في المكفرات المهلكات... والمكفرات الماحيات، وهذه بشرى ..
والمهوم الأول للمكفرات نعوذ بالله منه، وهي بإيجاز مكثف: الاعتقادات والأعمال الكفرية، التي نص العلماء أنها تخرج صاحبها من الملة. والعياذ بالله..
وقد أكثر العلماء العالمون من الكتابة فيها، للتحذير منها، ولا أقول بالغوا، بل مزجوا على وجه التحذير في ذكرها واستقصائها بين مفهومي الكفر ، الكفر المخرج من الملة، والكفر الذي دونه كما بوب البخاري رحمه الله تعالى "كفر دون كفر" ومثل له بقول الرسول صلى عليه وسلم للنساء "وتكفرن العشير" وله أمثلة كثيرة في الشريعة، في أحاديث ونصوص تحذيرية تختم.
بالقول "فقد كفر..." واختلف في بعض النصوص العلماء في إلحاقها بأي المفهومين!!
ونصيحتي لكل من أحب، إذا حفظوا من تلك العناوين شيئا أن لا يقوموا بإسقاطه لا على الأفراد ولا على الجماعات. ويكتفي أحدنا بالقول " عدّه فلان في المكفرات" مثلا وأذكر مما مر معي في حاشية ابن عابدين أنه عد قول العامة " يطعم الإنجاص من ليس له ضراس" في المكفرات، وقال هذا اعتراض على الحكمة . فنورد القول للزجر والوعيد ولا نقول لكل من سمعناه يتلفظ بهذه الكلمة يا ك ا ف ر . ولاسيما وهي منتشرة على ألسنة الناس ولها أخوات. وقد احتج على الله والعياذ بالله - ابن الراوندي الزنديق فقال ينظمه:
كم عالمٍ ...عالمٍ أعيت مذاهبه... وجاهلٍ ..جاهل تراه مرزوقا
هذا الذي ترك الألباب حائرة ..وصيّر العالم النحرير زنديقا
وقوله : أعيت مذاهبه، ويروى طرائقه، يعني قدرته على اكتساب الرزق..
نعوذ بالله من كل اعتقاد وقول وفعل يبعدنا عن الله ..
و الدلالة الثانية للفظ " المكفرات" ونسأل الله أن يزيدنا منها هي جملة أعمال القلوب والجوارح التي يكفّر بها الله الذنوب، ويمحو الله بها الخطايا، ويشير إليها غالبا بلفظ " الكفّارة" وقد تكون الكفارة عقوبة شرعية مقررة على مخالفة شرعية مقدرة، فكفارة اليمين، وكفارة الإفطار في رمضان، وكفارة الظهار، ثم هناك مكفرات عامة منصوص عليها، وهي غير مقررة ولا مقدرة.. ويقال هذه الأعمال مكفرات للذنوب والخطايا .. وأهمها الصلاة إلى الصلاة، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان - اللهم بلغنا رمضان- وتعهد النفس بجميل الاستغفار، " إنه ليغان على قلبي فأستغفر الله في اليوم سبعين مرة " نبيكم استغفر من " الغين" يا أصحاب الران ( بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم )
حدثتكم فأطلت لأبشركم ..وأزيدكم علما بالمكفرات الماحيات الصالحات في هذه الأيام الكالحات ..
ومن بات مهموما مغموما بأمر المسلمين، يناجي فيهم ربه، ويقلب كفه، يسأله يا رب كيف السبيل؟؟؟!!! فحاله هذا مكفر - بإذن الله -لذنوبه وخطاياه..
ومن غسل قلبه قبل أن ينام من غل وحقد، ونام صافي النفس قرير العين، لا يريد سوء لأحد ...كان ذلك مكفرا لذنوبه وخطاياه، وهو أبلغ في استحقاق المغفرة، من قيام الليل وطول تهجد وصلاة.. تذكرون حديث يطلع عليكم رجل من أهل الجنة بروايته الطويلة.. وختامه والله يا ابن أخي ما هو إلا ما رأيت، إلا أني لم أبت غاشا لمسلم ..الكلام سهل والتحقيق نسأل الله فيه للكاتب وللقارئ معا..
بقليل من ماء السماحة نغسل قلوبنا من غل ومن حسد ومن بغضاء وكراهية، قبل أن ننام ..
لا يليق بالعبيد، وهم يعملون بحب في طاعة مولاهم أن يتشاحنوا بينهم...!!
قليل من ماء السماحة يكفي، وإلا فاستعد وإن كنت وصاحبك الذي تحمل الغل عليه، وتستعدان لدخول الجنة، والغل مشرش، ومتجذر، إلى عملية "نزع" تؤهلك ليليق بك المقام، أو لتليق به.. ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ) والعرب تسمى عملية خروج الروح من الجسد، " النزع " والنزع مهما كان رفيقا رقيقا فهو نزع ، وسماه نزعا ليدلل على مدى رسوخه وتجذره !!
اللهم ارزقنا أن نمحوه بأيدينا فنقدم عليك خالصين، مخلَصين، انتبه دائما إلى فتحة اللام في المخلَصين حيثما وردت في القرآن الكريم..فأراها اختيار سابق، وإكرام مخصوص ..
والنوع الثالث من المكفرات الماحيات للذنوب والخطايا هو الهم المشروع بالرزق والعيال والأطفال، الهم كيف أعيلهم؟؟ كيف أنشّئهم؟؟ كيف أربيهم؟؟ كيف أعلمهم؟؟
الهمُّ بفقيدهم ولا يعلم والداه عنه خبرا ، وبسجينهم تتوالى الأخبار عما يلقى أو تلقى كل يوم من رهق وعذاب، والهم بطريدهم أخرجه الظالمون من أرضه ودياره وألقوا به على قارعة أرض الله، يحكمها ويتحكم بها إنسان، والهم بمريضهم!! وبضعيفهم!! وبمقترهم ألا يحتاج، وبغنيهم ألا يطغى ـ وبكاسبهم أن يكسب من حلال ..
كل تلك مكفرات يمحو الله - بفضله ومنته الذنوب والخطايا- ..
سيجد والداك اللذين أهمهما فراقك وضياعك كل ذلك محفوظا في كتاب..وهي مكفرات أيضا وماحيات..
وقد خاب وخسر عبد يزعم أن الله لا يغفر ...
اللهم كفّر خطايانا، وأذهب الغل والحزن عنا وارحمنا ..
وسوم: العدد 954