيين، القنصلية كانت قد أغلقت بقرار من ترامب عام 2019 بعد اعلانه بان القدس عاصمة موحدة لدولة الكيان في العام 2017. الا ان جو بايدن وعد خلال حملته الانتخابية بانه سيعيد فتح القنصلية في القدس الشرقية في حال فاز بالانتخابات الي جانب بعض الوعودات الأخرى لتحسين العلاقة مع الفلسطينيين. إسرائيل ترفض وتعتبر ذلك خطوة قد تمس بسيادتها علي القدس ما يعني انها لن تقبل بمقترح حل وسط يقضي بدمج القنصلية والسفارة في القدس لأنها تعتبر أي تغير في التمثيل الدبلوماسي الأمريكي في القدس يجسد خطوة عملية لإلغاء اعلان ترامب الذي انتهك كافة المواثيق والقوانين الدولية الصادرة بشأن اعتبار القدس ارض محتلة وان أي تغيرات فيها باطلة نصا وقانونا. منذ اعلان ترامب حتي يومنا هذا وإسرائيل تكس إجراءات تهويديه علي الأرض لتوحيد المدينة واقتلاع الفلسطينيين منها في اكبر عملية تطهير عرقي تجريها إسرائيل منذ احتلالها الأرض الفلسطينية عام 1967 حتي الان من خلال اطلاق ايدي المستوطنين وتوظيف القضاء الإسرائيلي للاستيلاء على بيوت الفلسطينيين في اكبر حيين فلسطينيين هما (حي الشيخ جراح وحي ببطن الهوي), كما ان عملية التطهير العرقي لم تستهدف الاحياء وعقاراتهم بل الأموات أيضا في مقابرهم باعتداء سلطات الاحتلال وجرافات بلدية الاحتلال علي مقبرة (اليوسفية التاريخية) وتحويل قسم كبير منها لحديقة توراتية للمتطرفين اليهود.
يوليو الماضي طلبت اسرائيل من واشنطن رسميا عبر وزارة خارجيتها بتأجيل افتتاح القنصلية في القدس الشرقية تحت زريعة ان اقدمت الولايات المتحدة في هذا الوقت على افتتاح السفارة سوف يوفر مادة مهمة للمعارضة الإسرائيلية التي يقودها نتنياهو لإسقاط حكومة نفتالي بينت وهذا الاجراء سيؤثر سلباً على استقرار الحكومة وثباتها. اليوم وبعد ان استطاعت حكومة نفتالي بينت تمرير موازنة كيانه وهو الوقت الذي طلب فيه نفتالي بينت تأجيل افتتاح القنصلية بالأمس خرج نفتالي بينت ويائير لابيد وزير خارجية الاحتلال وافيغدور ليبرمان ليعلنوا ان إسرائيل نجحت في اعتماد موازنة الدولة والذي كان من شانه ان يؤثر على استقرار حكومته , حول مسالة القنصلية في القدس قال نفتالي بينت "ان حكومته تعارض وبشدة الان قيام إدارة بايدن على افتتاح قنصلية للفلسطينيين في القدس الشرقية واكد ان إسرائيل هي صاحبة السيادة في القدس وقال اننا أبلغنا ذلك لإدارة بايدن" , وعلي ما يبدو ان نفتالي بينت واقطاب حكومته وجهوا رسالة قوية لبايدن وادارته ان إسرائيل لن تسمح في الوقت الحالي بقيام إدارة بايدن بافتتاح القنصلية الامريكية في القدس الشرقية تحت أي ظرف كان.
لا اعتقد ان تذهب العلاقات بين إسرائيل وحليفتها الي المربع السيء علي اثر ذلك ولا اعتقد ان إدارة بايدن يمكن ان تنصف الفلسطينيين علي حساب إسرائيل ولا اعتقد ان ادارة بايدن تسعي بالفعل الي إعادة العلاقات بينها وبين الفلسطينيين الي عهد أوباما لذلك فأننا اليوم امام ازمة وتوتر بين الحليفتين لكن في ذات الوقت قد لا تقبل إدارة بايدن ان تقرر إسرائيل اشكال العلاقة بين إدارة بايدن والفلسطينيين وتلغي إسرائيل برفضها افتتاح القنصلية ووعد مهم من وعود بايدن الانتخابية لجمهوره الانتخابي وهذا من شانه ان يزيد من حدة الانتقادات لإدارة بايدن والتي اخذت بالاتساع خلال الفترة الأخيرة علي خلفية مزيد من الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الانسان الفلسطينيين وصمت المستوي الرسمي الأمريكي علي ذلك ,بل ان الانتقادات وصلت الي ارسال نواب أمريكيين ونقابات عمالية وخدماتية أمريكية ونشطاء رسائل موقعة من مئات الأعضاء الي إدارة بايدن بتقيد الدعم المالي والعسكري الإسرائيلي من ضرائبهم لإسرائيل لأنها تستخدم هذا المال في الاضرار بحالة حقوق الانسان في فلسطين .وهذا ما يجعلنا نتوقع ان تحاول إدارة بايدن استخدام أوراق في يدها للضغط علي إسرائيل لتقبل افتتاح القنصلية الأمريكية بالقدس الشرقية.
المعهود في سياسة إسرائيل هنا انها دائما تحاول توظيف كل موقف بينها وبين الإدارة الامريكية لمزيد من التأييد الأمريكي لسياستها الاحتلالية فاعتقد ان حكومة نفتالي بينت قد تقبل في النهاية قيام إدارة بايدن بافتتاح القنصلية في القدس الشرقية مقابل وقف إدارة بايدن انتقاداتها لحكومة الاستيطان الإسرائيلي اثر سياسة التغول الكبير في أراضي الضفة الغربية او قد تقبل حكومة نفتالي بينت افتتاح القنصلية بالقدس الشرقية بتعهد الولايات المتحدة الامريكية بان لا تفتح ملف القدس في أي مفاوضات قادمة برعاية أمريكية بين إسرائيل والفلسطينيين او قد تقبل إسرائيل بعد تعهد إدارة بايدن بان تتخلي عن مبدا حل الدولتين واعتباره مبدا يستحيل تطبيقه و الموافقة علي خطط الحلول الاقتصادية التي بدت إسرائيل رسميا في فرضها علي الفلسطينيين . قد لا تتسبب هذه القضية بأزمة كبيرة بين أمريكا واسرائيل لان لدي الطرفين الكثير من الأوراق لمزيد من المناورة والمقايضة خاصة إسرائيل التي ترغب بمزيد من غض النظر عن الإجراءات الاحتلالية التي تمكنها من تحقيق مشروعها الكبير في كيان يهودي على التراب الفلسطيني بما فيه أراضي العام 1967, وفي ذات الوقت لا يمتلك الفلسطينيين أوراق ضغط على إدارة بايدن للوفاء بتعهداته على الأقل بإعادة افتتاح القنصلية الامريكية لرعاية الشؤون الفلسطينية في القدس الشرقية كخطوة اولي لتحسين العلاقة مع الفلسطينيين.
وسوم: العدد 954